نزار سلّوم
- نوفمبر- 2024 -10 نوفمبرالعالم الآن
ألواح غزّة
-1- يُمكن لأيّة استراتيجيّة، لأيّة أمّة أو دولة، أن تتحقق بالحرب العسكريّة التي قد تخرج في بعض فصولها عن مضمون ومعايير ما تنصّ عليه بنود المعاهدات الدوليّة (اتفاقيّات جنيف 1949)، فتشهد وقوع مجازر أو ممارسات تُوصف بالوحشيّة… يمكن ذلك كلّه أن يحصل، وقد حصل غالباً، مع أيّة دولة ولأيّة دولة، إلّا مع إسرائيل التي لا يمكنها تحقيق وإنجاز استراتيجيّاتها وما تقتضيها إلّا بطريقة حصريّة: الإبادة الجماعيّة. لا يعود خيار إسرائيل لطريقتها هذه، إلى “عقل مجنون” لقادتها السياسيين والعسكريين، بل إلى طبيعة هذا العقل، إلى المرجعيّات التي شكّلته وتتحكّم باتجاهه وما يصدر منه، كما يعود هذا الخيار إلى طبيعة استراتيجيّة المشروع الصهيوني نفسها ومحتوى هذه الاستراتيجيّة ومقتضيات إنجازها. المشروع الصهيوني، بالأصل، مشروع مُصمم ومرسوم على ورق، ثم مجُسّم – “ماكيت”، أي هو مشروع افتراضي، لم ينتج من خلاصات الواقع الذي يتجه لإنجاز نفسه فيه، هو صنيعة “المخبر الأوروبي” وليس الواقع المحسوس وعلائق الجماعات المقيمة فيه وإلى جواره وما يمكن أن ينتج…
أكمل القراءة » - أكتوبر- 2024 -24 أكتوبرمسار جلجامش
الشرق الأوسط المستحيل!!
(هذا النصّ، بالأصل، محاضرة ألقيتها، في 11 آب 2006، على مدرّج دير القديس بطرس، مرمريتا، سورية. وأنشره الآن، بعد تصريحات بنيامين نتنياهو بأنَّ إسرائيل تتجه لإنتاج “شرق أوسط جديد”. مضمون النصّ يحمل مسوّغات نشره الآن، مسوّغات تبدو راهنيّة على نحو تام). مضى أكثر من قرن على قيام جنرال إنكليزي بإطلاق أكثر الأسماء التباساً في قاموس الجغرافيا السياسيّة والذي يحمل في ذاته ـ وقد حمل ـ خلال عمره المديد هذا طاقة على استيلاد المزيد من الالتباسات المرافقة له، والتي تبدو كـ«تجاعيد وجه» الإنسان الهرم المتقدم نحو الشيخوخة فيبدو مغايراً لـ«شبابه»، ولكن «أصحاب المُلك» لا يأبهون للعمر وتجاعيد الزمن، طالما، أن مشارط الجراحة الجيوسياسيّة المُوضّبة في مراكز الأبحاث الاستراتيجيّة حسب الوصفات المسبقة جاهزة للعمل عند الضرورة، وعلى نحو إسعافي أيضاً عندما تختنق «المصالح الكبرى» فلا يكون لها من أكسجين محيي سوى في ذلك الجرح الذي يمكن فتحه دائماً وأبداً في المنطقة ذاتها، الموجودة والمستحيلة في آن، تلك التي أطلق عليها الجنرال اسماً…
أكمل القراءة » - 13 أكتوبرالعالم الآن
ألواح غزّة
هل يمكننا القول، بعد انقضاء عام على قيام حركة حماس بعملية “طوفان الأقصى”: إننا تغيّرنا؟ بلى، نحن في زمن استثنائي وعلى شرفة نرى منها: ماضياً انقضى، وحاضراً تتم صياغته وتسويته، ومستقبلاً نتلقى رسائل متتابعة عن طبيعته وفحواه. الواقع الذي نحن فيه ضُرب وتخلخل هيكله، ضُرب في وجوده الفيزيائي ولا يزال، كما في المفاهيم الحاضرة فيه والأفكار السائدة التي كانت تفترض لنفسها استمراراً غير مُقيداً بأي حدث يقع ومهما كانت طبيعته. تغيّرات لم نكن نتوقع حدوثها حصلت وأمست واقعاً، وأحداث لم نكن نظن للحظة أنّها يمكن أن تُنجز بالسهولة التي تمت فيها… أحداث أمست بدورها واقعاً. أبواب التغيرات الجيوسياسيّة مشرعة على مصاريعها وحتى آخر مشهد مُتخيل فيها الذي يصل إلى حرب اقليميّة وربما عالمية ثالثة مُصغّرة أو مُكبّرة. مشاريع تُفصح عن نفسها وأخرى تطوي أوراقها المجهضة والفاشلة، أفكار كثيرة وعقائد وإيديولوجيات تبحث عن مصيرها وإنقاذ ذاتها، حتى لو توسّلت الأوهام. حمولات تاريخيّة تتصل بسرديّات الجماعات الدينيّة تلقي بثقلها في الميدان. ضبابٌ…
أكمل القراءة » - 1 أكتوبرالعالم الآن
النصّ القاتل
ثمة من يحاول دائماً، ويتمكن من تسلّق (الجدار) ليطلّ على من في (الداخل)، فلا تعدو إطلالته كونها اقتحاماً لـ (وجودٍ) مسترخٍ في فيء جدار عالٍ…. عالٍ، ولكنه قابل للتسلّق دائماً وكأنه واطئ…. واطئ! لا يكفي ارتفاعه/ بنيته، كما يفترض، لعزل هذه (الذات) التي اجتهدت وكرَّست عملَها ووقتها وتفكيرها وثقافتها وأخلاقها، وكلَّ ما يعبِّر عنها، في سبيل رفع جدارها شاهقاً، وإذ بـ (آخر) قادر دائماً، وفي كل وقت، وبجهده وتفكيره وثقافته، وبما يعبِّر عنه ويصدر منه، على (التسلّق) وإبطال وظيفة الجدار وثقافته، ودبّ الذعر في وجودِ مَن يقيم بداخله، حين يكون تسلّقه لجداره، فقط تسلقه، هو بمثابة نسف كامل لتاريخه الذي ليس سوى جداره وحسب! في هذه (السيزيفية المعدّلة)(1) أي الناجحة، ذات المسار الخطي، لا الدائري التكراري (كما هو حالها في نصّها الأصلي)، يبدو (صراع الوجود) مقيماً كناموس حاكمٍ لتوازن القوى في علاقات الجماعات عبر التاريخ، منذ تلك اللحظة التي أصبح كل منها (آخر) بالنسبة للأخرى، في تبادل متوازنٍ وعادلٍ للصفة…
أكمل القراءة » - سبتمبر- 2024 -23 سبتمبرالعالم الآن
ألواح غزّة
-1- يعود قرار إنجاز مجزرة البيجر -pager، في مرجعيته إلى مصدرين: أولهما ديني يتمثّل بتعاليم وتوصيات ومبادئ معروفة واضحة وصريحة مشروحة في التوراة، وثانيهما تكنولوجي يتمثل في ما توصلت إليه الصناعة التكنولوجيّة العالية الاسرائيليّة “هايتك” وما وضعته في خدمة الاستراتيجيّة العسكريّة وعقيدتها. -2- إنْ تجاوزنا معهد إسرائيل للتكنولوجيا “التخنيون” الذي تأسس نظريّاً من قبل “جمعية عزرا” اليهوديّة – الألمانيّة في العام 1912، ليبدأ أعماله في العام 1924، إنْ تجاوزنا هذه الواقعة باعتبار “التخنيون” تغلب عليه السمة الأكاديميّة الجامعيّة، يكون تأسيس معهد “هنرييتا سالد” في العام 1941 هو الواقعة التي تعتبر البداية الفعليّة لمسار رحلة مراكز الأبحاث العلميّة والتكنولوجيّة التي أسستها الجمعيات اليهوديّة العاملة في إطار المشروع الصهيوني ومن ثم تولت الدولة هذه المهمة وطورتها على نحو جعل من إسرائيل في طليعة دول العالم في هذا الحقل، بل إنها تتبوأ مركزاً مرافقاً لمركز الولايات المتحدة الأميركيّة التي بطبيعة الحال تتصدر صناعة التكنولوجيا العالية ومساراتها المتقدمة وتوظيفاتها المتزايدة وآفاقها غير المحدودة. وادي…
أكمل القراءة » - 1 سبتمبرالشرع الأعلى
تراجيديا الهويّة وأوشامها
مقدمة إنّ التشابه الشديد، وفي سياق استبداده بنفسه وتكراره لها، يفضي إلى حالة من الضيق به وبنمطيته و(واحديته)، فيُنتج مختلف العوامل التي تشكل (عُدّة) التمرّد عليه، وإقامة حالات من التنوّع والاختلاف بديلاً منه، في تعبير واضح عن الخروج من حالة الوجود التبسيطي المرادف، أو القريب لحالة السكون، إلى حالة الوجود التركيبي المتعدد الدال على مسارات الحركة الآيلة في النهاية إلى الأساس الذي ارتكزت إليه الحالة الإنسانيّة، منذ وعيها لذاتها، وإلى الآن. على أنّ المسألة يجب ألاّ تُفهم بكونها اقتباساً لجدليّة هيغليّة عُنيت بالأصل، بتفسير التاريخ وحركته، بل بكونها رصداً لتلك اللحظة التي غادرت فيها الجماعة البشريّة ذاتها كحالة ابتدائيّة لا ثقافيّة/ واحديّة مبسّطة/ منتقلة إلى حالتها الثقافيّة / التراكميّة، والتي بمقدار ما حملت في ذاتها العوامل التي شكلت الحضارة الإنسانيّة في مختلف فصولها المتتالية، حملت أيضاً ذلك التنافر الشديد الذي يوصلها إلى التصادم والصراع في حركة “عمل معقّد” وغير مفهوم ربما؟ لإعادة الالتحام وإنتاج التشابه نفسه المقضي في طفولتها التاريخيّة،…
أكمل القراءة » - أغسطس- 2024 -6 أغسطسالعالم الآن
ألواح غزّة
-1- منذ إعلان المشروع الصهيوني قيام دولته إسرائيل في العام 1948، بدأت حروبنا مع هذه الدولة. تفرّدت حرب 1948 التي خاضها من جانبنا (جيش الإنقاذ) بكونها حرباً أخيرة، أي حرباً فاصلة، وبالفعل جاءت نتيجتها لتشير إلى هزيمة جيش الإنقاذ هزيمة تامة ونجاح المشروع الصهيوني في فرض إرادته وتصفير تاريخ فلسطين المعاصر ابتداءً من تلك اللحظة بعنوان: نكبة فلسطين. الحروب اللاحقة كلّها من 1967 إلى حرب 1973 إلى حرب 1982، إلى حرب 2006 أخذت طابع الحروب الاستراتيجيّة الكبرى، ولكن بقيت خارج معنى الحرب الأخيرة الفاصلة. -2- شكّلت حركات وأحزاب وتنظيمات منظمة التحرير الفلسطينيّة، التي بدأت مع حركة فتح كفاحها المسلح في الأول من كانون ثاني 1965، شكّلت (النسخة الأولى) التي أنتجها المجتمع الفلسطيني بمرجعياته السياسيّة والثقافيّة في ذلك الوقت، على أنَّ هذه النسخة تطبّعت بالواقع السياسي والثقافي لما يُفترض أن يشكل عمقها الاستراتيجي خصوصاً كيانات: الأردن والشام والعراق ولبنان، إضافة لمصر، ما أحالها من كونها حاملاً لمشروع استعادة فلسطين – في…
أكمل القراءة » - يوليو- 2024 -28 يوليوأوراق العالم القادم
الأفخارستيا النيوليبراليّة
لم يكن إجراء العرض الافتتاحي لأولمبياد باريس 2024، خارج الملعب كما هو معتاد، ليخدم فقط، وظيفة جماليّة إبداعيّة يمكن الشعور بها في العديد من محطات برنامج العرض، بل وأيضاً وبالدرجة الأولى للتأكيد أنَّ العالم القديم الذي يمثّله (الملعب – الستاد) بشكله الدائري – البيضوي ومدرجاته المتسقة المنظمة وفق قواعد هندسيّة دقيقة وأسواره المحكمة وبواباته العملاقة وقوانينه الرياضية وقيمه الأخلاقيّة… للتأكيد أنَّ هذا العالم انتهى رمزيّاً وواقعاً، وأنَّ عالماً آخر حلَّ مكانه وها هو يبسط سلطته الرمزيّة والواقعيّة، في أحياء المدينة وشوارعها وعماراتها وقلاعها وقصورها ومسارحها … عالم جديد يعيد إنتاج المدينة كما يراها هو فيتحرّش بتاريخها ويصل إلى علاماتها المميزة ليغيرها إلى الأبد. الأشخاص الغامضون، الأشخاص المتحولون جنسيّاً، المثليّون، ماري أنطوانيت المقطوعة الرأس حضرت في (مقطع الحريّة)، الحريّة القادمة التي ستحيل الإنسان إلى (فرد معزول) دون أفق اجتماعي يراه أو يحسّ به، الأفق الذي أعطاه معناه منذ أن وجد وإلى الآن، (الإنسان – الفرد المعزول) سيتغيّر جنسيّاً وثقافيّاً مع إسقاط…
أكمل القراءة » - يونيو- 2024 -18 يونيوالعالم الآن
ألواح غزّة
-1- في 5 حزيران من العام 1947، وفي خطاب ألقاه وزير الخارجيّة الأميركي، آنذاك، جورج مارشال في جامعة هارفارد، اقترح خطة الإنعاش الاقتصادي لأوروبا، أو خطة إعادة إعمار أوروبا، التي يشار إليها في الأدبيات السياسيّة بـ “خطة مارشال”. الخلفيّة الاستراتيجيّة التي استندت الخطة إليها، تتمثّل بالوقوف بوجه الاتحاد السوفيتي المنتصر والذي تخفق راياته الشيوعيّة في أوروبا الشرقيّة من جهة أولى، والعمل على إحكام ربط البنيّة الانتاجيّة الرأسماليّة الأوروبيّة وتشبيكها بالبنيّة الانتاجيّة الأميركيّة من جهة مقابلة. وعلى ذلك لم تذهب المليارات التي خصصها مجلس الكونغرس لأوروبا لإعادة الحجارة المدمّرة إلى مكانها، بل لإعادة توضيعها وفق النسق الذي يجعلها جزءً عضويّاً من المنظومة الرأسماليّة الأورو – أميركيّة التي ولدت للتو والتي سيوكل لحلف (الناتو) لاحقاً مسؤوليّة حراستها، ومعنى (العضويّة) هنا يحيل إلى النظام السياسي عموماً والمضمون الثقافي لآلياته بما يؤدي إلى الاطمئنان إلى هويته ومرجعياتها. ولذلك ستندرج في موازنة “خطة مارشال” نفقات لصالح وكالة المخابرات المركزيّة وعملياتها التي تخدم هذه الخطة والتي…
أكمل القراءة » - أبريل- 2024 -12 أبريل
الفِتنة…؟
-1- في سياق الحياة بـ (الإكراه) التي تمارسها الطوائف والمذاهب المقيمة في أرضنا المعذّبة، وكلما وقع قتيل من إحداها لسبب طائفي أو مذهبي وربما لسبب سياسي، أو لسبب شخصي، أو لسبب لا علاقة له لا بالطوائف ولا بالدين ولا بالسياسة، بل وقد يكون القتيل مهرّباً أو تاجراً بالممنوعات من المخدرات إلى الأعضاء البشريّة…أو ربما يكون عميلاً سريّاً لجهاز مخابرات دولة مصنّفة كعدوٍ… كلما حدث ذلك يتم شحذ السيوف ورصّ الصفوف فتقطع الطرقات وتُشعل الحرائق ويتم تحطيم السيارات والمحال التجاريّة في تمرين أولي استعداداً للمعركة المُشتهاة والتي يسارع (الحكماء) لوأدها وهم يرددون تلك العبارة التي يتم نسبها (…؟) لأحاديث الرسول: “الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها”. -2- منذ 1410 أعوام تم تدشين تاريخ الفتنة بمقتل الخليفة الراشدي عثمان بن عفان (سنة 35 هجرية)، أُسميت بالفتنة الكبرى، وأنجبت سلالة من الفتن الصغرى ودون توقف، وبسبب من سيلانها في تاريخنا أمسى وجودنا (فتنوياً)، فاستحالت الصفة العارضة إلى صفة (جينيّة – وراثيّة) عامة وشائعة،…
أكمل القراءة »