نزار سلّوم
- يوليو- 2020 -19 يوليومسار جلجامش
الخيار: دليلة
تصل (القوّة) في سياق تعاظمها إلى منتهاها، أي إلى كونها (قدرة) غير قابلة للإضافة، أو أنّ الإضافة التي يتم مراكمتها عليها، لم تعد ذات قيمة بفعل حالة الإشباع التي تضعها في ذروة التخمة من… ذاتها! آنذاك، تنتهي الوظيفة الرئيسية لـ (القوة) بخروجها وانفصالها عن سياق برنامجها المفترض، وتدخل في حالة سبات طويل، لكنها تحتفظ بقدرتها التخويفية فيما تتضاءل هالتها الردعية رويداً… رويداً، خصوصاً أنها بدل أن تقوم بحراسةِ وجودِ من أنتجها و أوصلها إلى ذروتها، تبدو في حاجة ماسة إلى من يتمكن من حراستها و الإبقاء عليها دون استخدام، وفي وضع أقرب لأن يحيلها إلى (صَنَم) معبود من الجماعة التي نحتته ونصّبته، وما فتئت تمدّه بمختلف العناصر المعظمّة له، إلى الوقت الذي لم تعد تراه إلاّ وهي جاثية أمامه خاشية منه ومغتبطة به وحارسة له وخائفة عليه! من أن يصيبه مكروه فيتفكك تدميراً لجماعته وقاتلاً لها، أولاً، أو يصل إليه (غريب) – من غير دينه؟ – طاعناً له قلبه مفتتحاً…
أكمل القراءة » - 16 يوليوالعالم الآن
الرجل المجنون يقود الرجل المريض!
سقطت القسطنطينية في العام 1453 ودخلها منتصراً السلطان العثماني محمد الفاتح. بعد أربعمائة عام تماماً،أي في العام 1853 بدا هذا السقوط بارزاً في ذاكرة روسيا التاريخية،حيث أطلق القيصر نيكولاي الأول صفة ( الرجل المريض) على الامبراطورية العثمانية التي بدأت عوامل التفكك والتآكل تبدو في أرجائها على نحو جليّ. وعلى مدى سبعين سنة متوالية سادت هذه الصفة في الأدبيات السياسية الأوروبية،ولم يتمكن أي سلطان عثماني – حتى آخرهم عبد الحميد الثاني– من إعادة إكساب الامبراطورية مظاهر الصحة والعافية، فظلّت رجلاً مريضاً وفي طور الشيخوخة،وكان أن أزمن المرض واستفحل إلى الوقت الذي دفع مصطفى كمال أتاتورك إلى إطلاق حكم إعدام مبرم بــ ( الرجل المريض ) متوافقاً مع المتغيرات الجيو-سياسية الكبيرة الناتجة عن الحرب العالمية الأولى ( 1914 – 1918 )، وتم تنفيذ هذا الحكم رسمياً بإعلان نهاية ( الخلافة الاسلامية ) ومعها السلطنة العثمانية،وقيام الجمهورية التركية العلمانية في العام 1923. في المؤتمر الثالث لحزب العدالة والتنمية الذي عقد في العام2009،تمت صياغة…
أكمل القراءة » - 13 يوليوالعالم الآن
سقوط اسطنبول…!
في العام 1935، حوّل مصطفى كمال أتاتورك كنيسة آيا صوفيا، التي أمست مسجداً منذ أقل من خمسة قرون، إلى مُتحف ناسفاً الصفة الدينية عنها، مستبدلاً بها المعنى الثقافي – التراثي – التاريخي. جاء قرار أتاتورك في إطار عملية تصفية السلطنة العثمانية ورموزها ومعانيها، مقابل تعمير الجمهورية التركية بصفتها الرئيسة التي أرادها لها: العلمانية. من المؤكد أن أتاتورك تيقّن منذ البداية، أنَّ الجسر الذي بناه الإمبراطور داريوس الأول في القرن السادس قبل الميلاد، والذي، بواستطه، عبرت الجيوش من ضفة إلى أخرى، لا يمكن له أن يحمل وظيفة نقل وجه تركيا الحديثة المتجهة صوب أوروبة. تطلبت هذه العملية مزيداً من الاستكمالات الثقافية التي وصلت إلى تغيير الأبجدية، التي غاب معها اسم السلطنة وسلاطينها. من بين المدن التركية كلّها، تتخذ إسطنبول مكانة خاصة واستثنائية، ولا تتوقف هذه الخصوصية عند حدود الدولة التركية الحديثة، بل تمتد تاريخياً لتبدأ من يوم تأسست باسم بيزنطة، لتتحول بعد ألف عام إلى القسطنطينية، ولتتحول بعد ألف عام أخرى…
أكمل القراءة » - 10 يوليو
هَدمُ أميركا !
في عيد استقلال الولايات المتحدة الأميركية – الرابع من تموز – لهذا العام، تم حرق العلم الأميركي، بنجومه المتحابة المتجاورة، من قبل متظاهرين أميركيين، في حدث رمزي كثيف التعبير، ليطاول الحريق أحد أهم المقدّسات الوطنية التي يتباهى الأميركيون بإجماعهم على احترامها، وعدم المسِّ بها بأية إشارة أو أسلوب يمكن أن يُضعف من هيبتها. قبل هذا الحادث، وبعيد مقتل جورج فلويد المأساوي، وفي سياق تطور الاحتجاجات على المعنى العنصري لحادثة القتل، بدأت ظاهرة إسقاط التماثيل المنصوبة في ساحات المدن الأميركية، والتي تعود في أولها إلى المكتشف الإيطالي – الإسباني كريستوف كولومب، وصولاً إلى تمثال الرئيس جيفرسون في ولاية فرجينيا، إلى تماثيل أخرى تم إسقاطها وقطع رؤوسها، في الوقت الذي طالبت فيه نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب، بإزالة أحد عشر تمثالاً لعسكريين ومسؤولين من الحقبة الكونفدرالية، والمتوضّعة في مبنى الكابيتول، لأن هذه التماثيل – حسب بيلوسي – تشير إلى (تكريم الكراهية)، فلا بدّ من إسقاطها. هذه الحوادث، بمعناها وأسلوب وقوعها ورمزيتها، لا…
استمع واقرأ » - يونيو- 2020 -27 يونيوالعالم الآن
دمشق بين الحلفاء والأعداء؟
سورية الصغرى – الجمهورية العربية السورية – شكّلت ولا تزال ما يمكن تسميته بـ ( العقدة الجيو- سياسية )، وعلى نحوٍ واضح، يؤشر هذا الملتقى الاستثنائي على أراضيها، لمختلف الإرادات والاستراتيجات العالمية والإقليمية، إلى تلك العقدة وطبيعتها، كما يؤشر أيضاً، إلى أن هذا الملتقى محكوم استمراره بـ ( هندَسَةٍ ) هي أقرب لأن تكون من عمل صائغ ذهب وألماس، أكثر من أن تكون حصيلة صراع استراتيجي مركّب. لم تأخذ سورية صفة ( العقدة الجيو- سياسية ) وطبيعتها، ابتداءً من آذار 2011، عندما اندلعت شرارة الأحداث التي لا تزال نارها مشتعلة فيها، بل هذه العقدة موجودة بحكم الارتسامات السياسية الممتدة خلفاً، والظاهرة بوضوح منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وحصول الكيانات السياسية على استقلالها. كان ( الصراع على سورية ) هو التعبير المُكثِف لمعنى أن تكون مكاناً / ملتقى، مشكّلاً لتلك العقدة التي شهدت بوجود نظام دولي ثنائي، ومع تغيير جذري أجرته على استراتيجتها السياسية، مترافقاً مع تعمير ( مِنصة قوة )…
أكمل القراءة » - 25 يونيوالعالم الآن
ماذا تضمن تقرير المخابرات المركزية الأميركية حول وباء كورونا؟
في مُناخ عدم اليقين الذي يسود العالم الآن، وفي سياق البحث المحموم عن أدلة تثبت أن العديد من الجهات كان لديها معرفة مسبقة بإمكانية ظهور وباء عالمي، تداول العديد من الكتّاب والصحفيين – بعضهم من مستوى احترافي مرموق – باسم كتاب يعود لـ ( سي آي أي ) تحت عنوان : كيف سيكون العالم غداً ؟. فأشاروا، على نحو عام وغير موثّق كفاية،( لا ضرورة علمية لذكر أسمائهم ) إلى أن الكتاب الموضوع في العام 2005 فيه معلومات تؤكد أن الوباء سيظهر حتماً ؟ ماذا يتضمن الكتاب فعلاً ؟ لدي قصة مع الكتاب سأرويها ومن خلالها نتعرف إلى محتواه. استلمت رسالة، بواسطة تطبيق الوتسآب، من أحد الأصدقاء فيها صورة لغلاف الكتاب المعني، مع تسجيل صوتي يشرح صاحبه فيه أنّ هذا الكتاب فيه معلومات تؤكد معرفة الجهة التي وضعته بأن وباءً قادماً سينتشر في العالم. ذكّرتني صورة الغلاف بكتاب كنت قد اشتريته منذ أقل من عشر سنوات، فعدت مباشرة أبحث عنه…
أكمل القراءة » - 25 يونيو
العالم في متاهته
وباء كورونا… انطلق، تقدم، انتشر، اجتاح العالم وضرب في جهات الأرض كلّها. الخبر… وقع كالصاعقة، فالتهم شاشات التلفزة ومساحات وسائل التواصل الاجتماعي، وهواء الهواتف وما تبقى من أسلاكها القديمة، وكالات الأخبار، مواقع الصحف … كلّها احتشدت وتوّحدت تحت راية كورونا على شبكة الأنترنيت. أوقفت حكومات العالم برامجها المقررة، ألغت مخططاتها، عدّلت استراتيجياتها. توقفت الطائرات عن الإقلاع، ماتت المطارات بعد أن تم إجلاء الرعايا وإعادتهم إلى منازلهم. أُغلقت الأسواق والمحال، وتوقفت حركة الناس في الشوارع التي خيّم عليها الفراغ… التزم البشر منازلهم، التي أمست كالملاجئ، يستمعون بفزعٍ لمعلوماتٍ يتم ضخّها عن هذا الوباء العجيب، الذي أصبح وراء الباب! يراقبون عدّاد ضحاياه التي تتزايد على مدار الساعة. قصصٌ وحكايا تُروى عنه وتُنسج، خرافاتٌ وأساطير يتم تناقلها بهلع، معلومات علمية، وأخرى تتنكر بمصطلحات علمية، سوقُ معلومات وأخبار هائل، لا مثيل له، فتُح على مصاريعه، بضاعةٌ من كل حدب وصوب ولون وصنف، وبدرجات متفاوتة الجودة والمستوى. تجّار معلومات، مروجو أخبار، بأقنعة واقية أو بدونها،…
استمع واقرأ » - 20 يونيومسار جلجامش
الجيوبوليتيك السوري
نقدّم هذا البحث لسببين رئيسين مباشرين : أولاً، لأنه يشكّل رؤية عامة محكمة للجيوبوليتيك السوري تعريفاً وكشفاً وتأريخاً وميزات وإشكاليات. ثانياً، لأنه يشكّل ( مثالاً منهجياً ) للأبحاث والدراسات والمقاربات التي تندرج في مسار جلجامش. الإطار العام لم يكن شين ئيقي ئونيني الذي يشير اسمه المحفور على اللوح الثاني عشر والأخير من ملحمة جلجامش، إلى أنه كاتب أعظم عمل أدبي إنساني في التاريخ القديم، لم يكن هذا الكاتب الكلداني يعرف أنه ومن خلال وصفه لرحلة جلجامش، وخصوصاً تحديده لمسارها الذي ابتدأ في أوروك شرقاً ووصل الأرز غرباً ثم قفل عائداً إلى أوروك, أنه وضع الارتسامَ الدائري الأول المؤسِّس لرحلة الجيوبوليتيك السوري في التاريخ. وإذا كانت الملحمة الكلدانية الموضوعة في بدايات الألف الثاني قبل الميلاد، تسرد وقائع رحلة ملك سومري (سواء أكان تخيلياً أو واقعياً) يعود وجوده زمنياً إلى بدايات الألف الثالث قبل الميلاد، فإنّ ما هو مؤكد أنّ سارجون الأكادي الكبير (2334 ــ 2279) ق.م كان وضع الارتسام السياسي الأول…
أكمل القراءة » - 19 يونيوأوراق العالم القادم
أيها العالم القديم.. وداعاً
فجأةً، وعلى نحوٍ صاعق، غافل فيروس كورونا كوكب الأرض ومَنْ عليه، وثار كبركانٍ هائجٍ ناثراً حممه في كل مكان، ونافثاً ناره ودخانه في أية رئة ضعيفة مختبئة في صدر إنسان، لا يزال للأمس القريب، يواظب على فعل الحياة. ثار كورونا كـ«مخلوق غير مرئي» زارعاً الهلع في النفس البشرية التي بدت ضائعة تائهة خلف سؤال ما إذا كان هذا «اللا مرئي» قابعاً في أحشائها، أو إلى جانبها، أو إلى جوارها… أو في أيّ جسدٍ إنساني قريب من جسدٍ إنساني آخر.؟ ثار كورونا فانكفأ الإنسان إلى منزله، الذي تحوّل بلمحة خاطفة إلى «جحر»، لا وظيفة له سوى عزل هذا الكائن الهارب الخائف وحمايته من نوعه وجنسه ونفسه!! دبَّ كورونا على الأرض كمخلوق أسطوري لا يقاوم بالمواجهة، بل بالتراجع من أمامه وإخلاء دربه والاختباء بعيداً عن مستشعراته، فلم يكن أمام الإنسان إلّا التراجع نحو بيته /ملجئه، تراجع هو في الحقيقة إخلاء شبه كلّي لـ«مكان حياته». تراجع الإنسان، غريزياً أو بقوة الإجراءات الرسمية للدولة،…
أكمل القراءة » - 19 يونيوالشرع الأعلى
كتابٌ ودعوة للحوار
اسم الكتاب: موسيقا النقد. اسم المؤلف: نزار سلّوم. الناشر: مركز سيرجيل 2019. ننشر فيما يلي النَص الكامل لكتاب موسيقا النقد / حزب أنطون سعادة وأزمته، حيث ( يتجه هذا الكتاب إلى بناء منصّة توحد الفكر في نصّه وناقده في آن….. يكتسب الكتاب ميزة إضافية من كون المسألة المطروحة بين الناقدين نزار سلّوم وأسعد أبو خليل ليست سوى الحزب السوري القومي الاجتماعي الذي يوضّب نقدياً الآن في حقلٍ مأزوم- من تقديم الناشر- انتهى الاقتباس ). يعالج الكتاب إضافة لذلك مسائل ذات أبعاد إشكالية مثل: صفة الزعامة المرافقة لاسم أنطون سعادة، كتاب نشوء الأمم، المسألة اليهودية، الحزب والنهضة….. يصل الكتاب في خلاصته الأخيرة إلى الاقتراح المنهجي التالي: تعرّض سعادة والحزب معه لقراءات متعددة متغايرة وذات مناهج مختلفة، وبسبب من الثقافة السياسية المبتذلة اللغة والقاموس والغاية، التي أشهرت في وجه الحزب وسعادة لأسباب سياسية محض، بما جعل الدراسات والأبحاث الجدية والمرموقة لا تظهر إلّا ابتداءً من سبعينيات القرن الماضي. بسبب من ذلك، ظلّت…
أكمل القراءة »