الشرع الأعلى

قراءة استعادية في كتاب أنطون سعادة الصراع الفكري في الأدب السوري

(محاولة في تأصيل الحداثة)

قراءة استعادية في كتاب أنطون سعادة الصراع الفكري في الأدب السوري

(محاولة في تأصيل الحداثة)

ندوة فكرية

 

بطاقة معلومات

  • عنوان الندوة: قراءة استعادية في كتاب أنطون سعادة:

                الصراع الفكري في الأدب السوري.

  • المشاركون: –   الدكتور نعيم اليافي.
  • الأستاذ محمد جمال باروت.
  • الدكتور عصام نور الدين.
  • الدكتور مروان فارس.
  • كتب ورقة العمل وأعدّ الندوة وأدارها: نزار سلّوم.
  • تاريخ الندوة: آذار 1996، بيروت.
  • تمهيد: انقضى ربع قرن على انعقاد هذه الندوة التي، ربما، إلى هذا التاريخ هي الوحيدة التي تناولت كتاب أنطون سعادة: الصراع الفكري في الأدب السوري، على نحوٍ منهجي مستقل، في محاولة لمواجهة تجاهله وتغييب تأثيره في حركة الحداثة.
  • سنبدأ، بنشر أبحاث الندوة تباعاً، ابتداءً من ورقة العمل العامة، التي ارتكزت إليها هذه الأبحاث، لأنّها – برأينا – تشكّل مرجعاً نقدياً مهماً لدراسة حركة الحداثة وتاريخها.

إشارات

  • وضع أنطون سعادة هذا الكتاب أثناء اغترابه القسري في الأرجنتين (1938-1947). وهو في الأصل حلقات نشرها في صحيفة “الزوبعة” في العام 1942. وقد جاءت هذه الحلقات كلها تحت عنوان واحد هو: “الصراع الفكري في الأدب السوري: ثلاثة كتب وتعليق في ديوان”.
  • طبع هذا الكتاب مرات عدة. أولها عام 1942، ثم عام 1947.. وعام 1978… فضلاً عن نشره في سلسلة الآثار الكاملة (جزء 11).وغيرها.
  • مقاطع من مقدمة الطبعة الأولى التي وضعها أنطون سعادة بتاريخ (15 ديسمبر 1942):

“في شهر مايو من هذه السنة وقعت في يدي نسخة من العدد الثاني، السنة الأولى، من مجلة “العصبة” التي كانت تصدر في سان باولو، البرازيل، وهو العدد المخصص لشهر فبراير سنة 1935. كانت نسخة ونسخة الغلاف وقد انتزعت منها صفحات عديدة والصفحات الباقية مخلخلة ومهددة بالعطب. مع ذلك رأيت أن أنظر في هذه الصفحات، وأقف على ما فيها، فوجدت نص مراسلة أدبية بين ثلاثة أدباء سوريين، هم أمين الريحاني، ويوسف نعمان معلوف وشفيق معلوف. والمراسلة المذكورة، عبارة عن ثلاثة كتب مشتملة على آراء ونظريات في الشعر والشاعر. والشعر والشاعر يدخلان في موضوع الأدب الذي كان قد استلفت نظري ما يجري من تخبّط وتخليط فيه. قرأت الكتب الثلاثة المشار إليها، وقرأت التعليق الأخير الذي ألحقه بها شفيق المعلوف حين دفعها للنشر في المجلة المذكورة. فشعرت بالنقص الفكري الكبير الذي مثلته الكتب في هذا الموضوع، وبالحاجة إلى درس يتناول موضوع الأدب في أساسه، ويجلو الغوامض الكثيرة التي أثرّت فيها سهام الرماة وضاعت مجهودات الكتاب”.

“… وكم كنت أتألم من تفاهة الأدب السائد في سورية، وأشعر أنّ فوضى الأدب وبلبلة الأدباء تحملان نصيباً غير قليل، من مسؤولية التزعزع النفسي والاضطراب الفكري والتفسخ الروحي المنتشرة في أمتي“.

“… قررت الكتابة في هذا الموضوع، بالاستناد إلى ما ورد في مراسلة الأدباء الثلاثة المنشورة في مجلة (العصبة)”.

“… أتممت هذا البحث في ثمانية أقسام تشبه المقالات، نشرت متلاحقة في ثمانية أعداد من “الزوبعة”، ابتداءً من العدد الصادر في 15 أغسطس وانتهاءً في العدد الصادر في 1 ديسمبر 1942”.

  • أثّر هذا الكتاب، تأثيراً مميزاً، في حركة الحداثة الأدبية والفكرية، رغم تجاهل هذا الأمر من قبل العديد من المؤرخين النقديين، ونعزو هذا التجاهل لأسباب “إيديولوجية” كون أنطون سعادة، نفسه، هو زعيم الحزب السوري القومي الاجتماعي.
  • حاولت الندوة، من خلال إقامتها وأبحاث الذين شاركوا فيها، وضع “التاريخ النقدي لحركة الحداثة” عند إحدى عتباته المتميزة العالية. داعية أصحابه إلى ريادة هذه العتبة تعرّفاً واكتشافاً، وصولاً إلى صياغة “تاريخ نقدي” جديد شامل ومتكامل.

ورقة عمل عامة

يكتنف تاريخ الحداثة (الشعرية خصوصاً) إشكالات متعددة، تجعل من هذا التاريخ (بداية ومسيرة) مسألة خلافية أخرى، تصل إلى تأسيس حدود تناقضية لرواياته المتعددة.

بعيداً عن المماحكات الشكلانية فيمن يكون الرائد الأول، أو الحداثي الأول: نازك الملائكة… أو عبد الوهاب البياتي، أو غيرهما؟ فإن “تأصيل” الحداثة يعتبر المسألة – الأساس التي يمكن الاستناد إليها في صوغ “تاريخ واحد” لإحدى أهم المحطات الإبداعية في تاريخنا المعاصر.

-أ-

لم تصل المحاولات النقدية التأريخية لمسألة الحداثة وتأصيلها إلى يقين واحد. لا يعود ذلك إلى ما تُتخم به هذه المسألة من عناصر وعوامل متشابكة، ومصاحبات غامضة ملتبسة، بل وعلى الأغلب، إلى سيطرة “النزعة الإيديولوجية” على منهج هذه المحاولات. ونقصد بالنزعة الإيديولوجية هنا، ذلك البعد التصنيفي – الاستبعادي “المتماهي مع السياسي” الواضح أحياناً، والمضمر أحياناً أخرى، الذي تمارسه هذه المحاولات على كل ما لا يتفق مع منهجها وموقعها ومراميها.

وكان أن أدى ذلك كله، إلى حصول حالة من القطيعة (فراغ) بين مسارات المحاولات النقدية، وذلك كإكمال لحالة القطيعة التي كانت سائدة وللأسباب نفسها، بين مسارات حركة الحداثة، إلى الحد الذي يدفعنا للافتراض أنه ليس ثمة “حداثة”، بل ثمة “حداثات”، متعددة، لكلٍ منها مسارها المكتمل بمنهجها النقدي التأريخي الخاص.

-ب-

أنطون سعادة (1904 – 1949)

يظهر كتاب أنطون سعادة “الصراع الفكري في الأدب السوري” في “تاريخ الحداثة” الذي صاغته محاولات نقدية متعددة، في أماكن نادرة ومحدودة. ولعل ذلك يعود بالدرجة الأولى إلى سيادة “النزعة الإيديولوجية” التي استبداداً، قامت باستبعاد هذا الكتاب فتجاهلت تأثيراته ومناخاته التي فرضها في الحقبة الزمنية الحاسمة، التي شهدت “البدايات المكتملة” لحركة الحداثة.

وبالرغم من خرق هذا التجاهل لاحقاً، في بعض المحاولات النقدية، كما في بعض السير الثقافية، (ما كتبه أدونيس على وجه التحديد في سيرته الثقافية)، فإن ذلك لم يكن كافياً بما يؤدي للافتراض بأن البحث النقدي لهذا الكتاب يوازي أو يقارب مكانته الحقيقية.

-ج-

يمكننا، بالاستناد إلى هذه “الفذلكة”، طرح إشكالية حضور كتاب أنطون سعادة “الصراع الفكري في الأدب السوري” في المحاولات النقدية التأريخية للحداثة.

ذلك في المستويين التاليين:

أولاً: كيف يبدو هذا الكتاب بعد انقضاء نيف ونصف قرن على صدوره (صدرت الطبعة الأولى عام 1942). أي كيف يمكن النظر فيه لجهة منهجه خصوصاً، ومضمون دعوته إلى التجديد بوجه عام؟

وفي المستوى نفسه أيضاً: أيبدو تأثير الكتاب جليّاً في تيار الحداثة؟ بالرغم من إغفال ذلك نقدياً!!

ثانياً: كيف يمكن تحرير الفعل النقدي، وتالياً، التاريخ النقدي للحداثة، من المصاحبات الاستبدادية الناتجة من ريادة “النزعة الإيديولوجية” – في بعدها السياسي المباشر – لهذا التاريخ، أو غير ذلك من أبعاد وعوامل مرتبطة بها، وذات منحى تعسفي أو في الأقل انتقائي؟

———————————————–

الحلقة القادمة: تجديد المنهج، الدكتور نعيم اليافي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق