مرة أخرى، يعيد الزلزالان المدمران اللذان ضربا جنوب تركيا وشمال سوريا تذكيرنا بخطورة بناء السدود التركية العملاقة في هذه المنطقة الناشطة زلزالياً والواقعة على تقاطع فوالق زلزالية. وفي الوقت الذي نعبّر فيه عن الحزن والأسف لوقوع هذه الكارثة الكبيرة، نكرّر الدعوة إلى القيام بكل ما هو ضروري ولازم من قبل دول المنطقة، وبخاصة الجارة تركيا، لمواجهة كارثة أكبر مستقبلاً وتفادي أو التقليل من آثار احتمالات ممكنة لانهيار السدود وبحيراتها العملاقة.
بهذه المناسبة الحزينة، نعيد قراءة وتفحص هذا الملف من خلال مراجعة وتحليل بعض المعطيات والمعلومات في ضوء المستجدات العلمية بهذا الخصوص:
العلاقة السببية والأخرى التأثرية
في جديد هذا الملف، نُشرت مداخلات كثيرة خلال الأيام الماضية لذوي الاختصاص اخترنا منها مداخلتين مهمتين وبعض التعقيبات عليهما. هاتان المداخلتان تبدوان متعاكستين مضموناً، ولكنهما تتفقان في نقاط جوهرية مهمة، ولهذا سنتناولهما بالمناقشة والتحليل:
المداخلة الأولى للخبير الأردني وأستاذ الجيولوجيا في الجامعة الهاشمية بالأردن د. أحمد ملاعبة، وخلاصتها أن «السدود التي بنتها تركيا على حساب سوريا والعراق لها دور جيولوجي في حدوث الزلزال». ولكن د. ملاعبة يستدرك قائلاً إن «السدود لم تكن السبب المباشر لكنها ساعدت في وقوع الزلزال من ناحية جيولوجية»، مُرجعاً السبب إلى الخزين المائي الضخم لهذه السدود «الذي بلغ أكثر من 651 مليار متر مكعب» («روسيا اليوم» ووكالة «عمون»). وهذه كمية هائلة فعلاً ومدمرة وقادرة على إحداث ما يشبه تسونامي مدمر يطاول عدة بلدان عربية تمتد حتى الخليج العربي إضافة إلى تركيا نفسها.
الخبير الأردني أوضح أن هذه (الكمية من المياه في البحيرات تؤثر على القشرة الأرضية وحتى على الأرض بالكامل، وتعادل عشرة أضعاف المياه خلف سد النهضة الإثيوبي… وهي تعني الكثير بالنسبة للأرض بشكل كامل، ولو توزعت المياه في أماكن أخرى في اليابسة قد تكون الأمور أسهل مما هو عليه الآن)، لافتاً إلى أنه إذا (زادت المياه فهذا ما يؤدي إلى تمددها وزيادة كمية الماء الذي تخزنه وأيضاً تؤدي إلى عملية تمدد أو توسع للكسور الموجودة في الأحواض الجوفية وهذا يؤدي إلى خلخلة أو تكسير لهذه الفوالق الزلزالية وهذا ما حدث بالفعل).
وحول ما إذا كان هذا هو سبب الزلزال، أوضح الخبير والأكاديمي الأردني أن (هذا يسبب زلزالاً لكن في الوضع الحالي في الأناضول قد يكون ساعد في ذلك لأن النقطة الأساسية هي النقطة التكتونية وحركة الصفائح وخصوصاً الصفيحة العربية باتجاه الصفيحة الأوراسية أو الصفيحة الأناضولية الصغيرة).
تبقى مداخلة د. ملاعبة ترجيحية واحتمالية ولكنها منطقية أيضاً، ففي رده على تساؤل يقول ما إذا كانت السدود الكبيرة في تركيا قد زادت من قوة الزلزال، ولم تكن السبب الرئيس لأنها منطقة زلازل، قال د. ملاعبة: «نعم، إذا كانت هناك حركة لهذه الفوالق التحت أرضية والكسور فإنها، بوجود مياه ترشح أو تنزل إلى هذه الأحواض، تزيد من مساحة أسطح الفوالق وبالتالي تؤدي إلى حدوث حركة بنفس الحركة التكتونية التي تحصل بسبب الصفائح، لكن على مستوى الفوالق قد تمتد إلى مئة كيلومتر». نستخلص من هذه المداخلة تأييداً متحفظاً، ومشروطاً بوجود حركة لهذه الفوالق والكسور، لوجهة النظر الذاهبة إلى تأكيد تسبب عملية إنشاء السدود إلى هذه الدرجة أو تلك في وقوع الزلازل.
نفي جزئي ينطوي على التأكيد
المداخلة الجديدة الثانية، وهي مخالفة في المظهر لوجهة نظر د. ملاعبة، تأتينا من العراق على لسان د. واثق غازي عبد النبي، الأستاذ الجامعي المتخصص بعلم الزلازل في كلية العلوم بجامعة البصرة. في الأسطر التالية سأحاول قراءة وجهة نظره هذه ووضعها في سياقها الصحيح وليس بهدف نفي كل ما ورد فيها:
في إجابة د. عبد النبي على سؤال وجهَ له حول علاقة الزلازل بالسدود، قال: «هل الهزات الأرضية التي حدثت أخيراً في تركيا هي هزات أرضية ناتجة من أسباب طبيعية أم بشرية»؟ ركز على السبب الجيولوجي وحركة صدع الأناضول الشرقي التي هي نتيجة طبيعية لحركة الصفيحة الأناضولية باتجاه الغرب وحركة الصفيحة العربية باتجاه الشمال تقريباً وعلى تحليل ميكانيكية بؤرة الهزات الأرضية، وأهمل تماماً علاقة السدود وبحيراتها بذلك. أمّا السؤال الثاني فكان أكثر وضوحاً ويقول: «هل للسدود المنتشرة بالقرب من موقع النشاط الزلزالية دور في حدوث هذا النشاط»؟
على هذا السؤال أجاب د. عبد النبي بالنفي: [كلا، ليس للنشاط البشري أي دور في توليد الهزات الأرضية هذه. لا يمكن لأي نشاط بشري (بناء السدود، استخراج النفط أو الغاز، حقن الماء في الآبار، استخراج المياه الجوفية، حفر المناجم) أن يكون قادراً على توليد هزة أرضية بمقدار يزيد على ست درجات، والهزات التي حدثت تجاوزت هذا الرقم كثيراً. يضاف إلى ذلك العدد الكبير للهزات الأرضية خلال فترة زمنية قصيرة والذي لا يحدث في الهزات الاصطناعية (البشرية) لأنها تعبر عن وجود طاقة كبيرة ناتجة من ضغوط عالية لا يمكن لأي نشاط بشري أن يوفرها. فضلاً عن ذلك كله، فإن عمق البؤرة الزلزالية المسجلة لهزات تركيا يزيد على 8 كلم لجميع الهزات الأرضية، وهو عمق لا يمكن لتأثير النشاط البشري أن يصل إليه. الهزات الأرضية الناتجة من النشاط البشري تم تسجيلها في أقصى الحالات على عمق 4 كلم ولأسباب متعقلة بإنتاج النفط والغاز].
نلاحظ بدءاً أن المتحدث لا ينفي تماماً وجود علاقة بين العامل البشري متمثلاً في بناء السدود أو استخراج النفط ووقوع الزلازل، ولكنه يقول إنها ستكون زلازل ضعيفة، فهو يقول «لا يمكن لأي نشاط بشري كبناء السدود، استخراج النفط أو الغاز، حقن الماء في الآبار، استخراج المياه الجوفية، حفر المناجم، أن يكون قادراً على توليد هزة أرضية بمقدار يزيد على ستة على مقياس ريختر». وأضاف في موضع آخر: «الهزات الأرضية الناتجة من النشاط البشري تم تسجيلها في أقصى الحالات على عمق 4 كلم ولأسباب متعقلة بإنتاج النفط والغاز»، وهذا يعني أنه يعترف بحدوث زلازل نتيجة التدخل البشري، ولكنه يقلل من خطورتها وشدتها ليس إلاّ.
يمكن الاتفاق مع المتحدث على عدم وجود علاقة مباشرة بين زلزال مرعش الأخير والسدود التركية نظراً لشدة هذا الزلزال وعمق البؤرة الزلزالية فيه. وبخصوص الشدة، فالأمر يبدو صحيحاً، أمّا بخصوص العمق فثمة من ينقل عن «إدارة الطوارئ والكوارث التركية» قولها إن الزلزال وقع على عمق أقل من سبعة كيلومترات، بمعنى أنه قريب من سطح القشرة الأرضية أمّا المركز الأوروبي المتوسطي لرصد الزلازل فقد قال إن الزلازل الأخرى التي أعقبت الزلزال الأخير في تركيا كانت على عمق كيلومترين فقط، كما ورد في تعقيب للدكتور أكثم الناصري المتخصص في هندسة هايدروليكا المياه على مقالة د. عبد النبي. وحتى لو أخذنا بالأرقام التي طرحها د. عبد النبي فإن كلامه لا يعني عدم وجود علاقة بين إنشاء السدود والبحيرات وحدوث الزلازل بإطلاق القول والتعميم على جميع الزلازل والهزات الأرضية وجميع انهيارات السدود.
أمثلة فعليّة لسدود وزلازل
الأمر الثاني الذي يؤكد وقوع زلازل بسبب بناء السدود المائية والبحيرات الاصطناعية تؤكده هذه الأمثلة الموثقة:
– في 11 آذار 2011، انهار سد فوجينومو في مدينة سوكاغاوا، محافظة فوكوشيما، بعد 20 دقيقة تقريباً من زلزال توهوكو حيث تجاوز الخزان الكامل تقريباً قمّة السد. وقد أفاد السكان المحليون بأنهم سمعوا دوي انفجار قوي قبل رؤية أمواج مياه فيضان تجرفهم.
– في 1 آب 1975، وقعت هزة أرضية قوتها 5.7 درجة في منطقة تبعد عشرة كليومترات عن سد «أوروفيل»، في ولاية كاليفورنيا. كانت هذه الهزة لافتة لنظر العلماء، لأنّها وقعت في منطقة قليلة النشاط الزلزالي، وبعيدة من صدع «سان أندرياس» الزلزالي التكتوني غرب الولاية، لكن وقع الزلزال. وقد تعرّض هذا السد عام 2017 لخطر الانهيار، وانهار حاجز المفيض فيه فعلاً وتم إجلاء قرابة 200 ألف نسمة من المنطقة وتم إفراغ حوض السد من المياه لاحقاً.
– في الهند، ولاية «ماهراشاترا»، جرى الانتهاء من بناء سد «كوينا» في 1962، ومُلئت بحيرة «شيفاجيزاجار» خلف السد بالمياه في 1963، ووقع زلزال بقوة 6.5 درجة، فقتل المئات وجرح وشُرد الآلاف. لوحظ، هنا أيضاً، أنّ الزلزال وقع مع ارتفاع مناسيب المياه في البحيرة خلف السد في موسم الأمطار.
– في جنوب الصين، وقعت سلسلة من الزلازل في منطقة لم تحدث فيها الزلازل قط. وبعد إنشاء سد «هيسينجفي نجكيانك» الخرساني في الصين، ضرب زلزال عنيف المنطقة حيث بلغت قوته 6.1، وأدى إلى تخريب جسم السد، ما يدل على وجود علاقة بين السدود والبحيرات ذات السعات التخزينية الضخمة وبين الزلازل المُسْتَحَثَّةُ.
– بعد إنشاء السد العالي، وملء بحيرة ناصر بالمياه، ووصول المياه إلى أعلى مستوى لها في البحيرة، في 14 تشرين الثاني 1981 وقع زلزال بقوة 5.6 درجة، وكان مصحوباً بصوت دوي هائل كالمتفجرات، وقد شعر به سكان أسوان، إذ أحسّوا بالذعر وخرجوا من منازلهم، وقد تمكن الفنيون والخبراء من تحديد مركز هذا الزلزال تحت بحيرة ناصر بالضبط.
الأمر الثاني يتضمّنه جواب د. واثق عبد النبي على سؤال ثالث يقول «هل أثّرت الهزات الأرضية في تركيا على السدود هناك؟»، حيث أجاب: «السدود وجميع المنشآت الكبيرة تصمم وفقاً لمُعامل البناء الزلزالي لمنطقة البناء. هذا المعامل يعتمد على ما يسمى بخريطة المخاطر الزلزالية. وتركيا تملك خريطة مخاطر زلزالية ممتازة ومُعامل بناء زلزالي يراعي حدوث هزات أرضية بمقدار يفوق ما تم تخمينه، وذلك لضمان جودة البناء. طبعاً يراعى في مُعامل البناء الزلزالي الجمع بين سلامة المنشأ وكلفة إنشائه. بسبب ذلك، فإن السدود في تركيا تحظى بدرجة أمان عالية وهي تحت المراقبة الدورية، إذ إن كل سد له أجهزة رصد زلزالي خاصة به تحسب أصغر هزة أرضية يمكن أن تحدث». وعلى هذا الكلام سيأتي الرد في الفقرة التالية.
الفساد والأخطاء فاقمت الكارثة
لنسجل بدءاً أن نقداً حاداً وواسعاً وُجِّهَ بُعيد زلزال مرعش إلى أساليب البناء العمراني الخاطئة أو التي شاب بعضها الفساد في تركيا من أوساط هندسية تخصصية وسياسية معارضة داخل تركيا وخارجها بعد انتشار المشاهد المروعة للدمار الهائل الذي حدث والعمارات والبنايات الجديدة التي سحقت بشكل غريب وتحولت إلى تلال من التراب والرمال من دون أن تظهر منها غالباً أنقاض أو هياكل بارزة كالمعتاد في هذه الحالات. ونركز كلامنا على الربط الذي قام به المتحدث بين مخاطر حدوث الزلازل وبين بناء السدود بشكل محكم من دون أن يقصد ذلك على الأرجح. فالربط يبدو واضحاً ويتعلق بتضرر السدود حين تقع الزلازل؛ أي أن العلاقة ليست سببية، بل تأثرية. وهو محق هنا، ولكنه ليس محقاً في نفي وجود أية علاقة من أي نوع كان. ثم إن الباحث يحتج بوجود تصاميم للسدود وفق المعامل البنائي الزلزالي وخريطة مخاطر وأجهزة حديثة تقيس و«تحسب أصغر هزة أرضية يمكن أن تحدث» وهذا كلام مشكوك فيه بقوة على أرض الواقع كما قلنا، ولكن السؤال المهم هو: هل تضمن هذه الأجهزة والخرائط والتصميمات -على افتراض وجودها ودقتها- عدم حدوث زلازل في منطقة السدود، أو هل تضمن عدم تأثر أي سد من هذه السدود وتصدعه وانهياره إذا وقعت الزلازل؟ قطعاً لا! وهنا نعود إلى ضرورة ما دعونا إليه مراراً وتكراراً من ضرورة الحوار والتعاون بين دول المنطقة وبخاصة المتشاطئة وهي تركيا وسوريا والعراق وإيران حول هذا الموضوع، ووضع الخطط العلمية الضرورية لتفادي أية كارثة محتملة قد تقع كانهيار سد أو بحيرة اصطناعية عملاقة كسد أتاتورك.
إنّ البعض يختصر، عن حسن نية حيناً، وجهل بالمعطيات أحياناً أخرى، المشاريع المائية التركية بسدين مشهورين أو ثلاثة أو خمسة سدود هي: سد أتاتورك وتبلغ مساحته 817 كيلومتراً مربعاً، وسد كيبان 675 كيلومتراً مربعاً، وسد إليسو 313 كيلومتراً مربعاً وسد كاراكايا 268 كيلومتراً مربعاً، وسد هرفانلي 263 كيلومتراً مربعاً. أمّا الواقع فيقول لنا شيئاً مختلفاً يتعلق بشبكة هائلة من السدود التركية يزيد عدد المنجز منها على 861 سداً قيد التشغيل، من بينهما 208 سدود كبيرة يقبع خلفها عدد من البحيرات الاصطناعية التي ستحتجز فيها مياه الرافدين وروافدهما، بما يحوِّل منطقة الأناضول الناشطة زلزالياً إلى بحيرة هائلة قلقة، بل إلى بحر من المياه المعلقة بين الجبال والمرتفعات، وإنَّ انهيار سد واحد منها يعقبه انهيار إحدى البحيرات ستتبعه سلسلة انهيارات للسدود الأدنى منه بما يؤدي إلى حدوث طوفان حقيقي وليس أسطوري هذه المرة، قد يكون كفيلاً، بحسب المتخصصين، بإغراق العراق من شماله إلى جنوبه ومناطق شاسعة من الشرق الأوسط نزولاً حتى منطقة الخليج العربي. وقد تحدّث أحد الخبراء العراقيين (أصبح وزيراً للموارد المائية العراقية لاحقاً هو السيد حسن الجنابي) عن هذا الاحتمال في رسالة شخصية إلى الراحل هادي العلوي مؤرخة في 16 آذار 1996، وهي محفوظة في أرشيف رسائله الشخصية بحوزتي، وقال فيها: [إن سد أتاتورك يحتجز الآن 40 مليار متر مكعب من المياه وهذا يعادل تصريف نهر الفرات لمدة أكثر من عام، فإن تطلق هذه الكمية مرة واحدة (في حالة تدمير السد) يعني أن المياه ستجرف نصف العراق وتقذفه في الخليج].
الحل في تفريغ خزانات السدود جزئياً
وعلى هذا، وبسببه، فليس هناك من وسيلة لتفادي أية كارثة مدمرة في المستقبل أو التقليل من آثارها المروِّعة غير الحوار والتعاون بين البلدان المتشاطئة، العراق وتركيا وسوريا وإيران، والوصول إلى حلول ناجعة وفعالة من قبيل الإشراف المشترك على سدود وبحيرات هذه البلدان ووضع خطط فعالة في حالات الطوارئ لخفض الخزين المائي الهائل خلف تلك السدود إلى حد معقول وتوقيع اتفاقيات ثنائية وثلاثية بينها لتقاسم مياه الأنهار والروافد المعنية، وفق القوانين الدولية النافذة في هذا الصدد وفي مقدمتها اتفاقية قانون الاستخدامات غير الملاحية للمجاري المائية الدولية (Convention on the Law of Non-Navigational Uses of International Watercourses)، وهي وثيقة أقرتها الأمم المتحدة في 21 أيار 1997، وتحفظت عليها تركيا، ولكن الاتفاقية دخلت فعلاً حيز التنفيذ وأصبحت واحداً من القوانين الدولية المهمة والتي ستزداد أهميتها كثيراً في المستقبل المنظور مع تفاقم مشكلات البيئة وندرة المياه في عصرنا.
إنّ هذه الدعوة لم تعد مجرد أمنية تدخل في باب الترف التحليلي والإعلامي بل أصبحت ضرورة يؤكدها العلم، وقد عبر عنها خير تعبير د. عباس شراقي أستاذ الجيولوجيا بجامعة القاهرة الذي قال في رده على سؤال مباشر يقول: «هل يمكن أن يؤثر الزلزال وتوابعه على سد إليسو أو سد أتاتورك؟»، فأجاب د. الشراقي بالقول: «هذا ممكن، والأخطر -من سد أليسو على نهر دجلة- هو سد أتاتورك على الفرات – الذي تحتوي بحيرته الاصطناعية على 49 مليار متر مكعب، وقد حذرنا من ذلك منذ أول يوم وطلبنا بتفريغ جزء من تلك المياه بعد التنسيق مع سورية والعراق» (صحيفة «رأي اليوم»).
ملاحظة: لم أتوقف في هذا العرض التحليلي عند العامل الأمني والجيوسياسي في مناطق السدود في جنوب تركيا والتي تشهد منذ بضعة عقود حالة عدم استقرار أمني وجيوسياسي متصاعد يتمثل في أعمال العنف والتمردات المسلحة والتدخلات الأجنبية العسكرية لضيق المجال، ولكن هذا العامل سيبقى حاضراً ومهدِّداً أيضاً لفترة قد تطول كثيراً.
————————————————
تنويه: ننشر هذا المقال بموافقة مسبقة من الكاتب، وهو منشور في جريدة الأخبار اللبنانيّة بتاريخ 16 شباط 2023