جماليات

جراحٌ مملّحةٌ بالخوفِ … والسفرْ

العرس

في يافا؛

في البلدةِ القديمة

بيتُ أمي.

 ويوم عرسها بالذات،

لم يعد بيتها بيتها.

 

أبوابٌ كثيرة تحطّمت،

يومها؛

بيوتٌ كثيرة هناك،

صارت تلالاً صغيرة من اللحم والحجارة.

السماء انحسرتْ،

كان خوفٌ،

يومها،

وكان عرس.

 

في البلدةِ القديمة،

من يافا،

عرسُ أمي.

في البلدةِ القديمة،

بيتُ أمي.

العروس الصغيرة،

التي لم يذق طعام عرسها أحد.

 ساخناً تركوا مذاق الفرح على الموائد.

 

في البلدةِ القديمة،

بيتُ أمي.

بيتها الذي، في يوم عرسها بالذات، لم يعد بيتها.

جاء خوفٌ

أخذ العرس وأمي ومضى

 

العروس الصغيرة

تركت خاتمها،

على طرف طاولة الزينة،

في بيتها،

ذاك الذي لم يعد بيتها.

 

 

 

حلوُ ملحٍ

 

باهظون أولادنا.

نمشي بهم، وننوء

من هجرة الى هجرة،

إلى هجرة.

 

يملأون المدى،

يضربون الأرض بأقدامهم،

يشدّون أزر الحجارة.

 

كلّما ضاقت الأرض،

أوسعوا رحابها.

سحبوا محرمة الغيم،

ولوحوا.

 

 البنات يملأن الهواء غصونا،

يعلقن أحلامنا في فضاء سحيق.

 بنتٌ تنحني، فوق جذوتها.

ولدٌ يخبئ موجة،

في قميصه.

يسرقه البحر منا.

 

وفي الهدير،

تخرج الأم من عرينها.

تزغرد للبحر،

تقوّم انكسارنا.

تحبس الغيم في عيوننا.

 

 طعامُ العرس حلوُ مِلحٍ.

طعامُ الجنازة، أيضاً

خذي موجة وملّحيه،

ملّحيه، قليلاً.

(اللوحات للفنانة التشكيلية الفلسطينية تمام الأكحل)

وليد الهلّيس

شاعر من فلسطين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق