لعبت المرأة في تلك العصور الغابرة دوراً كبيراً ومؤثراً في رسم التصور الديني والغيبي الأول في ولادة الاسطورة الأولى، واحتفظت بموضع حب ورهبة في آن واحد، فمن جسدها تنشأ حياة جديدة، وما تفيض على أطفالها هو خصب الطبيعة بكل أشكالها.
في المجتمع القديم المتمركز حول الأم فاضت طبائع المرأة وصفاتها لتصبغ حياة الجماعة وقيمها وعلاقاتها وجمالياتها فحب المرأة لأطفالها هو العاطفة التي ميزت علاقاتها بالمحيط الأوسع، وتكوين أسرة كبيرة متحابة أوجدت بيئة أقرب إلى بيئة فردوس فقده الإنسان بحلول مجتمع الذكر الذي ضيّع السلام ربما إلى الأبد .
في بابل وآشور لم يستطع الرجل وحتى فترات متأخرة جداً من تاريخ المجتمع الذكوري أن يضع تحت وصايته حياة إمرأة قبل الزواج وأخذت تماثيل عشتار تأخذ أول عمل فني تشكيلي صاغه الإنسان على شاكلته، ولم تكن تلك المنحوتات والأعمال الفنية نتاج ولع فني جمالي بمقدار ما كان نتاج حس ديني وخبرة أولى من العصر الإلهي، فمع بدايات الثورة المدنية ازدادت الأعمال الفنية فلم تكتفي بعشتار لوحدها، وإنما أخذت منحى بعشتار وابنها وعالجت موضوعات مقدسة أخرى وحافظت صورة الأم العظمى على نطاق واسع في العهد السومري الاكادي والكنعاني والبابلي والآشوري.
كان وما زال للمرأة في كل المجتمعات حول العالم الدور الكبير في جميع المجالات الحياتية سواء أُعترف بذلك أو لم يُعترف، بدأ من دور الانسانة على هذه الأرض إضافة إلى دور الزوجة والأم مروراً باتخاذها آلهة معبودة وعاملة في الحقول والصناعة والتجارة وعازفة للموسيقى وكاتبة للشعر وكاهنة وحاكمة، وتعود قيادتها في بلاد ما بين النهرين الى العصور الحجرية (عصور ما قبل التاريخ) ثم في كل العصور التاريخية التي مرت.
المرأة النهرينية والحياة العامة
يُعد الزواج نقطة وصل بين الرجل والمرأة وهو ركن أساسي في بناء الأسرة المجتمع، وكانت بلاد ما بين النهرين تولي اهتماماً كبيراً لهذا الركن إذ يعتبر الهدف منه إنجاب الأطفال لاستمرار الحياة، والعائلة هي اللبنة الأساسية لتكوين المجتمع، وصلاحها يعني صلاح المجتمع وفسادها يعني فساد المجتمع، ومنذ وقت مبكر من تاريخ بلاد الرافدين عمل الحكام والمصلحون على تنظيم العائلة ووضع الضوابط لعلاقات أفرادها بعضهم البعض الآخر وأصدروا القوانين بهذا الخصوص.
إن التجمع الإنساني الأول لم يتأسس بقيادة الرجل المحارب الصياد بل تبلور تلقائياً حول الأم التي تجمع الأبناء حولها في أول وحدة إنسانية متكاتفة هي العائلة الأمومية، وأسلم الرجل قيادة المجتمع للمرأة ليس لتفوقها الجسدي وإنما تقديراً لخصائصها الإنسانية وقواها الروحية، فخلع عليها وعلى وظائفها البيولوجية من حمل وولادة ورضاعة سحراً استثنائياً وقيمة خاصة لإدراكه الأهمية البالغة للمولود لتمديد وجوده فأخذ يُثمّن الطفل، والأم التي تنجب الطفل.
وفي بلاد الرافدين فإن نوعاً من تقسيم العمل بين الرجل والمرأة مارسته المجتمعات الزراعية الأولى، ولعل المرأة هي من اهتدت للزراعة، وكانت أعمالها إضافة لتربية الأطفال تتعلق بطحن الحبوب وتهيئة الخبز والطعام وكذلك الغزل لصنع الملابس وتهيئة جلود الحيوانات والعناية بتلك الحيوانات المدجنة في حظائرها، بينما كانت واجبات الرجل تتعلق بصنع الأدوات الحجرية والأسلحة البسيطة وحماية الأرض المزروعة وصيد الحيوانات.
شرائع وقوانين
يعتقد بعض الباحثين أن تشعب حياة الفرد في بلاد الرافدين مع تطور الزراعة وإتساع الملكية، وتشكل المدن، وتشابك مصالح السكان، والمعبد والكهنة، كان السبب لنشوء تشريعات لحماية الفرد في المجتمع، وتنظيم شؤون الحياة في دولة المدينة، وأيضاً لابد من ملاحظة أن تغير الظروف الإقتصادية وتطور المدن وتراكم الثروات وبدء الحروب والتوسع العسكري كان له تبعاته على مستوى التشريع في العائلة التي شكلت النواة الأساسية للتشريع في النظام الأبوي.
لقد حوت شرائع بلاد الرافدين كل ما يتعلق بالتشريع المدني المتعلق بالزواج واشتراطاته ومتعلقاته المالية، والطلاق والتبني والخيانة والهجران والنكوس في عهد الزواج والميراث وحقوق الأرملة.
في البداية جاءت القوانين والتشريعات على شكل إصلاحات، فقد وضع (اوركاجينا) 2378-2371 ق.م الحاكم السومري لسلالة لجش إصلاحات اجتماعية تنظم حياة الأسرة ومكانة المرأة في مجتمع دولة المدينة السومرية، إضافة لتنظيمه الشؤون الإقتصادية وحده من دون سيطرة المعبد وكهنته على شؤون الدولة المالية. لذا برز (اوركاجينا) كأول مصلح في التاريخ حيث عاهد الإله ننجرسو على ألا يترك (الضعيف والأرملة للقوي) وهذا مؤشر واضح على أن المرأة شكلّت محوراً أساسياً في تعهدات الملك أمام الإله كبرنامج عمل يتعهد الإيفاء به لشعبه.
لقد ظهرت في حضارات بلاد الرافدين خمسة ألواح قوانين متميزة، وما جمع بينها أنها كانت قوانين لملوك السلالات المختلفة، وكانت تُكتب على الألواح الطينية أو على المسلات، وبدأت بشكل إصلاحات بعهد (اوركاجينا) لتصبح قوانين فيما بعد، فكانت على التوالي : إصلاحات اوركاجينا في لجش 2360 ق.م، ثم قوانين اور نمو في مدينة اور 2100 ق.م، فقوانين لبت عشتار ملك اسين 1930 ق.م ووصلنا منها 38 قانوناً، وقوانين مدينة اشنونا التي تحتوي على 60 قانوناً والتي سبقت في تاريخها قوانين حمورابي بعشرات السنين ، ثم قوانين حمورابي، والقوانين الآشورية التي اعتمدت على الكثير من مضمون شريعة حمورابي، مع بعض الإضافات والتشديد في بعض الأحكام ما يعكس الحالة المتقدمة من الرجل المحارب القوي الذي انعكس في عقوبات متشددة.
كان للمرأة حقوق قانونية ومالية نصت عليها القوانين، إذ كانت ذات شخصية مالية مستقلة فلها أن تمتلك الأموال المنقولة وغير المنقولة وتتصرف بها كما تريد، وقد تصبح تاجرة أو مرابية أو بائعة خمر وكانت تركتها تؤول إلى أبويها إن لم يكن لها أولاد يرثونها، وكان لها حق الزواج مرة ثانية في حالات معينة، وتقلدت وظائف إدارية وقضائية مختلفة، ولها حق التقاضي ولو ضد زوجها ولها حق الإدلاء بشهادتها أمام القضاة بشكل متساوٍ مع الرجل، إلى جانب الحقوق التي حددتها القوانين للزوجة. فقد فرضت عليها واجبات والتزامات يأتي في مقدمتها المحافظة على بيت الزوجية وعدم الإخلال بسمعته إذ نصت إحدى مواد قوانين اشنونا البابلي على طرد الزوج من بيته وخسران أملاكه المنقولة إن هو أراد تطليق زوجته وأم اولاده بسبب عشيقته، في حين نص قانون حمورابي على حق الزوجة طلب الطلاق من زوجها إن تكرر خروج الزوج من بيته وإتيانه أعمالاً تُحط من سمعته وسمعة زوجته، ومن ناحية أخرى كان على الزوجة أن تحافظ على سمعتها وشرفها وحُسن سلوكها ولا تؤتي ما يُغضب الزوج أو يُحط من كرامته وإلاّ وقعت تحت طائلة القانون فإما أن تُطلق أو أن تعاقب بعقوبة قاسية قد تصل الى الموت إن هي ضُبطت متلبسة بجريمة الخيانة الزوجية أو أن تُستبعد كآمة من قبل زوجها.
وحافظ قانون حمورابي على الأسرة وعلى الأحادية الزوجية، إلاّ في حالات خاصة لاعتبارات الإرث، وأولاد الرجل من الآمة لا يصبحون أحراراً إلاّ إذا تبناهم رسمياً، ولا تصير المرأة زوجة إلاّ بعقد مكتوب، يقدم العريس هدية الزواج للمرأة تنفعها إذا مات، بينما يقدم والد العروس بائنة هي في الجوهر أكبر من المهر، وهي تمثل حصتها في ميراث أبيها، وتُدفع أيضاً للإبنة إن صارت كاهنة، وبذلك يكون الزواج بالنسبة للمرأة مجالاً للملكية الخاصة بها، والواجب الأساسي للزوجة هو الإنجاب، فإن لم تقدر عليه كان بإمكانه أن يطلقها.
لكن القوانين السومرية والبابلية وضعت في طريق الرجل بعض الصعوبات للموازنة بين إرادته ومسؤوليته في سبيل ضمان عيش زوجته المطلقة وأولادها، إذ تنص المادة 59 من قانون أشنونا: (إذا طلق رجل زوجته بعد أن ولدت منه أولاداً، وأخذ زوجة ثانية فسوف يُطرد من بيته وتُقطع علاقته بجميع ما يملك، وليذهب إلى من يؤويه).
و (في حالة غياب الزوج لأكثر من 5 سنوات تُمنح الزوجة لوحة الترمل وتستطيع الزواج في بداية السنة السادسة، وإن عاد الزوج الأول وبرر غيابه يستطيع إستعادتها على أن يقدم للزوج الثاني بديلة عن زوجته، وفي حال وقوع الزوج أسيراً لدى العدو تتربص الزوجة بنفسها عامين دون زواج، فإذا كانت من موظفات القصر فإنه يُقَدم لها الطعام مقابل الخدمة، أما إذا كانت من عامة الشعب ولا عائل لها فتتقدم إلى المحكمة بالتماس ليخصص لها كوخ وقطعة أرض لإعالتها).
وكان يُنظر إلى الإجهاض بوصفه جريمة تصل عقوبتها إلى الموت، حسبما ورد في قوانين حمورابي وقوانين الفترة الآشورية الوسطى، إذ إن عقوبة التسبب في موت إمرأة حامل ازدادت تشدداً، ففي قوانين آشور الوسطى يجب أن يموت المعتدي نفسه، بينما في شريعة حمورابي يُحكم على ابنته بالموت، أما التشريع الذي لا سابق له في شريعة حمورابي ويعكس للمرة الأولى الطبيعة السياسية في القوانين الآشورية الوسطى فيكمن في النص الذي يقول : ( إذا سببت المرأة الإجهاض لنفسها واُّتهمت وبُرهن ذلك، فإنها تُخوزق ولا تُدفن)، وهذا يعكس بالتأكيد اعتبار حق التخلي عن الابناء مُلكاً للزوج فقط، وليس للزوجة أن تقرر ذلك.
وأشارت بعض القوانين الآشورية الوسيطة إلى حق الزوج تأديب زوجته وضربها أو سحب شعرها في حالات معينة. إضافة إلى القوانين التي نصت على العديد من الجوانب التي تخص المرأة المتهتكة وسفحها للمحارم ومعاشرة الأرملة، وفرض غطاء الرأس على النساء المتزوجات والأرامل عند الخروج للشارع.
الكاتبات
كانت هناك لهجة أساسية من لهجات السومرية تدعى (إيميسال)، وتعني لغة النساء، وهي لغة تتميز عن الشكل الشائع، وجرى تكرارها على شفاه النساء وتعتبر أكثر تناسباً معهن، وتكررت (الإيميسال) في الملاحم والصلوات وبعض التراتيل، فكانت تُستخدم لكلام النساء والإلهات، وكذلك كلام عبيدهن الذين كانوا خصياناً في العادة، ويذكر بعض الباحثين أن لهجة ” ايميسال” استخدمت في النصوص الأدبية عند النساء، ومن قبل الرجال في الجنائز والرثاء .
تميزت المرأة في مهنة الكتابة، وتشير بعض النصوص المسمارية إلى أن التعليم لم يكن مقتصراً على الذكور بل شمل الإناث أيضاً، ولكن لم يكن عدد الإناث من الكاتبات كبيراً مقارنة بالذكور وذلك لأن الواجب الأساسي للمرأة في المجتمع النهريني كان الإنجاب وتربية الأولاد في البيت، فضلاً عن إحجام الكثير من الأسر إرسال بناتها للتعليم بسبب تكاليف وأجور الدراسة، فقد وجد في النصوص أن معظم الكاتبات ممن استطعن التعلم كُنّ من الأسر الغنية، وبنات الطبقة المتنفذة في المجتمع ومن بنات الموظفين في القصور والمعابد وفي أكثر الأحيان كُنّ من بنات الكتبة أنفسهم، وأقدم الإشارات إلى ممارسة المرأة الكتابة وردت في العصر الاكدي إذ برزت :
- انخيدو انا: 2300-2225 ق.م، معنى إسمها “الربة زينة السماء” وهي ابنة الملك سركون الاكدي، أول شاعرة في التاريخ وواحدة من أعظم شاعرات العالم القديم، تولت أرفع منصب ديني في الإمبراطورية وهو ” الكاهنة العليا للإله سن في اور”، كانت تكتب معظم قصائدها باللغة السومرية. عملت انخيدوانا على مكافحة النمطية في التمييز بين الرجل والمرأة بتقسيم الوظائف وسَعَت إلى إنشاء فرص تعليمية ومهنية للنساء لتتساوى مع الفرص المتاحة للرجال في المعابد، كما عملت إنخيدوانا على إنشاء مدارس خاصة لتعليم الفتيات من الطبقة العامة
- زوجة الملك اور نمّو حاكم سركا 2112- 2059 ق.م (كتبت مرثية لزوجها عند وفاته).
- ابنة الملك سن كاشد: حاكم مدينة الوركاء في حدود 1865-1833 ق.م
وفي العصر البابلي القديم ورد ذكر عدد من الناسخات مع الموظفين التابعين للمعبد كانت معظمهن من الكاهنات منهن:
- إنانا – آمامو: كان والدها كاتباً أبا-طابم
- شآت-أيا، نن – آزو، آمات – شمش، مانا، آيا-توم، آمات-مامُو خدمت لمدة 40 عاماً وعاصرت حكم ثلاثة ملوك هم حمورابي وسامسو-ايلونا وآبي ايشو، آيا- كوزوب-ماتم.
- بليتي-ريمن: كانت كاتبة وأديبة ووصلنا منها نص أدبي رفيع.
ومن مملكة ماري وردت الإشارة إليهن بالنسوة الكاتبات واللواتي قُمنّ بإنجاز تدوين وثائق النساء الأخريات في مجتمعهن، ومما تجدر ملاحظته في نصوص العصور الآشوري والبابلي الحديث قلة الإشارة للكاتبات إذ ورد نص يفيد بأن الجناح الخاص بحريم الملك الآشوري كان يضم من بين الموظفين المهمين فيه (كاتبة الملكة) لتغطية مراسلاتها، وتنظيم تدوين الوثائق الخاصة بأملاكها. ولكن جاء في النصوص المكتشفة في موقع شاغار بازار ذكر لكاتبة تدعي (آبي-ليبورا) في عهد الملك يسمح-ادد 1780-1796 ق.م، وأيضاً (آما- دوكا) في زمن الملك شمشي -ادد.
مغنيات وعازفات
من المهن الأخرى التي مارستها النساء العزف والغناء حيث عكست الأختام واللُقى الأثرية وكتابات الرقم الطينية مشاركتها في العزف والغناء في مختلف عصور حضارات بلاد الرافدين، وكانت هذه المهنة تعد من المهن المرموقة وخاصة لعازفي المعابد. ومن أبرزهّن:
- اور نانشه: مغنية من عصر فجر السلالات الثالث التي اكتشف تمثالها المجسم في مدينة ماري.
- حفيدة الملك الاكدي نرام سين 2254-2230 ق.م التي كانت تعزف على الة الكنارة لإله القمر سين في مدينة كيرسو.
- ابنة الملك الكشي (ملشيباك الثاني) 1191- 1177 ق.م
وظَهر جلياً ممارسة المرأة للعزف في الأثر المعروف باسم (راية اور) الذي عُثِرَ عليه في المقبرة الملكية، وعلى أحد أوجهه مشهد لوليمة شراب يشترك فيها عازف الكنارة وتقف خلفه مغنية، كما عثر على طبعات أختام إسطوانية لنساء يعزفن على الآلة الوترية السومرية، وكذلك عُثِرَ في كيش قرب بابل على قطعة مطعمة بالصدف تمثل إمرأة تعزف على المضارب الرنانة، وهناك أيضاً جرة فخارية عليها ثلاث نسوة عاريات يحملن دفاً يقرعن عليه بالعصا، كما وجدت كمية من دمى الطين التي تمثل السومريات والبابليات اللواتي يعزفن على الدف المستدير، ووردت إشارات إلى تخصص مجموعة من الكاهنات في المعبد للقيام بالنواح والرثاء على المتوفين بمصاحبة الآلات الموسيقية وعزفهن الحزين.
المرأة – الآلهة
خلال العصور التاريخية أصبحت الحياة الدينية في بلاد الرافدين تقوم على تعدد الآلهة وكان يقدر عددها بالآلاف، ومن اهم الآلهة الأنثوية المعروفة التي عُبدت في العصور الحضارية لبلاد الرافدين فهي الآلهة السومرية (انانا) التي كانت مسؤولة عن الحب والانجاب والخصوبة نتيجة اقتران اسمها بذلك في النصوص السومرية، وعُرفت فيما بعد باسم (عشتار) آلهة الحب والحرب واتخذت شكلها كتجسيد لكوكب الزهرة نجمة الصباح والمساء، وعُثِرَ على قصائد وأناشيد في مدحها : ( انانا- عشتار مقامها عظيم بين الآلهة وكلمتها محترمة وسامية بينه)
ومن الآلهة الإناث الاخرى:
- اريشكيجال: أخت إنانا
- ننخرساك: كانت تعرف باسم (ننماخ) ايضا اي السيدة العظيمة وكان لها عدة اسماء اخرى هي ” اورورو- ننماخ – ننتو – مامي-ماري”وكان رمزها المحراث
- كولا: زوجة الاله ننورتا وهي الهة الشفاء
- شالا: زوجة الاله أشكور وهي الهة النار
- نانشه: الهة مدينة سرغل جنوب شرقي لكش والهة صيد السمك ورمزها السمكة وتوصف بانها مفسرة الاحلام ويصفها السومريون بانها راعية العدالة الاجتماعية وهناك تراتيل وادعية بحقها.
- بابا: وصفها أحد النصوص بانها ” ابنة السماء الاولى
الكاهنات
في الجانب الديني كانت المرأة كاهنة متعددة الأعمال في المعبد إذ كانت هناك أصناف من الكاهنات ضمت مختلف الشرائح بدءً بالأميرات وبنات الطبقات العليا مروراً ببنات الأسر المتواضعة الحرة، وبشكل عام كانت عادة تقديم البنات وتكريسهن للمعبد من الأمور المستحبة للوالدين ومدعاة للتفاخر، سيّما وأنه كان يسمح للعديد من الكاهنات القيام بأعمال أخرى فضلاً عن دورهّن الديني في المعبد، ومنها النشاطات الإقتصادية من بيع وشراء وإيجار وإقراض كما سُمِحَ لبعضّهن بالزواج والتبني، ومن الكاهنات نذكر :
- ابنة الحاكم اور بابا: حاكم سلالة لجش الثانية 2230-2113 ق.م كانت ماهنة معبد اله القمر في اور ويوجد لها آنية منقوشة عُثِرَ عليها في هذا المعبد.
- ابنة سركون الاكدي 2371-2316 ق.م
- حفيدة نرام سين 2291-2255 ق.م
- حفيدة الملك البابلي حمورابي 1792-1750 ق.م
- حفيدة الملك الكلداني نبو نئيد 555-539 ق.م .
- اينيتم: نالت لقب كبيرة الكاهنات في العصر البابلي القديم 2006-1595 ق.م حيث يتم اختيارها باستخارة الفأل وتكريسها عن طريق إرادة ملكية.
- والدة الملك سركون الاكدي ولدته سراً لانها كانت كاهنة عليا اذ لم يسمح لها بالزواج والانجاب
- لقب اينيتم يمنح لكبيرة الكاهنات، وناديتم ويعني إسمها المرأة التي تحمل القوة الإلهية، ويتم اختيار هذه الفئة من الكاهنات بنذرهن للمعبد منذ الولادة وكان يسمح لهن بالزواج مع منعهن من إنجاب الاطفال.
- شوكيتم صنف آخر من الكاهنات أبرز واجباتهن الدينية المساهمة في مراسيم الزواج المقدس وبخاصة مرافقة العروس ليلة الزفاف، وكانت هذه الكاهنة في بعض الاحيان زوجة ثانية لزوج كاهنة الناديتم لتقوم بانجاب الاطفال.
- القادشتم: أي المقدسة وكانت أقل مركزاً من السابقات وتشير النصوص لعملّهن كمرضعات وفي خدمة المعبد والقصر في آن واحد.
- كولماشتيم شغلت هذا المنصب نساء من الأسر الكبيرة وكان لهن حق الزواج وإنجاب الأولاد، ولا يفرض عليهن السكن في المعبد وعَمِلنَّ في العزف وترتيل الأناشيد.
المرأة – الملكة
يعتبر الجانب السياسي من الجوانب المهمة في حضارات بلاد الرافدين، لكن لم يُعثر في المصادر إلا على القليل من الأمثلة عن النساء التي تبوأنَّ إدارة الحكم أو كُنَّ أميرات فاعلات :
- سمورامات “سميراميس” باليونانية وشاميرام بالآرامية : معنى اسمها “محبوبة العالم” وبالارامية محبوبة الحمام، استلمت الحكم بعد وفاة زوجها الملك شمشي ادد الخامس 823-811 ق.م وابنه ولي العهد ادد نراري الثالث 811- 783 ق.م لم يبلغ سن الرشد بعد، وأصبحت وصية عنه لمدة 5 سنوات حتى بلغ سن الرشد، قلدت الملوك وأقامت مسلة لتخليد ذكراها في ساحة المسلات في معبد الإله آشور وكتب عليها : ( مسلة سمورامات ملكة -سيدة قصر- شمشي ادد كنة شلمناصر ملك الاقطار الاربعة)، وقد تخلت عن الصولجان عندما بلغت سن 62 من عمرها ثم اختفى إسمها بصورة غامضة .
- زاكوتو : ومعناه بالآكدية نقية، وهي زوجة الملك الآشوري سنحاريب 705– 681 ق.م ووالدة الملك اسر حدون 680 – 669 ق.م، ساهمت في حكم الدولة إلى جانب زوجها وكان لها نفوذ كبير في أرجاء البلاد، وتمكنت بحنكتها أن تجعل من إبنها اسرحدون ولياً للعرش بالرغم من أنه لم يكن الأبن البكر لسنحاريب، وأخذت على عاتقها مهمة بناء بابل التي قام سنحاريب بتدميرها في حربه معهم عندما سلط عليها مياه النهر، وقام ابنها اسرحدون بذكرها على قطعة من البرونز التي نُقِشَ عليها نحت بارز لهما، وتعتبر هذه القطعة البرونزية من الآثار النادرة التي تمثل الملك الآشوري بمعية إمرأة اذ لم يعتد الآشوريون على تمثيل نسائهم في ألواحهم ورسومهم، وبعد وفاة اسرحدون استعملت الملكة العجوز نفوذها، وأجبرت أحفادها وجميع ضباط الجيش والمتنفذين على الولاء لملكهم الجديد آشور بانيبال 668 – 626 ق.م وبهذا ثبتت الهدوء في البلاد لفترة من الزمن .
- آشور شرات: زوجة الملك الاشوري آشور بانيبال وتعتبر من النسوة القلائل اللواتي ظهرن في مشاهد على المنحوتات الآشورية، ومن القطع الشهيرة منحوتتها مع زوجها وهو يرفع كأس بيده اليمنى ليشرب نخب إنتصاره على الملك العيلامي وهي جالسة أمامه على كرسي مرتفع وترتدي الملابس المزركشة.
- ادد كوبي: اميرة عاصرت ملوكاً آشوريين وبابليين وهي والدة الملك نبو نئيد آخر ملوك الدولة البابلية الحديثة “الكلدانية”، قضت عمرها الذي تجاوز الـــــــ 100 عام في التعبد والصلوات وتقديم النذور وخدمة الإله سين في معبده في حران، الذي أقام لذكراها فيه إبنها الملك نبو نئيد مسلتان تذكران أعمالها وترويان طقوس ومراسيم دفنها ومقدار الأسى والحزن الذي عم البلاد حزناً على رحيلها.
- كشاشة: إبنة الملك نبوخذ نصر 605 – 562 ق.م
- جيكتو: إبنة الملك نركال شار اصر 559-556 ق.م
- بو آبي “شبعاد”: من أشهر الملكات السومريات، عُثِرَ على قبرها ملاصقاً لقبر أحد الملوك في مقابر مدينة اور الملكية، وقُدِرَ عمرها عند وفاتها ما يقارب 40 عاماً. وعرفت مكانتها الملكية من خلال الأثاث الجنائزي والكميات الكبيرة من الحاجيات والعربات والقيثارة الذهبية المكتشفة في مدفنها وثلاثة أختام اسطوانية من اللازورد تحمل إحداها إسمها ولقبها، وكذلك عُثِرَ على رفاة 59 جثة من الخدم والجنود وحملة العرش والموسيقيين دفنوا معها.
- ننبندا: ومعناه الملكة الصغيرة، ورد اسمها مدوناً على إناء معدني، وطبعة ختم أسطواني.
- كوبابا: ملكة سومرية يعني إسمها الإلهة بابا المقدسة، وحكمت عرش مدينة كيش الثالثة في حدود 2420 ق.م، وأسس إبنها بعد ذلك سلالة كيش الرابعة، وتعتبر كوبابا المرأة الوحيدة التي حكمت البلاد لوحدها دون مشاركة من زوجها او ابنها.
- ابي سمتي: عاصرت الملك امار سن ثم اخاه الملك شو سن وبقيت تُلقب بالملكة حتى السنة الثانية لآخر ملوك سلالة اور الثالثة ابي سن.
- كيمي انيلا: زوجة الملك ابي سن 2029 – 2006 ق.م
- شيبنو: هي زوجة الملك زيمري ليم 1780 – 1760 ق.م ملك دولة ماري وإبنة ملك دولة يمخد ( تقع شمال سوريا حالياً) تمتعت هذه الملكة بسلطات واسعة
- هناك ايضا عدد من النسوة تقلدن مركز حاكم مقاطعة وكانت أغلب هذه النسوة من الأميرات زوجات أو أخوات الملوك، وعثر على أسماء أميرات سومريات منهن : ( ديم باندا زوجة حاكم لجش السومري انسيتارزي وكانت تترأس الإحتفالات الدينية التي تقام في كرسو، والأميرة بار نمتارا زوجة لو كالاندا، والأميرة شاشا زوجة اوركاجينا ) إذ قمن بالإشراف على إدارة الأمور التجارية الواسعة النطاق وتصريفها في دويلة لجش.
مهن أخرى
ومن المهن التي مارستها المرأة إعداد الجعة وبيعها إذ ذكرت بائعة الخمر بشكل صريح في قانون حمورابي، ومن أشهر بائعات الخمر وصاحبة الحانة (سيدوري) التي ذُكرت في ملحمة جلجامش إذ التقى بها بطل الملحمة وهو في طريقه للحصول على نبتة الخلود.
كذلك مارست النساء مهنة الخياطة إذ يعود أقدم ذكر لهذه المهنة إلى عصر السلالات الأول فقد كانت من المهن السومرية المتعارف عليها في ذلك العهد، وكذلك مارست مهنة الخبازة مقابل أجور معينة، وعكست نصوص من سلالة اور الثالثة ولجش عن ممارسة المرأة لمهنة الحياكة وأن معظم العاملات كن من الإماء وأولادهن اللواتي يعملن في مصانع النسيج التابعة للقصر أو المعبد أو ورش خاصة كان يمتلها الأغنياء وذوي النفوذ في الدولة، ومارست النساء مهنة صناعة الحُصُرْ التي تعد من الصناعات المهمة في بلاد الرافدين إذ كانت تستعمل كغطاء للأرضيات وتسقيف المنازل، وكذلك عَمِلنَّ في المعادن إذ يشير نص من مدينة كارانا إلى أن بعضاً من الحدادين أو المشتغلين بالمعادن كان لديهم إماء تساعدهم في إنجاز أعمالهم سواء كان ذلك في مشاغلهم الخاصة أم في مشاغل الدولة، وأشارت بعض المصادر لعملها كبائعة متجولة داخل المدن فقط، وكذلك مارست مهنة رعي الماعز التي تَبين بأن لها جذور تمتد إلى عصر فجر السلالات السومرية، وزاولت ايضاً مهنة الحلاقة ومما يرتبط بذلك الكشف في المواقع الأثرية اكتشاف أدوات الزينة التي استخدمتها النساء آنذاك.
ومهنة القبالة إذ كانت المرأة الممتهنة لهذه المهنة تنتقل بين البيوت عندما يحين وقت الولادة وتردد الصلوات والتعاويذ لتسهيل الولادة وتجلب معها بعض الأدوية.
كما كانت المرأة آمة تُعامل كسلعة تجارية يمكن بيعها وشراؤها وإيجارها وإستئجارها ومقايضتها ورهنها وحتى وراثتها وإهدائها، ولم يكن لها شخصية تُعرف بها بل كان يشار إليها بمصطلح (رأس انثى) عند السومريين عند ذكر عددهن كما لو كن من الماشية والاغنام.
أما الذين كانوا يشتغلون في الحقول فكانوا عادة يباعون بالجملة مع الأراضي التي يعملون بها وكأنهم جزء منها، ولم يراعِ المجتمع في ذلك الوقت العلاقات العائلية عند بيع العبيد، فكانت الزوجة تُباع دون زوجها والأولاد دون والديهم، وكان ثمن الرجل عادة أكثر من ثمن المرأة والطفل، وكانت الآمة تقوم بخدمة سيدها فتشتغل بالحقل وتنجز الأعمال البيتية وتساعد ربة البيت بتربية الأطفال، كما كانت تستخدم لإنجاب المزيد من العبيد لسيدها، والأطفال الذين تلدهم الآمة من زوج معين ( ينتخبه لها سيدها أو أي من الرجال الذين يعيشون معها في بيت سيدها) يعودون إلى مالكها وله الحق في بيعهم أو استخدامهم لأي عمل يبتغيه، وأقصى ما كانت تتمناه الآمة أن تقع موقع الاستحسان في عيني سيدها فيعتبرها محظية له، وتأخذ حريتها مع أولادها الذين أنجبتهم منه بعد وفاته، ولا يرث أولادها والدهم إلاّ إذا تبناهم واعترف بهم رسمياً .
تساؤلات
- هل طُبقت هذه القوانين على أرض الواقع بشكل صحيح ودائم؟ أم انها قوانين دُونت وطُبقت في عهد الملك الذي شرعها وأُهمل تطبيقها فيما بعد؟
- لماذا استخدمت عقوبة القسوة الجسدية والموت فيما يخص المرأة دون الرجل؟
- هل لعبت المرأة هذه الأدوار المجتمعية ومارست هذه المهن رغبة بالعمل فيها أم كانت مرغمة عليها لحاجتها المادية أم استغلالاً لجهودها أم لمساواتها ونيل حقوقها المشروعة في المجتمع؟
استنتاجات
- مركز المرأة في مجتمع حضارة بلاد الرافدين لم يكن كمركز الرجل الذي كان يحتل مركز السيادة، رغم أن بعض الباحثين يعتقدون أن الدور الرئيسي في العصور الحجرية كان للمرأة وليس للرجل أي أن المجتمع كان أمومي وليس أبوي.
- كانت المرأة على مر تاريخ هذه الحضارات المحور المكمل في العديد من الأعمال كالزراعة والصناعة والتجارة وغيرها من الأعمال، إضافة لدورها في الحياة الأسرية، والثقافية والدينية والسياسية.
- أُلِهت المرأة في حضارة بلاد الرافدين بدءً من العصور الحجرية كالآلهة الأم مروراً بالآلهة التي عُبِدت فيما بعد كالآلهة إنانا – عشتار وغيرها، لأن الاعتقاد السائد عند بعض الباحثين بأن الألوهية لم يمتلك القوة، وبما أن المرأة كانت هي مَنْ يحمل الجنس البشري ويلده فهي مالكة القوة، واستدرك سكان بلاد الرافدين بإعطاء هذه الالوهية للرجل لأنه أصبح مركز القوة فيما بعد حسب اعتقادهم فأصبح عدد الآلهة الإناث لا يُذكر بالنسبة لعدد الألهة الذكور.
- بالرغم من أن حقوق المرأة فيما يخص جوانب عديدة مكفولة في القوانين التي شُرعت لصالحها، ولكن ليس هناك ما يُجزم بتطبيق هذه القوانين الخاصة بها على أرض الواقع في كل العهود.
- بعض المواد القانونية لم تنص على نفس الحكم بين الرجل والمرأة في نفس القضية كالخيانة الزوجية، إذ تميز الرجل بعقوبة أقل من المرأة التي تكون عقوبتها قاسية تصل للموت أو الاستعباد أحياناً.
- حَكَمَ بلاد الرافدين ملوك توارثوا الحكم الذكوري، بينما لم نجد نصوصاً لملكات استلمن الحكم إلا القليل ممن لعبت الصدفة بتواجدهن في هذه المناصب إذ حكمت عدد من الملكات بدل أزواجهن أو أبنائهن عندما يذهب أزواجهن للحرب أو عندما يكون أبناؤهن صغار السن وغير مؤهلين لاستلام الحكم.
- استخدم بعض الملوك السومريين بناتهم الأميرات كوسيلة لحل المشاكل السياسية ما بينهم وما بين حكام دول أو مقاطعات مجاورة لهم من خلال تزويجهن بهؤلاء الحكام. ———————————————— .
- رابط فيلم قصير عن شاميرام / سميراميس
سميراميس .. ابنة الآلهة التي ربّتها الحمائم فأصبحت أعظم ملكة آشورية في تاريخ نينوى وبابل