العالم الآن

حرب اللقاح

أقلعت سبوتنيك V... متى أبولو؟

أقلعت سبوتنيك V الروسية للقاح ضد فيروس كورونا، بـ (تدشين) قومي من الرئيس بوتين، لتدخل حرب اللقاحات العالمية أحد أكثر فصولها شراسة وتسيساً، وربما، أقلّها: صحةً وعلماً وطباً!!

وحرب اللقاحات العالمية، معلنة ومشاهدة على مدار الساعة، وموازية لخريطة الصراعات الجيوسياسية، وخاضعة لمنطق ومنهج هذه الصراعات. بهذا المعنى، هي (حقل حربي) ملتهب، لم يتمكن مصير (الوجود البشري) برمته، من نقله من أتون المعارك ونارها المستعرة، إلى مخابر العلم ومناخها المحايد ونتائجها المضمونة والموثوقة.

مرةً جديدة، تواجه البشرية سؤال الثنائية المتضادة: (مع – ضد)؟

مَنْ (مع) اللِقاح الروسي، ومن (ضده)؟

السؤال منهجياً، هو استكمال لـ (الإدارة السياسية) التي تقود حرب اللِقاحات، وما أنتجته من ثقافة خاصة لخدمة هذه الحرب، التي بدورها أنتجت حالة (الضياع)، التي بدأت مع إقلاع فيروس كورونا المستجدّ من المطارات الصينية، باتجاه مختلف دول العالم، في أواخر العام 2019. وخلال شهورٍ ستة مضت، تم استكمال صناعة (المتاهة) التي تقيم البشرية فيها الآن.

الجواب على سؤال الثنائية، سيكون حتماً مطابقاً لأي جواب عن سؤال من الثنائية السياسية، وهي هنا وعلى وجه التحديد: روسية – أميركية/ أوروبية. وبسبب هذا التطابق، ستقود هذه الحرب مفردة (اللِقاح) لتطابقها على مفردة (الهوية)، ليصبح اللِقاح الروسي في مواجهة اللِقاح الأميركي والغربي عموماً. وعلى ذلك ستتطور أدوات الحرب ووسائلها وستشمل الخريطة العالمية بمواقعها السياسية.

مشهد مستقيلي:

[حرب اللِقاح / الهويّة، سيؤدي إلى توزيع للقوى المتحاربة على مقياس الخريطة السياسية، ومنعاً من التعديات أو التسريبات أو التهريب، ربما، سيتم استخدام علامة خاصة بكل لِقاح، لتمييز الروسي عن الأميركي عن الأوروبي، وستجري مفاوضات للوصول إلى اعترافات متبادلة، ومهما كانت نتيجتها؟ أميركي واحد لن يأخذ لقاحاً روسياً، وروسي واحد لن يأخذ لقاحاً أميركياً، إلاَّ (الخائن)؟ الذي ستتم معاقبته، بمنع السفر أو التوظيف أو السياحة…. وهكذا سيتم إخضاع الجواب على موجبات الولاء القومي والموقف السياسي].

مثال عن تمظهرات الحرب

[في بلدٍ مثل الجمهورية السورية الآن، ستعتمد الدولة اللقاح الروسي، فيما ستعتمد المعارضة، وحسب مكان إقامتها، اللقاح الأميركي أو البريطاني، أو الأوروبي الموحّد، فيما ستعتمد الفصائل الإرهابية في ادلب ما تمنحه لها تركيا. فيما لبنان سيشهد انقساماً حاداً وضياعاً متزايداً، إلى الوقت الذي تقرر فيه الرياض وطهران وأبو ظبي ودمشق فضلاً عن باريس ولندن وواشنطن…. ماذا يجب أن يأخذ اللبنانيون، كل حسب طائفته ومذهبه وموقعه السياسي. إذا لم يحصل الاتفاق، سيبقى الناس في أسرِ(مناعة القطيع) إلى أن يتدخل الرئيس ماكرون مرة جديدة!!]

في هذه الحرب، لا أحد مستعد للأخذ بالحذر العلمي… أبداً؟

استخدم الرئيس بوتين أسلحة من العيار الثقيل. الأول هو إطلاق اسم سبوتنيك على اللقاح، ما يعني صراحةً خروجه من دائرة التنافس منتصراً. لم يعد أحد بجانبه، يسير في فضاءٍ آخر. السلاح الثاني يتمثل في زجّ ابنته في المعركة للحصول على فائض ثقة، تشجع (البشر) على التقدم باتجاه الترياق الروسي، الذي سيصرع كورونا إلى الأبد.

في الجانب المقابل، لا تزال الأسلحة المستخدمة من طراز تقليدي، كاتفاق منظمة الصحة العالمية والدكتور الأميركي الأشهر فاوتشي على التحذير من اعتماد اللقاح قبل نجاحه في الاختبارات السريرية الكاملة.

مليار جرعة، قال الرئيس بوتين أنها مطلوبة، فيما ترامب لم يستطع اعتماد أكثر من رقم مائة مليون، ما يوحي بعدم التوازن، غير أن الحرب العالمية لم تتوقف معاركها بعد، وربما سيتمكن الأميركيون بمساعدة أوروبة من استعادة الريادة في الشهور القادمة؟

لِقاحً أو طعمٌ؟

مهما كان المصطلح، الأكيد، أنَّ فلاديمير بوتين أقلع على متن سبوتنيك V ومعه 145,938,540 روسي، لتجاوز مدار وعالم كورونا.

أقلعت سبوتنيك الروسية…. هل ستقلع أبولو الأميركية، ومتى؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق