جماليات

يوميات الرجال المجوفين

(من أوراق خيسوس ماريا دي سانتا آنا)

 الإهداء: إلى جورج بغدصار

الورقة الأولى

القرية عام 1953

ولدت بعد (1937) عاماً من مولد السيد له كل المجد، أخبرتني والدتي أنَّ ولادتي قد حدثت في نهاية شهر آب من ذلك العام القائظ برمته، في قرية صغيرة مبنية منازلها من القرميد الطيني المسقوف بعوارض خشبية مغطاة بألواح خشبية تعلوها طبقة طينية سميكة ممزوجة بالقش تحمي المنزل في مواسم الأمطار الأسطورية من أن يغدو داخله مغطساً مائياً ومنتجعاً للضفادع وسرطانات الماء. تقع هذه القرية على الحافات الجنوبية لجبال السييرا مابسترا وتعوم في جوانبها المستنقعات الناتجة عن تلك الخوانق الصخرية للخليج القريب الذي يسمى خليج الخنازير أحد خلجان البحر الكاريبي الكثيرة كأصداف الرمال المبعثرة على رماله، والتي تمنع انزلاق أحشاء تلك المستنقعات إلى الخليج، وحيث يمكنك بسهولة رؤية جواميس الماء وهي تتعارك في تلك المستنقعات للحصول على مغطس يقيها من البعوض والذباب وقراد الماشية وصراخ عرائس البحر.

فاتني أن أخبركم عن اسمي، لأن هذا يزيد من حميمية حديثنا العائلي اليوم. اسمي هو خيسوس ماريا دي سانتا آنا، ولا تربطني اية صلة عائلية بالرئيس المكسيكي أنطونيو لوبيز دي سانتا آنا الذي اضاع نصف المكسيك للولايات المتحدة الأميركية، في منتصف القرن ما قبل الفائت، والذي خسر كل حروبه بدون خجل أمام

فولغينسيو باتيستا

جيش من المليشيات الأميركية النصف مدربة واللذين يلبسون بزاة مختلفة الألوان ويزينون قبعاتهم بالريش ويجرون عاهراتهم في نهاية طوابيرهم. هذه المليشيات التي تنتمي في معظمها إلى تلك الطائفة الهرطوقية للذين يدعون أنفسهم بروتستانت، حفظ الله كنيستنا الكاثوليكية من شرهم، والتي استطاعت انتزاع تكساس ونيو مكسيكو وفلوريدا منه، ربما لأن المكسيكيين يؤمنون بأن كل الحروب يجب أن تنتهي الساعة الرابعة بعد الظهر، ليتاح لهم الوقت ليذهبوا إلى الخمارات القريبة لاحتساء التيكيلا والروم. أعلم أنَّ إلهنا القدير واسع الحيلة، لكن لم أفهم حتى الآن حيلته بترك نصف اراضي كنيستنا الحبيبة تذهب إلى هؤلاء الشماليين المهرطقين. ربما كان هناك شيئاً ما يشغله أهم من المكسيك وسانتا آنا أو ان هذا هو ما أريد أن أؤمن به.

كان والدي يعمل في ورشته الخاصة ببناء سفن الصيد أو صيانتها وربما كانت هذه الورشة هي الوحيدة في تلك الأنحاء مما أمن له دخلاً محترماً لم تستفيد منه أسرته لأنه كان يضيعها في الحانات وعلى العاهرات المنتشرة في المنطقة. كانت أمي تفرغ جيوبه من النقود، من ما استطاع النجاة من مغامراته الليلية لتأمين إطعام أفراد الأسرة، وعلى كل حال لم يكن يعرف عندما يستيقظ صباحاً أن جيوبه قد تم غزوها، ربما لأنه كان لا يتذكر ما حدث معه في الليلة الماضية، أما انا نفسي فقد كنت الثالث بين سبعة أخوة وأخوات استطاع والدي انجابهم ربما لأنه كان يفتقد في تلك الليالي التي اضطر بها إلى البقاء في المنزل إلى النقود الضرورية في جيبه والتي ترغمه حينها للبس ثيابه والذهاب في مغامراته المسائية.

أمضيت طفوله سعيدة أو على الأقل أقنع نفسي أنها كانت سعيدة… أمضيتها بين الجداول وأعواد القصب أطارد الضفادع والعناكب الكبيرة وسراطين الماء، أثقب ألواح نبات الصبار المنتشرة بكثرة في تلك الأنحاء بأنبوب معدني لأشرب مائه وأصطاد الطيور بالشراك الخادعة التي كنت انصبها، أسبح في الخليج القريب مع أقراني نينو واوسكار السمين وخوسيه وماريا سول، أو على الصخرة المطلة على خليج أبعد صغير أصطاد السمك بصنارة خاصة صنعتها من أعواد القصب الكثيرة في تلك المنطقة، وأوتار قطعتها من بانجو عتيق وجدته مرمي في احد زوايا المستودع الملحق بمنزل الأسرة وإبرة معدنية عقفتها وربطتها إلى تلك الأوتار بعد أن حنيت نهايتها الأخرى لتساعدني في ربط الأوتار بها. كانت الديدان التي هي طعم الأسماك كثيرة في تلك المنطقة. يكفي أن أحفر بضع سنتمترات من التربة السطحية الحمراء المنتفخة لأراها تتكور على بعضها، والحقيقة أنني لم أكن صياداً ناجحاً، لأن أكبر سمكة علقت في صنارتي لم يزد طولها عن طول ابهامي. كانت حركه المد والجزر تحرم الصيادين على الشاطئ من متعه صيد أسماك بحجم تحفظ لهم كرامتهم الشخصية وكبريائهم، وكانت تلك التي اصطدتها هي تلك الأسماك الصغيرة العالقة في حفر مائية على الشاطئ تظهر بعد حصول الجزر، ولم أكن مضطراً حينها إلى الصنارة لاصطيادها.

كانت مدرستي على بعد ما يقرب من ميل من قريتي التي كانت تشكل إلى جوار أربع أخرى قريبة منها ومتجاورة ما يشبه اذا اتصلت أطرافها بلدة صغيرة، كانت تلك المدرسة تدار بواسطه إرسالية ببروتستانتية أميركية، تدير شؤونها بصرامة واضحة، وكان طاقمها مؤلفاً من المدير وأربعة معلمين، ثلاثة منهم من النساء، إضافة إلى بواب محلي عمله هو تنظيف المدرسة وتنظيم دخول وخروج الطلاب وتدفئة غرف الدراسة الخمسة أيام البرد، وكان يضيف الى مورده من المدرسة مورداً آخر ببيع الحلوى والبسكوت المملح وقطع السكاكر الحمراء للتلامذة الذين لم يكن أغلبهم يملك نقوداً لشراء تلك الأشياء التي كنا نراها ككنوز خرافية… ككنوز سانتا ماديرا، أو كنوز الدورادو، وكم كنت أحلم أحياناً بأنني قرصان بعصابة سوداء مزيفة على عينه اليسرى ينساها أحياناً ليضعها على عينه اليمنى يقود سفينة في الكاريبي ليسطو على حمولة القراصنة: سير فرانسيس دريك أو غاليكو جاك وهنري مورغان أو ادوارد تيتش (بلاك بيرد) وآن بوني، من السكاكر والبسكويت المملح والحلوى. كنت دائماً أختار سفن أعدائي أن تكون انكليزية ربما لأننا نحن الهسبانيول تعرضنا لأكبر عمليه سطو في التاريخ من إمبراطوريتهم بعد أن سطوا على ماسطينا عليه من قبل وجردونا منه، احتفظوا لأنفسهم بهذا بالقوة، واحتفظنا نحن لأنفسنا بلصوصيتنا وسمعتنا كلصوص سطوا على العالم الجديد.

 يبدأ اليوم غالباً مع الصلاة الربانية صباحاً تليها خمسة عشر دقيقة من الإرشاد الأخلاقي وسلوكنا اليومي نستمع أليه ونحن نصف نائمين، يليها تلك الصفوف المملة التي تقتل براءتنا لتعلم اللغة الإسبانية والإنكليزية والرياضيات والتاريخ الذي كان في أغلبه التاريخ الملفق لوصول أول أوروبي إلى هسبانيا كوبا. لم يكن عدد المعلمين آنذاك كافياً لذلك كنا نحشر أحياناً صفين أو أكثر في قاعة واحدة مما يجبر بعضنا على الجلوس على ركب البعض أحياناً، وكنت أحب هذا الازدحام لأنه كان يمنحني الفرصة لأن تجلس الفتاه التي أغرمت بها والتي كانت تزودني بقطع الحلوى التي تشتريها من أجلي في مقعدي متلاصقين ولم يكن أحد ما من الطلاب يجرأ أن يأخذ تلك الفسحة من مقعدي لأنه يعرف أنه سيأخذ معها عيناً بكدمة زرقاء. وعندما كان يمرض معلم ما، كان الصف كله يبدأ إجازة مفتوحة حتى عودته إلى صفه، وكنا ننظر بحسد لذلك الصف الدي يمرض معلمه، وأحياناً نصلي ليحل داء الكوليرا المزمن في تلك المنطقة لنأخذ جميعنا إجازة مفتوحة لكن ذلك لم يحدث أبداً.

وطدت سمعتي كفتى مُتنمّر قوي العضل بعد أن سرقت عربة يجرها حصان كان صاحبها قد تركها عند مدخل أحد المحلات ليفرغ حمولتها من السكر. سرقت تلك العربة وحصانها وقدتها حتى المدرسة بعد أن قمت بجولة طويلة حول تلك القرى الأربع وهناك تخليت عنها بعد صراخ الفتيان وتشجيعهم أمام المدرسة. كنت في ذلك اليوم متأخراً مما دفع مدير المدرسة على استدعاء والدي لإخباره عن حادثة التأخر وسرقة الحصان. لم يقل أبي أي شيء يومها للمدير سوى اعتذار مقتضب، ثم أمرني أن أسير أمامه وبعد وصولي إلى المنزل أمر والدتي بتوثيق يدي ثم خلع بعدها حزامه الجلدي البالي وابتدأ بجلدي على،،، ما علينا تعرفون أين هي تلك المنطقة التي قصدتها…

وفي يوم ما قررت التوقف عن الذهاب إلى المدرسة وأخبرت والدي أنني أريد أن أكون جندياً في الجيش الكوبي لأنه كان أقصر طريق آنذاك الى حياه آمنة.

لم يقل والدي أي شيء، وبعد أشهر قليلة قرر أنه حان الوقت وأنني أصبحت في السادسة عشره من عمري وملائماً للطيران بأجنحتي. اشترى لي حقيبة صغيرة من الخشب المكسية بصفائح معدنيه عليها رسومات لأشجار وطيور وفي زاويتها صورة لزجاجة كوكاكولا، وحذاء جلدياً عالي الرقبة قليلاً وقميصاً كتانياً زيتي اللون، وسروالاً قطنياً فاتح اللون أقرب لأن يكون رمادياً فاتحاً، ومنحني بضعة بيزوات ورسالة توصية مع عنوان في العاصمة هافانا استطاع الحصول عليها من رئيس بلدية القرية الذي كان شريكه في لعبة البوكر غير الشرعية والتي كان يديرها في قبو بناء البلدية. كانت الرسالة موجهة إلى أحد أقربائه المتنفذين في العاصمة هافانا دي كوبا.

في يوم اثنين من تموز قائظ انتظرت الحافلة النصف متهالكة في الساعة السادسة صباحاً. نظرت إلى عائلتي وأصدقائي الذين أتوا لوداعي، فشعرت لحظتها أنني أودع طفولتي إلى الأبد وأودع هذه المنطقة التي لن أراها إلى حين آخر ربما يكون طويلاً…من يدري…؟

الورقة الثانية

هافانا: الأيام الأخيرة من شهر كانون الأول، عام 1958

لم تعد هافانا الجديدة تشبه قديمتها التي كانته قبل سنوات قليلة. كانت أشبه بتلك القصة القصيرة التي كتبها الكاتب الأميركي سكوت فيتزجيرالد في يوما ما من ربيع عام 1922 واسمها المحير والطويل، على ما أذكر كان الحالة المحيرة لبنجامين بوتومز. تعرفون هذه القصة على ما أظن؟ هي قصة عن ذلك المخلوق الغريب الذي اسمه بنجامين بوتومز الذي ولد شيخاً والذي يصبح أكثر شباباً في كل يوم يتقدم به العمر.

هافانا التي ولدت عجوزاً لكنها تتحول بسرعة إلى شابة جميلة بفضل لصوصية وجشع رئيسنا، تغير فيها كل شيء. مدينة صيد السمك هذه، كانت كازينوهات القمار وبيوت الدعارة والمسارح والبارات الفاخرة والفنادق الوثيرة والمصارف ونوادي اليخوت وأندية الغولف، والمطاعم تنمو كالفطر في كل منعطف شارع

خليج الخنازير

وتحت كل عمود إنارة. كان رئيسنا فولجينسيو باتيستا عميلاً نموذجياً للنقود الخضراء، وهو أشبه بالملك ميداس في تلك الأسطورة الإغريقية حيث كل ما يمسه كان يتحول إلى ذهب. ذهب يركن لامعاً في شكل سبائك في أطراف غرفه السرية المتناثرة داخل وحول العاصمة، في أبنيته السرية وإلى جانبها طبعاً كانت تتكتل تلك الربطات الخضراء لنقود تحمل أسم جارتنا الثرية الولايات المتحدة ملفوفة بعناية في رزمات مطوقة بربطات مطاطية تحتاج إلى جيش من الموظفين لعدها، هذا على الأقل ما سمعت عنه من بعض جنود الحراسة الخاصين بحماية هذه المخازن. كان الحديث حولها يدور همساً ولم يكن أحداً يجرؤ على التظاهر بمعرفته بوجودها.

كانت شهية ميداسنا للثروة وجشعه اسطوريتان، وفي جزء منها أعني هذه الكنوز لم تكن تحتاج إلى أية خارطة تشبه خرائط القراصنة العتيدة المملوءة بالرموز لتعرف مدفنها النهائي، لأن عنوانها كان بسيطاً ومعروفاً للجميع في ذلك البناء الفخم القاطن في تقاطع شارعي اغرامونتي وكولون في هافانا وأسمه القصر الجمهوري. كان كل شيء هناك من الذهب، هاتفه الخاص على طاولته الخاصة المكسية بصفائح ذهبية، أقلامه الخاصة، ولاعاته، دبابيس ربطة عنقه، صنابير حمامه الخاص الملحق بغرفه نومه الملحقة بدورها بمكتب الرئاسة، بل قيل لي حتى سيارته كانت مطعمة بالذهب، وللحق يقال ورغم أنني كنت من طاقم حراسته الخاصة إلا انني لم أرَ تلك السيارة المقصودة أبداً وبالمقابل لم أجرؤ على السؤال عنها أيضاً.

 حتى أطفال المدارس يعرفون مصدر كل تلك الأموال التي أفسدت هافانا وربما كان كل سكان الكاريبي يعرفونها، لأنها كانت على صفحات الجرائد الأميركية في كل يوم تقريباً، كانت فضيحة كبرى لكننا كنا سعداء بأننا ضحيتها. كان مصدرها الحقيقي تلك النشاطات الإجرامية لما عرف باسم العائلات الخمسة للمافيا والتي تتحكم بمفاصل الحياة الاقتصادية لمدينة نيويورك. هناك يسمونها مافيا نيويورك او يختصرونها باسم المفوضية، كل مالم يكن يكن شرعياً هناك، أعني في المدن الأميركية، تحول إلى وسيلة للعيش في كوبا، حياة خارج القانون والقانون يحميها!!

عقد الرئيس آلاف الاتفاقيات غير المعلنة معهم وأعلن عن حصته الخاصة من الأرباح التي كانت تقرر من قبل محاسبين محترفين يعملون حصرياً لديه، إضافة إلى حصة الدولة التي تؤخذ كضريبة دخل على الأرباح، وكانت المافيا سعيدة بالعمل في هذه الجنة الأرضية. هم الذين بنوا الكازينوهات ودور الدعارة، والفنادق الفخمة، وحلبات سباق الخيل، واليانصيب الوطني. كانوا المسيطرين على ساعة الحياة لهافانا، ودقائق هذه الساعة كانت تصنع ثروتهم. أتى أثرياء العالم والولايات المتحدة إلى هنا، إلى مدينة الخطيئة هافانا، أو لاس فيغاس اللاتينية.

كانوا محميين بألاف الجنود والقوانين التي وضعت من أجلهم. أما رجالات المافيا أنفسهم فقد كانوا في أغلبيتهم يصلون من ميامي في فلوريدا في طائراتهم الخاصة مع رجالهم المحملين بحقائب خاصة ويغادرون محملون بحقائب أكثر. كنا نعرف وجهة هذه الحقائب، كانت في أغلبيتها تذهب إلى الرئيس وأقل منها بكثير إلى رجاله. كان رئيسنا لصاً، لكنه كان لصنا. وكان ابن عاهرة، لكنه كان ابن عاهرتنا. كان كوبياً، لكنه كان كوبيينا، أما أنا شخصياً فقد عملت ككلب حراسة لحماية الكثير من عرابي المافيا هؤلاء بتكليف أحياناً شخصي من الرئيس وبطلب أقل منه بكثير من رؤسائي المباشرين. كانت لائحة الضيوف طويلة وكان سخاؤهم الجانبي يحدد من يجلس على طاولة عشاء الرئيس اليوم، وبالطبع كانت أسماء رؤساء العائلات الخمس تتقدم لائحة الضيوف إلا إذا نافستهم واحدة من ممثلات هوليوود الصاعدات، لأن سريره كان يتقدم على طاولة عشاءه كأولوية. كانت لائحة الأسماء تضم أشخاصاً مثل ماير لانسكي، جوزيف بونانو زعيم عائلة بونانو، جوزف بروفاتشي زعيم عائلة كولومبو، كارلو غامبينو زعيم عائلة غامبينو، فيتو جينوفيزي زعيم عائلة جينوفيزي ،غايتانو لوتشيزي زعيم عائلة لوتشيزي، ولاكي لوتشيانو مؤسس المفوضية والمهندس الفعلي للمافيا الأميركية ورئيس رؤساء المافيا في العالم capo de tutti capi الذي اصبح شبه مقيم في الجزيرة بعد أن أبعدته أميركا عنها إلى صقلية وطنه الأم.

وفي لجة هذه الفوضى كان هناك ثورة تطرق باب هافانا. بداية لم نلق لها أي بال، ربما لأننا لم نفهمها. كان ما عرفناه قليلاً جداً عن محام ثري ينحدر من أغنى عائلات كوبا يقود أنفاراً من الفلاحين ومزارعي القصب ضد أقوى جيش في الكاريبي وأميركا الوسطى. كان شيئاً مضحكاً ومثاراً للتندر، لكنه لم يعد مضحكاً الآن. لقد أجبرنا هذا المحامي وأسمه كاسترو فيدال كاسترو أن نصدقه.

الورقة الثالثة

هافانا أيضاً

صبيحة الأول من كانون الثاني، الساعة الثانية عشر وبضعة دقائق بعد منتصف الليل من عام 1959 كانت الفوضى العارمة تكتسح ملامح المكان الذي يشع بأنوار عشرات الثريات المتدلات بأبهة من سقفه، وكان موظفو وحراس القصر الجمهوري متناثرين كحبات الرمان على كل بلاطة من بلاطات البناء. لا يحتاج المرء لأي جهد ليرى أقنعة الرعب تتواثب لتكتسح وجوه هؤلاء الموظفين والحراس الصامتين إلاَّ من بعض همسات هنا وهناك. لم يكن أحد يتحدث لأي أحد. متجهمون، مرتبكون، مختنقون بوحدتهم، مكتئبون بهزيمتهم. هذا ما تقوله كل إيماءة منهم وكل زفرة. الرئيس الذي أحببناه ها هو يغادر، بل ها هو وغدنا يفرّ هارباً على عجل، في طابور من السيارات الرئاسية الفاخرة المحمية بدزينة من السيارات العسكرية التي ترافقها والتي تطل البنادق من نوافذها متأهبة. يفرّ تاركاً خلفه كل هؤلاء البؤساء الذين خدموه بإخلاص، يتركهم لقدرهم الجديد والمجهول. كانت الوجهة المختارة مطار كامب كولومبيا حيث تنتظره طائرة من طراز بوينغ 367-80 لتقله إلى غويداد تروخييوو في جمهورية الدومينيكان القريبة حاملاً معه عشرات الحقائب التي لا يحتاج المرء إلى تخمين كبير لمعرفة محتوياتها. بطبيعة الحال كانت عائلته وبضعة عشيقات يحسبن أنهن في رحلة سياحية، وسكرتيره الخاص وطبيبه ومدلكته، وحلاقه الخاص، وعرافته، وببغاواته وكلابه، وأفعى استوائية عملاقة ذات لون ذهبي أتته هدية من قبيلة أمازونية، إضافة إلى قردين يقال إنه استأجر أستاذ لغات خاص ليعلمها الكلام لكنه لم يفلح في ذلك، ووزيرين أو ثلاثة ممن يجيدون حمل الحقائب وحراسه الشخصيين ذوي الأجساد الهرقلية والأدمغة المجهرية. وكنت أنا ممن أختارهم ليرافقوه وكان ذلك بمثابة رد جميل شخصي قدرته كثيراً، وشعرت معه بامتنان كبير أن اكون في الرحلة الأخيرة للرئيس الذي يغادر كوبا إلى الأبد. كان رئيسنا يصنع التاريخ، لكن في هذه المرة بالغوص في قعره.

كانت الأخبار المقلقة قد بدأت تجتاح العاصمة قبل أسابيع، ويقال إن الأخبار التي كان محظراً على الصحف المحلية نشرها، بدأت تنتقل بأسرع من طباعة الصحف المحلية. على كل حال أمست الصحف هي ألسنة الناس أنفسهم…ألسنة تحولت إلى محطات اذاعية متنقلة تنقل أخبار هؤلاء الفلاحين حملة البنادق والحراب والماشيتي والذين يدعون أنفسهم ثواراً.

 هضبة بهضبة وسهلاً بسهل وقرية بقريه، كان هؤلاء المارقون الذين يدعون ثواراً يتقدمون بسرعة تناهز سرعة قفير نحل يهاجم قاطفه. بدأت القرى والمدن الصغيرة والدساكر والثكنات والمخافر تتساقط في يدهم بسرعة خاطفة، وكان الرئيس في البداية قلقاً بعض الشيء، لكنه يثق بقدرة جيشه على اجتراح معجزة وإيقاف هؤلاء الثوار، إلا أن قلقه قد تبدل إلى ذعر عندما أتت الأخبار أن الثوار أصبحوا على بعد عشرات الأميال من العاصمة هافانا. أصبح أكبر مستهلك للسيجار في هافانا نتيجة توتره الشديد، ويقال إنه كان يستهلك ما كان ينتجه معمل محلي للسيجار في يوم واحد في أقل من أسبوع. بدأ يخشى النوم والأضواء مطفأة في غرفة نومه، وكان حريصاً على تفقد حرسه كل ساعة أو ساعتين وبنفسه ليتأكد أن أحداً ما لم يغادر مركزه. لم يعد يرغب بمحادثه أحد عن طريق الهاتف، لأن كل الأخبار التي كانت ترده من قائد جيشه ورئيس استخباراته كانت مزعجة ومثيره للذعر، فقد وزنه نتيجة فقدانه الشهية فأفرغ قبو القصر الرئاسي من عشرات قارورات الروم والويسكي والتيكيلا. أفرغها جميعها في أمعائه، فقط لينسى. استعان بعرافته، وقارئي الطالع واستورد منجماً من هاييتي يقال إنه يعرف المستقبل أفضل من نوسترادوموس. تأمل النجوم ودرس حركاتها مع ما يتوافق مع حظه. ذرع درج الكاتدرائية صعوداً وهبوطاً عشرات المرات في اليوم، حارقاً للشموع متمنياً من شفيعه القديس فرانسيس الاسيزي أن لا يتخلى عنه. وأخيراً أتت الساعة التي تفرض عليه أن يقرر…وقد قرر أن يغادر، أن يفرقبل أن يقف أمام فصيل الإعدام.

في تلك الليلة التي وصلنا فيها إلى غويداد تروخيوو في الدومينيكان، وبعد ساعات من وصولنا حطت طائرة ثانية وثالثه كانت تحمل كل الوزراء والضباط وعائلاتهم، وحاكم هافانا وعائلته، مع مئات الحقائب المماثلة في حمولتها تلك التي رافقت وغدنا. شعرت أن كل ثروة كوبا وماضيها وربما مستقبلها كانت محشية في تلك الحقائب الجلدية الداكنة، وشعرت معها أن عصراً عتيقاً يغادر إلى الأبد وأن عصراً غامضاً يتثاءب منتظراً إعلان ولادته، عصراً لا ننتمي له، وسيستمر في ركلنا إذا لم نقاتله٠

 أيام قليلة فقط، مضت على وصولنا إلى الدومينيكان، حتى كانت السلطات المحلية تطلب من كل هؤلاء اللاجئين الأثرياء وبكل فظاظة عبر إرسالها شرطتها الذين قرعوا أبواب كل اللاجئين لتسليمهم مغلفات مختومة، تطلب منهم بالبدء بالبحث عن أرض جديدة، عن بلد جديد للجوء إليه والعيش فيه. كان قبولها اللجوء البدئي في الأساس مشروطاً بأن نغادر أراضيها بعد الحصول على قبول أية دولة لنا كلاجئين، غادر لصنا الكبير باتيستا إلى اسبانيا، هو وقسم كبير من وزرائه وضباطه، أما نحن الذباب الذي لا يغادر المائدة، أقصد الحراس الشخصيين فقد توجهنا إلى ميامي في فلوريدا. كانت الولايات المتحدة قد فتحت أبوابها لصغار اللاجئين، لكن ليس لكبار اللصوص من حكام كوبا السابقين.

 بعد أشهر قليلة كنت أجوب شوارع ميامي باحثاً عن عمل يبقيني على قيد الحياة، فوجدت عملاً كحارس في أحد باراتها وكان هذا يلائم خبرتي التي كسبتها في الجيش وكحارس شخصي لباتيستا. كان عملاً يدر ريعاً جيداً من البقشيش القادم من الرواد السكارى، لكن لم يكن هذا كل ما أريده. كنت أريد العودة إلى كوبا.

 

الورقة الرابعة

ميامي 1960

كانت عقارب الساعة تقترب من الساعة الثانية إلاَّ ثماني دقائق بعد منتصف الليل ليوم الاثنين. كان اليوم السابق يوم الأحد ثقيلاً ومرهقاً مثل كل الأحادات في الحانة التي أعمل فيها حيث اضطررت لركل مؤخرة سكيرين اثنين أثارا المتاعب، ولي ذراع ثالث حاول التحرش بالساقية، قبل أن أجره من أنفه خارج الحانة، وكنت قد تركت عملي في الحانة في وقت ما قبل منتصف الليل، عندما أيقظتني وقع ضربات قبضة ثقيلة على باب شقتي الخشبي المتداعي، في الطابق الثاني من بناء قديم كنت محظوظاً بالعثور على شقة فيه لقربه من مكان عملي. فتحت عيني ببطء أحاول ان أقاوم إنهاك اليوم السابق ونظرت إلى مؤشري الساعة الفوسفورية التي كانت تشير بكل وضوح إلى أنه هناك ثمة مشكله ما تلوح في الأفق لإيقاظي بهذه الطريقة وفي هذه الساعة. تلمست طريقي إلى مفتاح مصابيح الإنارة مقاوماً الرغبة بتحطيم وجه هذا المتطفل الثقيل في مثل هذا الوقت من الليل. التقطت في طريقي إلى الباب شمعداناً معدنياً قديماً وثقيلاً مصنوعاً من معدن اختفى بريقه الآن وأخفيته بعناية خلف ظهري وأنا افتح الباب نصف فتحه متأملاً الزائرين الاثنين بما أتيح لي من الإنارة الخافتة التي كانت تأتي من خلف ظهري والأخرى التي كانت تأتي من إنارة الممر متيحه لي فرصة تأمل ملامحهما المتجهمة والصارمة، سألتهم بعد موجة عطاس قصيرة فاجأتني وببرود محاولاً فيه التغلب على توتري:

مرحباً أيها السادة…هل هناك سبباً ما معقولاً علي ان أسمعه، وأكثر من ذلك علي أن أقبله، يحتم هذه الزيارة في هذا الوقت بعد منتصف الليل…؟!هل هناك شيئاً لا يمكنه الانتظار حتى الغد حتى تقوموا بالزيارة الآن.

وفجأة، اجتاحني شعور بالبلاهة لأنني طرحت هذه الأسئلة كلها، إذ إنهم وبكل بساطة ربما اخطأوا العنوان أو الباب في مثل هذه البناية التي فيها أكثر من عشرين

كاسترو

شقة في ردهتي وحدها.

أجابني أكثرهم ضخامة وتكلم بإسبانية واضحة، فاجأتني لأنني كنت أخاطبهم بالإنكليزية:

هل انت السيد سانتا انا، أعني السيد خيسوس ماريا دي سانتا انا…؟

شعرت بموجات من التحفز تجتاح عضلاتي كلها عند حديثه معي بالإسبانية، هذا يعني أنه هنا في مهمة ما…؟ أجبته بالإيجاب، ليقول مباشرة إن كانا يتمكنا من الدخول لأنهما لا يريدان إثاره فضول الجيران. دعوتهما للدخول دون أن أتخلى عن شمعداني المعدني أو ربما هو لم يتخلى عني، لكن علي أن أعترف أن ذكرهم للجيران أثار ارتياحي، لأنه يشير بطريقة ما إلى لطف مهذب. كانا يلبسان بأناقة ملحوظة تبدو من ربطتي عنق زاهيتي الألوان، وقبعة بوغارت تحجب جزء من ملامحهما.

توجه لي الذي يتحدث بالإسبانية: اسمي هو جون، جون بلاكستون، وزميلي اسمه رون، رون ريدهاند، وهذه أسماءنا الحقيقية. يمكنك أن تصدقها أو لا لأن هذا لا يهم الآن…ما يهم هو أننا من السي اي ايه، ربما سمعت شيئاً عنها، معلوماتنا في الوكالة تقول إنك كنت رقيباً في القوات الخاصة الكوبية المعسكرة قرب هافانا، أعني الكتيبة 101، وأنك كنت أحد الحراس الشخصيين الذين أوكلت لهم حراسة الرئيس السابق باتيستا ونشاطاته. تاريخك الشخصي هنا جيد جداً، لم نرى أية انتهاكات للقوانين المحلية ولا تتعاطى الكحول وغير متزوج وهذا يلائمنا تعمل في أحد البارات ليلا كحارس ليلي، وفي النهار تتلقى دروس تعلم اللغة الإنكليزية، كما أنك تجد الوقت لتعمل حوالي ثلاث الى أربع ساعات في حانوت لبيع السلاح يقع في شارع غرين سبرينغ، وتختص فيه بإصلاح البنادق والمسدسات. تنتهي من العمل في الثالثة صباحاً وتعود إلى المنزل فوراً. أنت مسجل في قوائم مستعيري الكتب في المكتبة المحلية لهذه المنطقة وهذا يقول الكثير عنك ويلائمنا أيضاً، لذا نريد أن نراك غداً صباحاً الساعة الثامنة والنصف في العنوان 10345 الشقة 513 شارع بلاتز فيل. اتصل بمالك البار وأخبره أنك لن تعود للعمل، هذه عشرة سنتات لتفعل ذلك ووضع عشره سنتات على الطاولة، وقال عليك أن تذهب إلى نهاية الردهة، أنت تعرف مكان ذلك الهاتف. اذهب الآن وأخبره.

اعترضت بهدوء على ما قاله وقلت له:

لن اتصل بأي أحد، قبل أن أعرف ماذا تريدون بالضبط…؟

نهض من ادعى أن اسمه هو جون بلاكستون وقال بهدوء وهو يتناول قبعته ليضعها على رأسه متهيئاً للمغادرة:

نحن نبني جيشاً… جيشاً كوبياً. ستكون أنت أحد مدربيه وقادته الميدانيين. سيكون شيئاً في منتهى الأهمية وآمناً بالنسبة لك، إن لم تخبر أحداً بهذا. لا تنسى ننتظرك في الساعة الثامنة والنصف.

ثم تابع قائلاً: أعلم أنك تحك رأسك الآن من هذه المعلومات الغاية في السرية، والتي سربتها لك، لكن لا تقلق الفارق بين معرفة هذه المعلومات الآن أو في المستقبل هو ست ساعات فقط، لأنك كنت ستعرفها على كل حال، لذا كن مستعداً للغد.

سألته بهدوء إذا كان بإمكاني رفض عرضه؟

قال لي ببرود جليدي: لا، هذا عرض لا يمكنك رفضه.

ثم استتلى وقال مسترسلاً بنفس البرود: في حال رفضك، سيكون عليك أن تغادر ميامي إلى مكان وحيد أخترناه سلفاً لك، هافانا.

أخذ ورقة انتزعها من دفتر صغير ذي غلاف داكن وبحجم جواز سفر صغير من جيبه، كتب العنوان بعناية، وتأمله ثانية قبل أن يضيف إليه رقماً قرأته بوضوح عن بعد 830 كانت هذه الأرقام تشير إلى الطريقة العسكرية في كتابة الوقت بعد إلغاء الفواصل. طوى الورقة بعناية ووضعها على حافة المنضدة وهو يغادر. التفت إلي قبل أن يغلق الباب وأشار إلى جهة الهاتف في نهاية الردهة من البناء.

الورقة الخامسة

ميامي أيضاً – 14نيسان 1961

(في مكان ما قرب القاعدة الجوية الأميركية هومستيد)

كان الصخب والضجيج الذي يشبه سوقاً شرقية يجتاحا هذا المكان الغامض كغموض مهمتنا والذي يقع على بعد مئة وثلاثة أميال بالضبط من وسط مدينة ميامي، والذي لا يمكن مشاهدته على أيه خريطة. كان محاطاً من كل جوانبه بأشجار الصنوبر والسرو العالية والدغل الكثيفة والأسوار الشائكة وكاشفات النور القوية المثبتة على أعمدة خشبية عالية مسلطه على كل الجوار الخارجي، ونحو الفسحات الداخلية، وأشجار السرو والصنوبر هذه تم استجلابها بحجمها الطبيعي من محميات بيئية مجاورة وتم زرعها ثانية هنا لحجب رؤية المكان عن أعين الفضوليين من المارة والصحافيين.

كان هناك مئات من الرجال من أعمار مختلفة مجتمعين في عنبر الطائرات المبني من الأعمدة الهيكلية الفولاذية والصفيح، والذي كان يستخدم مرآباً للطائرات الصغيرة ذات المحرك الواحد أو المحركين وورشة إصلاح ملحقة في قسم منه أيضاً. كان هناك درجاً معدنياً في نهاية العنبر بارتفاع مترين ونصف تقريباً يقود إلى شرفة أمامية أرضيتها من الصفيح المقوى وهذا بدوره يقود عبر باب زجاجي رئيسي يتوسط الشرفة إلى غرف ملحقة تم تحويلها فيما بعد إلى عدة مكاتب صغيرة لاستخدام رجال الوكالة، وإلى قاعة صغيرة للخرائط تتصل من طرف عبر باب صغير إلى غرفة لاسلكي جانبية صغيرة نسبياً ولا تتسع إلاَّ لعامل لاسلكي واحد، وتقود من مدخل آخر صغير إلى قاعة صغيرة للإسقاط الضوئي على شاشات صغيرة لشرائح مصورة في غاية السرية تم التقاطها على الأرض الكوبية ومدنها أو مطاراتها أو موانئها، أو حتى جبهاتها الساحلية وشواطئها. كانت هذه المكاتب ذات الواجهة الأمامية الزجاجية بالكامل تستند على أعمده معدنية ترفعها عن الأرض وتطل على العنبر بأكمله وبهذا الفراغ المتشكل من ارتفاعها عن أرضية العنبر كانت توزع مجموعة من الطاولات كبيرة الحجم نسبياً.

كان رجال الوكالة يلتقون حولها مع الضباط الكوبيين المنفيين لإعداد الخطط الخاصة لما أسموه غزو كوبا، وكان محظراً على هؤلاء الضباط زيارة المكاتب الخاصة بالوكالة فوقهم، ومن ذلك المكان تقاد عملية الإعداد لهذا الجيش الصغير الذي يتحضر الآن لمعركته ضد كاسترو. هذا العنبر المعدني الملحق بمطار صغير نسبياً كان مهملاً وقد توقف عن العمل تماماً منذ أشهر، كمطار للمتدربين وهواة الطيران بعد أن اشتراه أو استولى عليه رجال الوكالة وحولوه إلى مكان لتدريب هؤلاء المنفيين على الأعمال العسكرية وعمليات التخريب والتجسس وحرب العصابات وحروب المدن.

 كانت هناك عشرات المهاجع الملحقة بهذا العنبر وقد بنيت على عجل من الخشب والصفيح، حيث تتصل به من كل أطرافه بحيث لم يكن المرء يميز الحركة الداخلية للأفراد نتيجة هذا التشابك. كانت هذه المهاجع تحتوي على مئات الأسرة للمتدربين الذين سيتم الحاقهم بجيش منفى كوبي صغير في ميامي، كما كانت توجد دار سينما صغيرة، ومطعمين اثنين، وحوض سباحة صغير يبدو صالحاً لسباحه البط أكثر من أي شيء أخر، وصالة صغيرة للألعاب الرياضية تتفرع منها غرف متوسطة فيها طاولات البليارد وكرة الطاولة.

 كان عالماً صغيراً مقطوعاً عن الخارج تماماً ومكتفياً بذاته والشيء الوحيد الذي كنا نفتقده هو النساء. وكان العابرون في الخارج بما فيهم الفضوليين منهم لا يعرفون ماذا يدور في هذا المكان الذي كان من أشهر خلت مطاراً صغيراً للتدريب على الطيران لهواة الطيران من الأثرياء.

كانت الأوامر تلقى باللغة الإنكليزية والإسبانية على عشرات الرجال الذين يرتدون زياً عسكرياً أخضر تقريباً خاصاً بلباس السهول والغابات، ويرتدون قبعات أو بيريهات بنفس اللون تقريباً، أو خوذات عسكرية. كان قسماً منهم جالساً على الأرض وقد أسندوا ظهرهم إلى حقائب الظهر العسكرية المرصوفة بدون عناية على الأرض وهم يدخنون السجائر أو يمضغون العلكة، أو يتجرعون الماء من مطراتهم، والبعض الآخر يبدو مشغولاً بحلاقة ذقنه، أو التأكد من جوده عمل بندقيته أو مسدسه ويحاول إعادة تزيتها، وكان هنالك من كان ينصت عبر المذياع إلى بعض الأغاني المرحة الإسبانية. كنا ننتظر العربات العسكرية من طراز M39 التي ستقلنا إلى ميناء خاص أعد على عجل وبنيت فيه أرصفة خشبية في مكان ما بعيد عن عيون الفضوليين ورجال الصحافة، حيث ستقلنا مجموعة من سفن النقل اتلانتيكو ،وهيوستون،ريو اسكونديدو ،وكاراييبو ، التي تم استئجارها أو شراءها في أخطر عملية يمكن لفرد أن يشارك فيها.

بعد دقائق أتى الاعلان عبر مضخم الصوت يطلب من الجنود التجمع في طوابير تدربنا عليها سلفاً، وطلب من الجنود التأكد من أسلحتهم وذخيرتهم وعبوة مياههم، ومعلبات الغذاء المحفوظ المحمول في حقائب ظهورهم والسكاكين السويسرية، وأرقامهم العسكرية المحفورة على صفيحة معدنية معلقة في سلسلة معدنية مدلاة من حول رقابهم. ابتدأ كل ذلك الصخب بالانطفاء فجأة. تجمع الجنود في صمت. حملوا حقائبهم العسكرية على ظهورهم وبنادقهم في أيديهم وساروا في صف منتظم إلى العربات العسكرية التي كانت تنتظرهم لنقلهم الى الميناء، وفي مكان ما أيضاً كان الكوبيون المنفيون يتجمعون أيضاً في نيكاراغوا وباناما تحت اشراف الوكالة لنقلهم إلى كوبا.

كانت معركة بايا دي كوشينوس قد ابتدأت للتو. أنتم تعرفونها باسم معركة خليج الخنازير، وكان المكان المختار للإنزال اسمه بايا اوندا، في مكان ما من الخليج المعروف باسم بايا دي كوشينوس. كان هناك ألف وأربعمائة جندي يتهيؤون لتغيير التاريخ أو لإنقاذه؟؟

…………….

…………….

…………….

…………….

…………….

 

الورقة الثامنة

الجزيرة الكوبية، شاطئ خليج الخنازير، صبيحة 15نيسان 1961

عقدت حزام خوذتي المعدنية الكتاني حول ذقني بإحكام، الأمر الذي دفع الألم الذي يجتاح عضلاتي من التوتر إلى الاستحواذ على مؤخرة جمجمتي، مما دفعني إلى حل حزام الخوذة ورميها جانباً والاكتفاء بمواجهة المعركة القادمة بجمجمة عارية وربما فارغة، الشيء الذي اكتشفته فيما بعد. كانت معالم الجزيرة في الأفق تلوح كخط داكن يكبر ويتضح تدريجياً. نظرت إلى ساعتي لأرى مؤشريها يقفان عند الساعة الثالثة وسبعة عشر دقيقة من صبيحة اليوم. أطلقت شتيمة بائسة لأنني نسيت أن أملأها رغم التحذير الذي تلقيته بوجوب ضبط ساعاتنا قبل العملية. استعنت بأحد الجنود إلى جانبي لأعرف الوقت الذي لم يعد الآن مهما، صاح أحد الضباط بوجوب الاستعداد للنزول على الشاطئ. علمت أن مجموعة صغيرة من الضفادع البشرية قد سبقتنا لتأمين منطقه الإنزال، وكم كان شعوري بالخيبة عميقاً عندما عرفت أن عددهم لا يتجاوز الأربع، توقفت السفن في المياه الضحلة، وابتدأ الجنود بالقفز إلى مياه الخليج. توقفت محركات السفينة هيوستون على مسافة بعيدة عن الشاطئ لعطل مفاجئ، مما اضطر بقية السفن لإنزال قوارب الزودياك المطاطية التي لم يزيد عددها عن ستة، لنقل جنود السفينة هيوستون إلى الشاطئ.

كان كل شيء هادئاً عندما ارتمينا على رمال الخليج. لم يكن هناك أي شيء يوحي بأنهم كانوا هناك في انتظارنا، فيما نوارس البحر تطلق صراخها المزعج كالعادة، والسمك يسبح ويرفس المياه ويتنفس أوكسجين الماء ويضع بيوضه كالعادة أيضاً. كانت الطيور تبني أعشاشها كالعادة، وكانت أسراب السرطانات تتكوم في مستعمرات كالعادة، وكان النسيم البحري المالح يلسع أفواهنا كالعادة. كان كل شيء هادئاً تحت الشمس التي بدأت في رقصتها الأبدية، لا شيء، لا شيء البتة كان يشير إلى أنهم كانوا هناك في انتظارنا. لقد فاجئونا كما يفاجئ أب ابنه يدخن سيجارته الأولى في الخفاء لأول مرة. سمعنا صفيراً تلاه نور ساطع وعصف من الريح اقتلع من حظه سيئاً من الرمال ورماهم بعد عجنهم في أشكال سوريالية فجة. كان كل الشريط الساحلي الرملي المتوج بكتل صخرية عملاقة لخليج الخنازير قد تحول إلى جحيم أرضي من الانفجارات والنيران والدخان والرماد، فيما المدفعية الكوبية في أعلى التلال المجاورة المحيطة والمطوقة لمنطقة الإنزال، تزعق كالشياطين ايليغوس، سولاس، امون، ابوليون، بالام، بارباتوس، ساميور، اغاراس، هابريم، الاستور، الوسير، مامون، امودسياس، عندما طردوا من الجنة ملعونين للأبد، لابد أن زعيقهم كان يشبه زعيق هذه المدافع التي أطلقت عقال نيران الجحيم على هؤلاء البائسين الذين حلموا بإعادة بناء خريطة التاريخ.

عرفت أننا تعرضنا للخيانة وأن كاسترو وقتلته كانوا يعرفون خطتنا للإنزال وغزو كوبا، وكانوا يعرفون حتى زمن ومكان الإنزال. رأيت على بعد عشرات الأمتار جمجمة انفجرت كجوزة هند يابسة وسال دماغها على الرمال. كان الجندي إلى جانبي قد انفصل ذراعه عن جسده بعد انفجار قذيفة بجانبه، حمتني الصخرة التي كنت وراءها من شظاياها. رأيته وقد حمل ذراعه ووقف مصدوماً لا ينبس بكلمة أو حتى بصرخة ألم، سار إلى الأمام قليلاً لبضعة خطوات فقط عندما أتى اعلان موته، عاجلته قذيفة مدفع أخرى حولته إلى كتلة مدماة ومعجونة من اللحم، والعظام، والرماد، والبخار. في حياتنا السابقة كانت ورقة نعي المتوفي توضع على أبواب الكاتدرائيات والكنائس، هنا كل رصاصة، كل قنبلة، كل قذيفة، هي رسالة نعي. كان وجهي قد اكتسحه السواد من دخان القذائف ودخان النيران، وكانت جعبتي من الرصاص تنفذ بسرعة غير مخطط لها حيث كنت أطلق النار على كل شيء يتحرك متأملاً فقط أن لا يكون جندياً صديقاً. كانت عيناي تغليان وتلتهبان من الحرقة التي تسببها الرمال المتطايرة والدخان والنيران المحيطة. أحسست بدموع غزيرة تسيل منهما، كنت أريد فقط اطباق جفوني لمقاومة هذه الحرقة ولم أجرؤ أن أمسحها بيدي حتى لا أفقد تركيزي وسيطرتي على بندقيتي، واحتفظت بإصراري على إطلاق النار بدون توقف على أهداف لا أراها وربما لن أراها، فقط للحفاظ على ذلك الشعور الحميمي بأنني جندي وعلي أن أطلق النار كأي جندي، فهذا هو عملي. كان مخططي أن أغادر موقعي المحمي بكتل الصخور العالية تلك عبر مسرب صخري عميق أعرفه حق المعرفة، يحاذي الشاطئ وينحني لينغمس عميقاً إلى الداخل في عمق يستمر لعدة أميال. كانت أعواد القصب تظلله، وكانت طيور النورس تستعين به لبناء أعشاشها، وآلاف العناكب بنت شبكاتها على فجواته الرطبة، والطحالب تتسلق أعلى صخوره راكضة بنهم لابتلاع الرطوبة المحيطة.

كانت المياه المستنقعية الراكدة في عمق هذا المسرب تغمرنا حتى أحزمتنا في حال خوضنا فيه. كان هذا المسرب الصخري المغطى بأعواد القصب تلك والذي كنا نسميه قصر العناكب يقود إلى قريتي أو مجموعة القرى الأربع والتي لا تبعد أكثر من ثلاثة أو أربعة أميال عن منطقة الإنزال في الخليج. كان طموحي الذي عرضته قبل أيام على قيادتي من مجموعة الضباط المنفيين أن أقود الجنود في مجموعتي إلى قريتي هذه للسيطرة عليها وعلى القرى المجاورة لها، التي ستستسلم تلقائياً لأنني أحد أبناءها ولأنه وعلى حد معرفتي لم يكن هناك أي نصير للثورة في هافانا في هذه القرى الكاثوليكية المحافظة، وذلك لتصبح نقطة ارتكاز لمجموعات الإنزال الحالية، ومجموعات الإنزال اللاحقة القادمة من بنما ونيكاراغوا.

حلمت بلقاء أصدقاء الطفولة، نينو، وخوسيه، واوسكار السمين، وماري سول، حلمت أنهم سوف يعانقونني كمنقذ وبطل، كنبي جديد أنقذهم من كاسترو وقتلته. كان الوقت قد أصبح مساء عندما استخدمت هذا الغطاء لأتسلل عبر ذلك المسرب الصخري وفي مياه مستنقعاته بصحبة اثني عشر جندياً من جنود الإنزال الأول، وبعد ساعتين أحسست بالإعياء الشديد حيث لم نكن قد تناولنا طعاماً منذ منتصف الليل الماضي. جلسنا على الصخور الكلسية المحجوبة بصخرة عالية تمنع الرؤية وهناك أخذت خنجري وفتحت واحدة من معلبات الريفيولي المليئة بالمعجنات المطبوخة بصلصه البندورة والاوريغانو، والمصنعة خصيصاً للجيش. أكلتها باردة بأطراف أصابعي حيناً، وبطرف الخنجر حيناً آخر. فعل زملائي مثلي. تفقدوا بنادقهم وأعادوا ملء مخازن رصاصهم وشربوا بعض الماء من قربتهم. منعتهم من التدخين لأن وهج السيجارة يمكن أن يرى من بعيد. كنا نتشاور بالحركات التي تعلمناها في تدريبنا العسكري، وكانت هذه الحركات تقول ما نحتاج نحن أن نفعله.

 كانت قريتي قد أصبحت على بعد دقائق عندما طلبت من جنودي التوقف والبحث عن مكان للاختباء والحماية، لأنني أنوي أن أتابع الطريق وحدي. أهل قريتي يعرفونني وسيشعرون بالثقة أكثر إذا كنت بمفردي. سأجمعهم وسأسألهم التعاون معنا لقتال هؤلاء الذين لا يؤمنون بنيران الجحيم وبالمطهر. سأفعل كما فعل كاسترو نفسه وسأسير بهؤلاء عبر القرى التي ستنضم لنا في زحف سيتسع يوماً بعد يوم ليصبح السيل الذي يجتاح كاسترو وقتلته. كانت هذه هي خطتي، كانت تبدو بسيطة، لكن كنت أؤمن بأننا نحن أهل كوبا، كنا حراس صخرة بطرس، لذا كل هؤلاء البسطاء من الفلاحين سوف ينضمون لنا بدافع الدفاع عن الإيمان. كنت أؤمن بهذا بعمق لا أعرف مصدره، ربما كانت الكراهية؟ وكنت متيقناً أنه سينجح، أيضاً بعمق لا أعرف مصدره، ومره أخرى ربما كانت الكراهية؟ لم أشرح أفكاري هذه لضباط الحملة لأنهم وبكل تأكيد كانوا سيرونني كمعتوه ومختل خطر، لكنني أمضيت وقتاً طويلاً بتأمل هذه الخطة عندما عرفت أن منطقه الأنزال سوف تكون خليج الخنازير، المنطقة التي ولدت وعشت فيها وأعرفها كملامح وجهي.

تقدمت في شوارع القرية الترابية الصامتة والخالية إلاَّ من القطط والجراذين والمنارة منازلها بالشموع والقناديل النفطية، التي تدفع رائحتها إلى الهواء المحيط

غيفارا

بهذه الشوارع. لم تعرف قريتنا الكهرباء أبداً، ربما بعض المشاغل والمرافق العامة كالمدرسة الوحيدة فيها ومبنى البلدية ودار الكنيسة ومقهاها الذي يتحول إلى حانة مساء. والذين كانوا يتزودون بالكهرباء من محركات صغيرة توضع لهذا الغرض وتعمل بالنفط. لم أعرف كيف ابدأ خطوتي القادمة. لم أخطط أبداً لخطوتي الأولى، لكنني في النهاية أخترت أن أذهب إلى كاهن القرية لأطلب منه أن يقوم بدعوة رئيس البلدية ويشتركان معاً بدعوة السكان إلى دار الكنيسة وهناك سأعرض عليهم بعد أن يتجمعوا ما جئت من أجله، ومن المؤكد أنهم إذا سمعوا أن هناك جيشاً زاحفاً أرسلته أميركا إلى هنا، فإنهم لن يترددوا في عرض خدماتهم على الفور وتأييد هذا الغزو. كان علي أن أوقظ الكاهن الذي يقع منزله في بناء يرتبط مع الكنيسة بالفناء ذاته. كنت متيقظاً بشدة، حملت بندقيتي متأهباً لحدوث شيء ما لا أنتظر وقوعه. تقدمت إلى دار الكنيسة ذات الباب الخشبي الصدأ والمتداعي والذي يغلق بمزلاج معدني صدأ أيضاً ويصدر صوتاً مزعجاً كصوت نوارس البحر عند استخدامه. كان الباب شبه مفتوح، وكان المكان مظلماً في الداخل، لم يكن هناك أحداً، نظرت إلى منزل الكاهن كان مظلماً أيضاً. توقعت أنه نائم فهممت بطرق باب المنزل المزود بمطرقة نحاسية مثبتة بعناية إلى خشب الباب القديم والمتداعي، عندما لفت انتباهي جلبة غريبة!! كانت هناك ضجة خفيفة لكنها مسموعة بوضوح وإنارة خافتة مصدرها من دار البلدية الاسمنتي والمحاذي لدار الكاهن والكنيسة معاً، ولسبب ما قدرت أنني لن أرى الكاهن في منزله وأنه ربما كان هناك في دار البلدية فتوجهت إليها بخطوات حذرة وسريعة، كان باب غرفتها الوحيدة مفتوحاً بالكامل على مصراعيه، وكان هناك مجموعة من الرجال الملتحين بالكامل والذين يلبسون ثياباً كاكية لا يتجاوز عددهم الخمسة مجتمعين حول طاولة بسطت عليه خريطة مناره بقنديل نفطي تحترق ذؤابته ببطء. كان في وسطهم شخص أعرفه جيداً، شخص رأيت صوره مئات المرات في الجرائد أو التلفزيون، وسمعت اسمه يتردد آلاف المرات عبر الإذاعات. كان يشبه تلميذاً للمسيح، أو قديساً، أو نبياً بالنسبة للكثيرين، وكنا نراه نحن المنفيون وكل هؤلاء الذين غادروا الجزيرة هرباً من ثورته مشعوذاً ومارقاً ومرتزقاً، كان في وسطهم ……..شي غيفارا.

لم يكن يعتمر قبعته الشهيرة ذات النجمة الحمراء، ولم يكن هناك بين أصابعه سيغارا. كان منكباً على الخريطة مشيراً بحركات سريعة وخطوط وهمية إلى أمكنة ما على الخريطة. تأملته مليّاً…كان هناك مسدس كولت في قرابه مستنداً على فخذه ومرتبطاً بحزام عرض بطوق خصره…هززت رأسي أن لا مشكلة بعد كل شيء أن يستخدم شيوعياً سلاحاً رأسمالياً، لم يكن أحداً يراني عندما رفعت بندقيتي بصمت وصوبتها بدقة إلى صدغه أو النصف العلوي من رأسه، وضعت إصبعي على الزناد وأنا واقف في صمت أبكم محاطاً بظلمة الليل. كانت أنوار القنديل تصيب أطراف حذائي فقط، تراجعت قليلاً خشية أن يروني. رفع شي غيفارا رأسه ونظر إلى فتحة الباب فخلت أنه رآني. أشاح بنظره عن الباب ودس عيناه مرة أخرى في الخريطة. تناول حوجلة صغيرة مصنوعة من الغلاف الداخلي لجوز الهند وأمتص ما بداخلها بأسطوانة مجوفة مصنوعة خصيصاً لهذا الغرض. كانت تلك الحوجلة مليئة بتلك العشبة السحرية التي أسمها الماتيه. دفعت سبابتي ببطء منتظراً انفجار الرصاصة المصوبة إلى جبهته، عندما أحسست بمعدن بارد يلمس طرف رقبتي ويدفعني للرجفة. وضعت بندقيتي على الأرض بدون ضجيج وبصمت قاتل والتفت إلى الخلف رافعاً يدي ومشبكاً أصابع كفي لكلا ذراعي خلف رأسي. رأيت نينو واوسكار السمين وخوسيه وماري سول مصوبين بنادقهم إلى صدري…رأيتهم يحدقون في عيني بغضب.

إشارة من مراجع الأوراق

هذه يوميات كتبها السيد خيسوس ماريا دي سانتا انا قبل إعدامه. من سوء الحظ أننا لم نستطع العثور على الفصلين السادس والسابع والفصول الأخيرة إن وجدت، لكنني أعتقد أن الفصول الواصلة لنا كافيه لما أراد سانتا أنا أن يقوله.

حيدر كاتبة

كاتب سوري

‫4 تعليقات

  1. هذه ليست رواية انها فيلم سينمائي عشناه لِما وصلنا من تلك الذبذبات الشعورية والضوئية والصور البانوراميّة المتحركة للأمكنة والأزمنة وخلق هذا التناوب من الومضات المتلاحقة.
    انها تضغط الحياة في مكان ما وتطلقها دفعة واحدة مثل قنبلة ضوئية في سماءنا المعتمة وافكارنا عن الحب والخيانة.

    1. أي تعليق مني سوف يكون عاجزا عن مجاراة جمال مداخلتك،كلماتك تضيء الطريق الذي أسلكه ،دمت بكل خير

  2. نص جميل وممتع ، لم اشعر بثقل و الملل الذي يرافق غالبا تناول المادة التاريخية في القصص ، يمكن أن يُطوَّر النص ليتحول لمادة سينمائية شيقة وناجحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق