نزار سلّوم
- يناير- 2021 -1 يناير
لا يطيق العناق…!
أسقط التقويم آخر يوم من العام 2020، الذي انقضى… دون أن ينقضي! هو عامٌ فاصلٌ بين عالمين، أو قد يكون بداية حقبة ستفصل بين عالمين. كورونا: هو الاسم/الكائن، الذي أدّى إلى إنتاج هذه الرؤية للزمن ولتاريخ الإنسانية في لحظّتها الراهنة. كورونا: هو العنوان الطاغي على العام 2020، المستبّد بأبوابه وتفاصيله وملحقاته، والمُؤسس لذلك التغيير الحاسم في حياة الانسان كـ (فرد)، كما في حياة المجتمع الإنساني برمّته. فرض كورونا علينا: فلسفته وقيمه ومقاييسه ولغته وقاموسه. اسمه على شفاه كل إنسان، تمتمةً ووشوشةً وخوفاً، أو صراخاً ووجعاً وألماً، أو تداولاً علميّاً أو سياسيّاً أو فنيّاً… من شرق الأرض إلى مغربها، يدور حديث البشر عن هذا (اللا – مرئي)، وكأنّهم يتلون فصلاً من فصول علم اللاهوت، أو من الفلسفة الميتافيزيكية!! الإنسان في متاهة. حائرٌ كيف يرضي هذا (الجبّار، القهّار، القويّ، الفظيعٌ) الذي يتجه ليكون (عظيماً)؟ إلى الآن، لم نتمكّن من إنتاج شروط الطاعة التي تقنع هذا (اللا مرئي) بإشعارنا برضاه علينا، ومنحنا بركّته…
أكمل القراءة » - ديسمبر- 2020 -29 ديسمبرالعالم الآن
دمج الدين بالدولة
[سقطت دمشق بيد الجيش الفرنسي، بعد معركة ميسلون في 24 تموز 1920، فانكفأ المشروع العربي الحجازي، نحو مناطق الانتداب الإنكليزي، فارتسم في العراق والأردن حاكماً، إلاّ أنّه بدأ يتخذ هيئة مختلفة ويعبّر عن نفسه من خلال جمعيات وشخصيّات وأحزاب. وإذا كان ساطع الحصري (1879 – 1968)، يعتبر المفكّر العروبي الأبرز، الذي ظلَّ مخلصاً لـ (المشروع العربي)، معتبراً أنَّ القوميّة العربيّة ولدت مع الثورة العربيّة الكبرى، فإنَّ جيلاً مختلفاً – غير عثماني – بالأصل، كالحصري، سيبدأ بالحضور من مثل قسطنطين زريق (1909 – 2000) وزكي الأرسوزي (1899 – 1968) وميشيل عفلق (1910 – 1989) الذين كانوا سويّة في (عصبة العمل القومي) ثم ليتفرقّوا، ولكن ليتفّرّد ميشيل عفلق بوضع الصياغة الأيديولوجية للتيّار العربي/الإسلامي والتي سترتسم على هيئة حزب سياسي، سيؤسَس على مراحل ثلاث: 1941 – 1947 – 1952، ليصبح اسمه: حزب البعث العربي الاشتراكي] من المؤكد أنَّ حزب البعث العربي الاشتراكي، شكّل الحالة الأكثر تعبيراً، عن التيّار العربي الإسلامي، وهو مع الناصريّة…
أكمل القراءة » - 22 ديسمبرالعالم الآن
الهويّة السّوريّة
مقدمة: يتم راهناً، استعادة الخطاب الاستعلائي للتيار (العروبي الإسلامي)، في تجاوز غير مفهوم للوقائع التاريخية والأحداث التي وقعت ونتائجها، والتي كان هذا التيّار نفسه مسؤولاً عن وقوعها وعلى نحوٍ مباشر، في مِنَصّة الهلال الخصيب من شرقها إلى غربها! سنقوم في مقالات متتابعة بمقاربة إشكالية المنظومة السياسية/العقائدية للتيار (العروبي الإسلامي)، وهو تعبير نستخدمه بدلالته التي تشير إلى منظومة سياسية تزاوج العروبة بما هي دعوة هويّاتية لعالم يمتد من الحدود مع إيران شرقاً وصولاً لشاطئ المحيط الأطلسي غرباً، والإسلام وفق سرديته التاريخية، التي تتبناها العروبة، كدعوة دينية أنتجت دولتها/ خلافتها، ولا يمكن أن توجد دونها أو تتشارك مع غيرها. الإشكالية الرئيسية هنا، تتمثّل في محتوى الهويّة، وفي ذلك (التنمّر الفكروي) على الهويّة السورية وتاريخها، والعلوم الاجتماعية والحفريات الآثارية وتاريخ الحضارات. كما تتمثّل في جانبها الآخر، في ذلك (العِناد) الذي يتشّهى دائماً إنتاج (الغزو المستمر) منطقاً وأسلوباً. أولاً – إطار تاريخي عام خطأٌ شائعٌ، يُتخم فاتحة السرد التاريخي لأحداث القرن العشرين التي توالت…
أكمل القراءة » - 13 ديسمبرالشرع الأعلى
راهنيّة سعاده
1987 – ميخائيل غورباتشوف يُخرج من (كمّه) البيروسترويكا، ويجلببها بـ (الغلاسنوست). 1988 – فرنسيس فوكوياما يتلقّف الهدية، ليضع مقالة: نهاية التاريخ. 1991 – يتفكك الاتحاد السوفيتي. 1992 – فرنسيس فوكوياما يوسّع مقالته لتناسب الحدث، فيصدر كتاب: نهاية التاريخ والانسان الأخير. هذه هي اللحظات التراجيدية، التي مكّنت الليبرالية الجديدة، أو الليبرالية الديمقراطية، أو الرأسمالية، من تشييع الماركسيّة بـ (تجلّيّاتها الدولتية – السياسية)، وعممت خبر الموت وحالته، ليطاول العقائد والايديولوجيات البعيدة والقريبة، ليسود مصطلح: موت الأيديولوجيات أو نهايتها، ولتدّعي الرأسمالية التي تجدد نفسها، متشاوفة، أنّها وحيدة في هذا العالم!! عمَّ خبر (نهاية الأيديولوجيا) وطرق بابنا بصخب، فانتفضنا وفتشنا سريعاً عما يبعد عنّا هذا (الزؤام)، الذي لا ناقة لنا فيه ولا جمل! فلم نجد من سلاح بين أيدينا سوى سعاده لنشهره ونضعه في المواجهة، فهو جاهز، مستنفر، مستعد دائماً، بخطابه ولغته ومنهجه وأدواته. هكذا اعتمدنا: راهنيّة سعاده. من حينها، وإلى اليوم مضى هذا الوقت الطويل، ولا زلنا بين الحين والآخر، وكلّما داهمنا مستقصٍ…
أكمل القراءة » - نوفمبر- 2020 -29 نوفمبرالعالم الآن
إيران وإسرائيل
في 12 شباط من العام 1979، تم الإعلان رسميّاً عن انتصار الثورة الإسلامية في طهران، فطغت صورة أية الله الخميني على خريطة إيران، كما على تاريخها. بدا الخميني، حينها، وكأنه (ملء الزمان)، فلا يُرى ما قبله، ولا يُرى غيره في ما بعده، إن كان ثمّة تخيّل لـ (ما بعده)؟ في 19 شباط 1979، زحف الثوّار نحو السفارة الإسرائيلية في طهران، واحتلّوها ونزعوا عنها اسمها، واستبدلوه باسم سفارة فلسطين، وأعطوا لياسر عرفات الذي كان قد وصل مسبقاً إلى طهران (17 شباط)، شرف رفع العلم الفلسطيني فوق ما كان اسمه (سفارة دولة إسرائيل). في خلال أسبوع واحد فقط، وقع هذا الحادث. بدا الأمر وكأنَّ الثورة الإسلامية في إيران، هي ثورة ضد (إسرائيل)، أكثر مما هي ثورة ضد الشاه والعائلة البهلوية! كان احتلال السفارة الإسرائيلية واستبدالها بالفلسطينية نوعاً من تقديم (مثال حيّ)، عن طبيعة العلاقة التي تراها الثورة الإسلامية مع (إسرائيل)، والتي ليست، وفق هذا المثال، سوى (إزالتها من الوجود وعودة فلسطين لمكانها)،…
أكمل القراءة » - 25 نوفمبرمشاريع
معتقل أنصار والهروب الكبير
مشروع رقم (3) معتقل أنصار والهروب الكبير حتى لا يقتل الجهل والتجاهل تاريخ البطولة، ولا يبقى غير تاريخ الذل! الفكرة الرئيسية لمشروع رواية تلفزيونية (مسلسل) إطار عام أقامت إسرائيل مع اجتياحها لجنوب لبنان وصولاً إلى بيروت، معتقل أنصار الشهير الذي كان فيه أكثر من 10000 أسير ومعتقل ومقاوم. في هذا المعتقل، كان ثمّة حياة استثنائية ومغايرة تُمارس من جهتين متواجهتين متصارعتين ومتنافيتين: المُحتّل بجنوده وضباطه وقادته، والأسرى من مختلف الجهات التي قاومت الاجتياح، كما قاومت المشروع الإسرائيلي دائماً. المقاومة الوطنية اللبنانية، والمقاومة الفلسطينية، والجيش السوري، إلى منظمات أخرى وأفراد آخرين من غير تنظيمات، وأحياناً من دون التزام تنظيمي. الحياة داخل المخيم كانت غنيّة بتفاصيلها، ومدهشة بعناوينها. فيها كل العناصر التي تؤكّد أنَّ ثمّة (دراما) عالية المستوى دارت إحداثها في داخل هذا المعتقل. أحداث أخذت طابعاً ملحمياً في مفاصل استثنائية، لعل أكثرها تعبيراً عن هذا المعنى، محاولات الهروب المتكررة التي خططت لها ونظّمتها مجموعة من الأسرى، حيث فشلت في محاولتين، إلى…
أكمل القراءة » - 12 نوفمبرالعالم الآن
الهويِّة العميقة في مواجهة الدولة العميقة
إنَّ الانتخابات، ستكون بين دونالد ترامب والديمقراطية! هذا ما قاله بيرني ساندرز، في وقت سابق للثالث من تشرين ثاني، واضعاً مصير الديمقراطية الأميركية قيد (النهاية) إن فاز ترامب! من المؤكّد أنَّ السيناتور ساندرز، المرشّح لمرتين متتاليتين، والمنسحب لمرتين متتاليتين، في العام 2016 لصالح هيلاري كلينتون وفي العام 2020 لصالح جو بايدن… ساندرز الذي يُوصف بـ (الأحمر) ليساريته الاجتماعية التي لامست (الاشتراكية) في بعض عناوينها… من المؤكّد أن لا شيء يجمعه مع ترامب، بل هو مثال متكامل عن التناقض معه… لكن ومع ذلك ثمّة ما يبدو مشتركاً أو، على الأقل، متشابهاً بين الاثنين! دونالد ترامب، ليس جمهوريّاً بالمعنى التقليدي. هو (مستقل) تحت يافطة الحزب الجمهوري. بيرني ساندرز ليس ديمقراطيّاً بالمعنى التقليدي. هو (مستقل) تحت يافطة الحزب الديمقراطي. يجتمع الاثنان في كونهما يتواجهان، كل بمفرده، مع (الدولة العميقة). التي وإن تُرى بوضوح في فضاء الحزب الديمقراطي إلاَّ أن نفوذها موجود ولها جذور راسخة في أرض الحزب الجمهوري. (الدولة العميقة)، التي منها (مجتمع…
أكمل القراءة » - 5 نوفمبرالشرع الأعلى
أنطون سعادة وأمته وحزبه
[نشرت جريدة الأخبار يوم الأربعاء 28 تشرين أول 2020، أربعة مقالات يمكن اعتبارهاً ملفاً حول أنطون سعادة وفلسفته وحزبه ومشروعه وأزمته الراهنة. وهذه المقالات هي للكتّاب: جورج يونان، عبد المنعم عيسى، أسامة سمعان، طه غدّار. كُتب هذا النصّ، بعد قراءة ذلك الملف، وهو يأتي كنوعٍ من التداعي الفكري وليس كقراءة نقديّة] -1- راهنية سعادة لا تتبدى راهنيّة سعادة فحسب، في تلك الشواهد الكثيرة والمدهشة التي نراها عنده، وتتناول مسائل مرتبطة بأحداث تقع الآن. حيث هذا المنهج الذي يعتمد (النصّ القديم) بعباراته وجمله وكلماته، لمقاربة (واقع راهن) يمكن أن يؤول إلى (سلفية مبّطنة) لا تجد تفسيراتها إلاّ في نصّها المرجعي. يجب مقاربة راهنية سعادة، باعتماد منهجه نفسه. أي تبقى الأسئلة هي باب الدخول ولها أسبقية فلسفية على الأجوبة. نقترح، في هذا المجال، الجملة التساؤلية التالية: في ضوء الواقع الذي يحكم مصيرنا، بحوادثه وعلاماته وآفاقه. هل نحن بحاجة إلى سعادة وفلسفته وحركته؟ وهل هذه الحاجة مصيرية؟ ولماذا هو تحديداً من يشكّل هذه…
أكمل القراءة » - أكتوبر- 2020 -25 أكتوبرالعالم الآن
مرتزقة… سوريّون!
بلى، مرتزقة سوريّون، في ناغورني كاراباخ وليبيا… وغداً في الجبهة التركية التالية. بالتأكيد، هم ليسوا من سلالة من يظهرون في الشريط السينمائي (المرتزقة)، الذي بطبيعة الحال يؤسطر القدرات الفيزيائية والسلوك الأخلاقي لـ (المرتزق الأميركي) الذي يمثّله سيلفستر ستالون وجيسون ستيتام وغيرهما، ذلك المصنوع سينمائياً وفق (وجبة سياسية) مدعّمة بـ (مكياج الأهداف السامية)، فمرةً يقوم ريتشارد بورتون مع روجر مور وكتيبة المرتزقة في شريط (الوز البريّ، 1978)، بعملية في إفريقيا لتحرير رئيس مظلوم، لتعود الكتيبة في مرة أخرى بقيادة ستالون 2011، للقيام بعملية في أميركا اللاتينية لإسقاط حاكمٍ ديكتاتور وطاغية. المرتزقة في المخيال السينمائي الأميركي هنا، تؤكّد تلك الصورة التي ستشكّل دائماً، الملصق المجمّل لسمعة (شركات الخدمات الأمنية) التي تحتّل مكاناً ملحوظاً في بنية الآلة العسكرية والأمنية للعديد من الدول الكبرى أو تلك الطامحة نحو تكبير نفسها. (بلاك ووتر/ أو أكاديمي – اسمها الآخر -)، ستشكّل حضوراً بارزاً في العمليات العسكرية الأميركية في العراق وأفغانستان، وسيكون تمويلها ملحوظاً في موازنة البنتاغون،…
أكمل القراءة » - 18 أكتوبرالعالم الآن
روسيا السوريّة!
(روسيا السورّية)، مصطلح نقترحه لتكثيف شرح وتوصيف ما نسميه (التوهّم السوري بروسيا)، وهو ذلك التصوّر الحلمي – من الحلم – الذي يفترض ويرى تطابقاً تاماً بين المصلحة السورية العليا وصنوها الروسية، بما يتجاهل ويتجاوز الشروط والمحددات السياسية التي تنظم العلاقة بين دولتين والاتجاه لاعتبارهما (حالة جيوسياسية موحدة). في الأصل الراهن لهذا (التوهّم)، تبدو الحاجة المصيرية السوريّة لروسيا واضحة دون أي التباس، والتي وصلت في صيف العام 2015، إلى المرحلة التي كان فيها وجود الدولة مهدداً أكثر من أي يوم مضى منذ الاستقلال في العام 1946. ومع التدخل الروسي المباشر إلى جانب الدولة في وجه الميليشيات الإرهابية المدعومة، بكيفيات خاصة ومتبدلة وحسب الأوليات الاستراتيجية، من تحالف دولي يضم 82 دولة بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، بدا وكأن روسيا تضع قدراتها في خدمة الدولة السورية، فبدأ آنذاك (التوهّم) يتأسس وفق مصطلح: روسيا السوريّة، الذي ساد معناه طوال السنوات الماضية بحضور متفاوت الدرجة، وبحسب المناسبات الميدانية العسكرية وطبيعتها، حيث وصل إلى ذروة حضوره مع…
أكمل القراءة »