جماليات
- نوفمبر- 2024 -17 نوفمبر
“كل ما في الأمر”
قصائد الشاعر الفلسطيني وليد الهليس الجديدة “كل ما في الأمر” تبدو كمرايا خافتة الضوء مرّة ومشتعلة مرّة أخرى، وهي في الحالتين كمن ينحني على يومياته ليقرأ سطورها: هي قصائد البوح عن خفايا العيش في ملكوت التأمل، والإصغاء لما يمور في خلايا التأمل من وجد نتجول في حصاده الغزير بالعاطفة، بل وبالحنين الذي يستعيده الشعر على نحو فيه الكثير من اعتناء الشاعر باللغة واقتصاده في توظيفها بما يليق قصيدة النثر. وليد الهليس في “كل ما في الأمر” (منشورات مركز سيرجيل – دمشق – 2023) ينتمي لجيل الثمانينيات في القصيدة الفلسطينية، أي تماماً “إلى القصيدة الجديدة” حيث تنفتح حدقة الشعر على الذات…
أكمل القراءة » - أغسطس- 2024 -20 أغسطس
تفاصيل
طوال سنوات الدراسة الثانوية والجامعية كانت غرفتي في نظري جنة صغيرة، مع أن فرشها بسيط. سرير ضيق عليه غطاء أخضر ذو ريشات بيضاء، قربه صندوق صغير عليه راديو أخضر وأبيض، ومقاعد من الخيزران عليها مفارش من ذلك القماش نفسه، وطاولة عليها ضوء من الخزف والقش ومزهرية وكتب، خلفها مكتبة صغيرة صنعتها بنفسي، وفي طرف الغرفة مشجب عليه بيريه نيلية. ومن شدة الحب احتفظت، فترة من الزمن، بدراجتي الخضراء تحت عيني. يوم رجعت من جامعة موسكو في عطلةٍ صيفية، وجدت فرشاً آخر. سريراً واسعاً، ومقاعد، وخزانة من الخشب. فشعرت بأني غريبة عنها، أقرب إلي منها غرفتي في جامعة موسكو. ربما لم…
أكمل القراءة » - أبريل- 2024 -29 أبريل
فجرٌبعيدٌ…جداً
حدّق النظر مليّاً في عقارب ساعته، كانت تشير إلى الثانية وتسع دقائق وثلاث وأربعين ثانية. ابتسم بغموض وهمهم أنه ربما للمرة الأولى في حياته تستغرق الثواني منه انتباهه. مدّ أصابعه وغرسها عميقاً في خصلات شعره ومسّدها وكأنه يتعرّف عليها للمرة الأولى، كانت تلك الخصلات لزجة بعض الشيء بالرغم من أنه أخذ حمامه قبل ساعتين أو أكثر قليلاً. تحسس بعض الملمس الخشن لوجهه وأذهله أن تكون “ذقنه” نمت بهذه السرعة، لقد حلقها في الصباح …صباح هذا اليوم! وفجأة أحسّ بأنه قادر على سماع الأصوات المختلفة، دبيب النمل، نمو الأزهار، ربما صوت بزوغ الشمس أيضاً الذي سيحل في الساعة الخامسة وواحد وعشرين…
أكمل القراءة » - مارس- 2024 -15 مارس
الزمن
حلمت بأن بردى متدفق، واسع، في تلك المنطقة العزيزة قرب التكية. سحرني فارتميت فيه لأقطعه إلى الضفة الأخرى. وتبيّنت خلال السباحة أنه أعرض مما قدّرت فكدت أغرق. ساعدني شخص لا أعرفه قال لي: تمسكي بي! في المنام كان بردى فاتناً، فحاولت أن أستعيد المنام، وبقيت دقائق مغمضة العينين. لكنه تبدد. واسيت نفسي: لم يرحل بردى فقط، رحل أكثر من عقد من العمر! خطفت الحرب من الأطفال مقطعاً من طفولتهم، ومن الشباب سنوات من شبابهم، ومنا كهولتنا. سرقت منا الطرقات إلى سهولنا وجبالنا وبحرنا. تتنقل الحروب الغربية علينا، لكنها لا تنتهي. ولدينا دائماً أحياء ينتظرون أن يستشهدوا. ألم يعبّر عنا الطفل…
أكمل القراءة » - يناير- 2024 -30 يناير
خليل سلّوم
خليل سلّوم مختارات في جزأين: رؤى وأراء – قضايا ومواقف تقديم الناشر يقدّم مركز سيرجيل للثقافة والفنون مختارات من أعمال الأديب والشاعر الأستاذ خليل سلّوم، الذي وضع وكتب العديد من النصوص والدراسات والقصائد خلال حياته، وباستثناء صدور ديوان فوق تجاعيد الزمن، وقبله كتاب ضوابط اللغة في أربعة أجزاء، لم يُقدّر له نشر إنتاجه الأدبي كلّه، حيث كان مأخوذاً برسالته كمعلّم. الكتب التي قرأها، الأدبيّة والفلسفيّة والعلميّة وغيرها، وهي لا تكاد تُحصى، مليئة صفحاتها بملاحظاته وأفكاره وتداعياته ونقده لما جاء فيها. هو على الدوام قارئ ناقد لا يستسلم للنصّ المكتوب كائناً من كان كاتبه، فتحتشد حواشيه بين سطور النصوص التي يطالعها…
أكمل القراءة » - 27 يناير
وحدة…!
من سمات زمننا عزلة الإنسان. قد نشعر بالوحدة ولو كنا بين الأهل والأصحاب. ألأنهم لا يشاركوننا الأفكار؟ ألأنهم لا يرون المحجوب الذي نتوهّم أننا نراه؟ تهَب قرابة الدم الدفء، لكنها لا تروي الوجدان الظامئ دائماً إلى من يؤكد: نفهمك! ويتمنون، هم أيضاً، ما نتمناه! هل بدأت وحدة الإنسان يوم خرجنا من الأسرة الكبيرة لنشيّد أسرنا الصغيرة؟ يوم خرجنا من الحيّ القديم الذي تلمس فيه جدران الحارة أكتافنا، وتتابع العيون فيه من وراء أخصاص النوافذ خطواتنا؟ كانت الحرية فاتنة بعيداً عن الأسرة القديمة والحيّ القديم! طرنا في فضائها الساحر! وربما كانت الدنيا أقل قسوة، ووجدنا دائماً ذراعاً تحيطنا بحنان. أمس، قبل…
أكمل القراءة » - 16 يناير
المسرح حياة تستبق الحياة
( اختارت الهيئة العربيّة للمسرح السّيدة نضال الأشقر لقراءة “رسالة اليوم العربي للمسرح” هذا العام. وهذا نصّ الرسالة الذي وضعته السيّدة نضال وألقته في بغداد يوم العاشر من كانون ثاني 2024.) رسالة اليوم العربي للمسرح إنه زمنُ التحولاتِ والحصاراتِ وحروبِ التصفيةِ والإلغاءِ والصعاب، وكياناتُنا مشلَّعةٌ مخلّعةٌ مترنّحة. وسطَ هذا كلِه، وسطَ هذه الفوضى العارمة، وسطَ كلِ هذا الدمار، وسطَ هذا القتلِ والفساد، ومعَ كلِ ما يجري من حولِنا من تدميرٍ متعمَّدٍ لمدنِنا التاريخيةِ الرائعة، ولإنساننا وتدميرِ أرضِنا وبحرِنا وساحلِنا ومدارسِنا وتاريخِنا وثقافتِنا وذاكرتِنا، وسطَ هذا كلِه نقاومُ ونستمر. قبل الحربِ الأهليةِ في لبنان، كانت بيروتُ مسرحاً كبيراً لأحلامِ النُخبةِ منَ…
أكمل القراءة » - 4 يناير
أمسيات الزويتينة
الدنيا بدايات ربيع 1986، في الزويتينة، هذا المساء كان علينا أن ننتظر عودة أخي نزار من سفره. كنت قد انتهيت للتو من إنهاء واجباتي المدرسية. في الأفق البعيد بدت الشمس كسولة نوعاً ما في ذهابها لحضن البحر، ها أنا أستعجلها، نزار سيصل بداية المساء، هكذا أعلن لنا أبي، ها هو يزرع دارنا بخطواته المتوترة منذ بداية الظهيرة، فيما لا تنفكّ أمي عن تأنيبه، وإفهامه أن لا فائدة من هذا المشي المتواتر الذي يفقدنا أعصابنا وينذر بالشؤم…! يجب أن أعترف لكم هنا أنَّ أبي لم يتوقف يوماً عن قلقه هذا، وأنَّ أمي لم تتوقف هي أيضاً عن زجره لهذا القلق…
أكمل القراءة » - 2 يناير
الرقّة..أمّنا..نحبّها، وتجمعنا*
يا أوّلَ الجسرِ العتيج… يا أوّلَ الريحان حين تخضرُّ روحي في روابيها، وينامُ الكحلُ أخضرَ الدمعِ في محجريها.. تاركاً ليلهُ الطويل في شتلاتِ السطولِ الواقفة عند عتبةِ البابِ الخشبيّ العتيق…! يا برارينا الداشرة بالحبِّ، والعشبِ، والكيصومِ، والحرملِ، وشقائق النعمان.. يا أوّلَ النهارِ الغافي على تخومِ الخيالِ.. يا خيالَ التينِ الواقف عند النافذة الوحيدة في الحوش الجميلِ، وهي تكسِّرُ مرايا النهار حين يمشي إلى ضفائرها كفاتحاتِ الصلاة…! يا رفوفَ الذكرياتِ التي سافرتْ مع الغيمِ، وأجنحة اليمام، والقطا…! هلْ امسكتِ بخيالِ النهارِ الداشر على البابِ يا ” زليخة”…؟! ظلّكِ يتبعني يا “زَليخَةْ ” والسماءُ خفيضةُ الروحِ تسمعُ منّي ما أبوحُ و”أشتكي”…! للنهرِ…
أكمل القراءة » - ديسمبر- 2023 -2 ديسمبر
الشاهد الأعمى” للشاعر مردوك الشامي”
يضع الشاعر والناقد الأدبي مردوك الشامي، قارئ ديوانه الجديد “الشّاهد الأعمى” في مواجهة أحداث مستلـّة من الواقع الحي، ينكأ التوغل فِي مفاصلها جراحاً تنزّ دماً ومواجع. فهو يعزف على أوتار الألم السوري والعربي من خلال تجسيد معاناة شخوصه وهم في مواجهة ظروف قاهرة أفضت إلى نتائج أخلاقية مروعة وخطيرة. ومجموعته هذه إنما هي سيناريوهات كتبت بدموع ودماء ووجع إنسانها بوصفه عقلاً ووجداناً وحسّاً. ولأنها تنتمي إلى الزمان والمكان فقد ولدت من جدلية: قصر من رمال وكوخ فقير الحال، كما جاء على الغلاف الأخير للديوان. إنَّ عنوان هذه المجموعة “الشّاهد الأعمى” موحٍ وشديد الدلالة الرمزية وهو إذ يوشي بحجم المعاناة التي…
أكمل القراءة »