نزار سلّوم

  • أكتوبر- 2020 -
    13 أكتوبر

    منطق الصحراء

    -1- في منطق الصحراء، تتسارع معاني الضياع والسراب والخواء، وتتزاحم مع شبيهاتها فوق الرمال (المُجمَّرة / الرمضاء)، التي تكاد تكون (بضاعة جهنم) أو هي كذلك بالفعل. في هذا المنطق، لا يبدو وجود الواحة مع (نبعها الوحيد) واضحاً وحاضراً في مستوى درجة حضور الرمال المتماوجة والكثيفة والمترامية التي لا يتيح وجودها الطاغي المجال للتفكير بوجود تلك الواحة مع (نبعها)! ينطوي المشهد هنا، على سرِّ منطق الصحراء وخداعه ومُكره، والذي يتكّشف عن الكيفية التي يحفظ فيها ذاته، بالإنجاز المتواصل لفعل التصحير، باعتباره الضرورة المصيرية لوجود الصحراء واستمرارها. يرتسم منطق الصحراء، مع انكشاف سرِّه، في التساؤل التالي: مَنْ يُنتج مَنْ، النبع وواحته أم الرمال؟ -2- وفق منطقها، تبدو الصحراء كـ (مجموعة ممالك) محكومة بـ (ملوك – واحات)، لا تسلّم عرشها إلى أن تذبل شجرتها ويجف نبعها. وفي حين يكون التصحّر فعل الصحراء الذاتي الذي يكفل لها إنتاج نفسها دائماً، بتجاوزها لحدودها وتدمير ما هو (غيرها) – في الصحراء الطبيعية: (غيرها) هو الشجر والسهول…

    أكمل القراءة »
  • 8 أكتوبر
    جمالياتPhoto of ديناميت ألفرد نوبل ينسف المخيلة!

    ديناميت ألفرد نوبل ينسف المخيلة!

    منحت جائزة نوبل للآداب لهذا العام للشاعرة الأميركية لويز لوك (على صوتها الشاعري المميز الذي يضفي بجماله طابعاً عالمياً على الوجود الفردي)، كما جاء في نص الأكاديمية السويدية للعلوم، فتكون لوك الأنثى السادسة عشرة، في سجلّ نوبل الذي يعجُّ بالذكور، فيما تدخل برقم 111 في السجل العام للجائزة. مرة جديدة، تثار الأسئلة حول جائزة نوبل وما يحيط بها من غموض، والدوافع النهائية التي تؤدي إلى منح كاتب دون آخر؟ برأينا الشخصي، تشكل نوبل خطراً محدقاً بالمخيلة الإبداعية، وتعمل على استعبادها وترويض حريتها بما يتناسب مع مقاييسها ورمزيتها وسلطانها. منذ الرقم 89، لم أتابع عدّ سكان نوبل للآداب، ذلك لأن ديناميت نوبل لا يزال حاضراً وإن تم توضيبه للعبادة، لا للتفجير؟ هذا المقال كان بمناسبة نيل ديريك ولكوت الجائزة:   من رينيه فرنسوا أرماند (سولي بريدوم) الفرنسي الذي افتتح القرن العشرين بدخوله مملكة ألفرد نوبل بنيله جائزته عام 1901، إلى ديريك ولكوت الحائر الانتماء، وإن كانت ورقة إقامته تشير إلى سانتالوتشيا…

    أكمل القراءة »
  • 6 أكتوبر
    العالم الآنPhoto of نعم…على الأتراك الانسحاب من (تركيا)

    نعم…على الأتراك الانسحاب من (تركيا)

    ليس من المهم التحقق من كلام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، من أن (آثار المقاومة العثمانية) لا تزال موجودة وشاهدة على أن القدس مدينة عثمانية، فهي (مدينتنا) كما قال تماماً!  بل ليس من الحكمة الاستعانة ببعثات تنقيب للاستدلال على آثار تعود لعهد إمبراطورية سيطرت على القدس لأربعة قرون وسنة (1516 – 1917)، فالتدليل على كون العثمانيين كانوا في القدس لا يحتاج إلى هذا العناء كله.  لكن وبسبب تلك (الآثار) يصرخ أردوغان: القدس مدينتنا؟ فذلك نهج (المصطلح الأدق: إفتاء)، يشرّع الباب واسعاً لعملية تصفية منهجية للتعاقب التاريخي، تناسب شعوباً أكثر من غيرها، غير أنها لا تناسب الشعب التركي ورئيسه على الاطلاق. لا تاريخ تركيا الحديث، ولا ماضيها العثماني، ولا ماضي ماضيها السلجوقي، يعود بالمعنى الجيوسياسي، إلى ما قبل القرن العاشر. أي أنَّ عمرها التاريخي لا يتجاوز، حتى ولو وصل إلى سلجوق بن دقاق – الجدّ المؤسس – إلى أكثر من ألف عام بقليل. فيما (الرحلة العثمانية) السياسية في آسيا الصغرى، بدأت…

    أكمل القراءة »
  • 2 أكتوبر
    العالم الآنPhoto of الرئيس والملك

    الرئيس والملك

    لم يكترث الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لخبر وصول كوفيد التاسع عشر للسياحة والتجوال، وربما التغلغل، في أنحاء سكان الولايات المتحدة الأميركية. حيث لم يجد هذا الملك المتوّج حديثاً على عرش سلالة كورونا، عند وصوله، أية استعدادات تتناسب مع (مكانته وهيبته وسمعته)، فنزل في مطارات نيويورك وواشنطن وفلوريدا وكاليفورنيا… دون ملاحظة أية تحضيرات ملموسة لـ (استقباله)، كما يليق بـه، فبدا كزائر عادي، وربما كمتسلل، لم يعبأ به أحد، من الرسميين، كما لم يستلفت انتباه أحد من العامة، فما كان منه إلاَّ أن نشر جيوشه وكتائبه وجنوده في أي جسد يقف في دربه ويصادفه، وبه ثغرة صحية أو ضعف خلقي أو علّة. ومع التوسّع المتزايد الذي حققه (الملك) كوفيد التاسع عشر، في أكثر من ولاية، وخصوصاً مع حضوره الطاغي في نيويورك، ظهر كعدوٍ قوي في مواجهة التشاوف واللامبالاة والاستصغار الذي قابله فيه الرئيس ترامب، الذي وجد نفسه أخيراً في نزال لا بدَّ من خوضه، خصوصاً أن السمعة المرعبة للزائر/الملك، بدأت تؤثر على…

    أكمل القراءة »
  • سبتمبر- 2020 -
    29 سبتمبر
    العالم الآنPhoto of إيديولوجيا الهزيمة

    إيديولوجيا الهزيمة

    [محمود درويش، شاعر فلسطين وقضيتها، بل (إيقونتها)، يستغرب في العام 2000، كيف أنَّ الحكومة الإسرائيلية لم توافق على مقترح وزير التربية يوسي ساريد، بإدراج قصائد له في الكتب المدرسية الإسرائيلية! ويزداد استغرابه فيقول طلبوا تغيير الميثاق الوطني الفلسطيني فغيرناه… أخذوا كل شيء؟ درويش، سياسياً، من فريق أوسلو، وربما يتجاوز هذا الفريق في الكيفية التي ينظر فيها إلى مستقبل القضية الفلسطينية في إطار مفهوم للسلام، قائم على التنازل عن عتبة الهويّة. تناول الناقد السوري المعروف فيصل درّاج هذه المسألة، ومن ثم تناولتها بدوري في هذا المقال، الذي أستعيده الآن، في هذه اللحظة التي يتم فيها حصار الخيار الفلسطيني، ما بين الشروط الإسرائيلية/الأميركية/العربية، من جهة، وفريق أوسلو في رام الله وحماس في غزة من جهة أخرى.] يستبعد فيصل درّاج (الوسط: العدد 424، تاريخ 13/ 3/ 2000م)، قراءة قرار وزير التربية الإسرائيلي يوسي ساريد بإدراج قصائد محمود درويش في المناهج التعليمية الرسمية، يستبعد الثقافة والسياسة كحقلين محتملين لهذه القراءة، معتبراً أنها ممكنة على…

    أكمل القراءة »
  • 27 سبتمبر
    جمالياتPhoto of في حدائق رياض نجيب الريّس

    في حدائق رياض نجيب الريّس

    لم يكن رياض نجيب الريّس كاتباً صحفياً عادياً، كما لم يكن مشاكساً فحسب، كما يحلو له أن يصف نفسه، بل كان (عمارة) صحفية وثقافية من نموذج بنيوي وجمالي شديد الخصوصية والتميز. في خلال ساعات قليلة من إعلان وفاته في بيروت، بدأ الكتّاب والنقّاد وأهل الصحافة يكتبون عنه، رثاءً له ولزمنه، وربما، لمشروعه، في وقت لم يعد لمثل تلك المشاريع الثقافية سوى ترتيب نفسها والقبول بالإقامة سعيدةً على رف يؤرخ لها من لحظة ولادتها إلى لحظة تقاعدها، ولا نقول موتها، فهي بعيدة عن النهايات، وإن قال الريّس عندما قرر وقف إصدار مجلة الناقد في العام 1995: (لا بدَّ للأشياء الجميلة من أن تنتهي في يومٍ ما؟). لأكثر من مرة خلال سنوات خلت، كنت عازماً على كتابة مقال أو أكثر، عن جوانب أدبية تخصني، وكان رياض نجيب الريّس من المحيطين بها بل والمتسببين بها على نحو مباشر ورئيسي. سأكتفي بهذه المناسبة، بكتابة قصتي مع الشعر وجائزة يوسف الخال للشعر، التي أسّسها وأطلقها…

    أكمل القراءة »
  • 21 سبتمبر
    جمالياتPhoto of الكرسي

    الكرسي

    الكرسي (ملحق عن أحوال السلطان) تتقدم الجموع باتجاه الكراسي المنسّقة بأناقة، المصفوفة بترتيب دقيق، إنما مُستنفر للحيرة! تجلس الجموع. كل واحد منهم على كرسيه المُخصص له، ليس من أحد دون كرسي. قهقهات صاخبة، أصوات هائجة، ابتهاج طاغ، سعادة فائقة، صوت واحد من الجموع (كأنه شعار): يحيا العدل. *** يلتمس السلطان طريقه بين الكراسي، مربّتاً على كتف (واحد) في الأمام، مشجعاً (ثان) في المنتصف، مومئاً بابتسامة لـ (ثالث) في الأخير. مُكشّراً للآخرين، فيضيق تنفسهم. يصيح الأول: عاش. يصيح الثاني: عاش… عاش. يصيح الثالث: عاش… عاش… عاش. يصيح الآخرون: عاعاعا… ش. يبتسم السلطان لهم، يتنفسون. *** يستغربون…!! ليس للسلطان كرسي ليجلس عليه؟ يروح ويجيء بين الكراسي. يشكر متطوعاً لدعوته إلى الجلوس مكانه… لا يجلس؟ يحيي متحمّساً لدعوته إلى مناصفته مكانه… لا يجلس؟ واحد من الجموع، لوجعٍ في قلبه… مات، نقلوه إلى المقبرة. كرسيه فارغ… ولكن السلطان لا يجلس؟ يروح ويجيء وأنظار الجموع مصاحبة لرواحه ومجيئه.          *** يقصُّ السلطان حكاية طويلة، ملولة، مشوشة……

    أكمل القراءة »
  • 15 سبتمبر
    العالم الآنPhoto of رام الله وغزة

    رام الله وغزة

    في أحد أهم جوانبها الإشكالية، تطرح الاتفاقيات الموقّعة بين الامارات والبحرين، كل منهما مع إسرائيل، مسألة أحقية السلطة الفلسطينية في نفد هذه الاتفاقيات وإدانتها، مع التساؤل عن المرجعيات التي تستند إليها في نقد هذه الاتفاقية أو تلك وإدانتها؟ لا تتأتى هذه الإشكالية وتساؤلاتها، من استصغار مُتعمد لـ (السلطة) واستهانة بقدراتها، بل من الانتباه إلى طبيعة الإطار الذي تكوّنت فيه هذه (السلطة)، وتدرجت منهجياتها إلى الوقت الذي جلست فيه ولا تزال حبيسة (المكان) المخصص لها، كما حبيسة الإطار نفسه الذي أنتجها ووضّعها في مجاله وفلكه. إذا كانت اتفاقية أوسلو (1993 – 1995)، قد شكّلت الإطار السياسي – الدولي الذي أنتج السلطة الوطنية الفلسطينية، فإن هذا الإطار نفسه، هو ما جعل من تعديل (تغيير) الميثاق الوطني الفلسطيني، الرحم الذي سيعطي لهذه السلطة هيئتها وطبيعتها، التي ستكرّسها منقوصة عن معنى السلطة / الدولة من جهة أولى، و (قاتلة) لما يُفترض أنه يشكل (ماضيها / تاريخها) من جهة ثانية! وإذا كانت السلطة قد استهدفت،…

    أكمل القراءة »
  • 13 سبتمبر
    مسار جلجامشPhoto of 100 عام على معاهدة سيفر

    100 عام على معاهدة سيفر

    المسافة بين فرساي وسيفر في باريس ليست طويلة، ومع ذلك تم اختيار قصر فرساي لتوقيع معاهدة السلام (حزيران 1919) التي بموجب شروطها استسلمت ألمانيا، فيما تم اختيار قاعة المعارض في معمل الصناعة الوطنية للخزف في سيفر(آب 1920) لتوقيع المعاهدة التي بموجب شروطها استسلمت الإمبراطورية العثمانية. وفي الوقت الذي أدت فيه معاهدة فرساي إلى تغييرات سياسية في ألمانيا جاءت في نتيجتها بأدولف هتلر وحزبه إلى السلطة، وليدخل العالم معه في حرب عالمية ثانية (1939 – 1945) كان من نتيجتها هزيمة ثانية لألمانيا واستسلام آخر لشروط الحلفاء ومعهم الاتحاد السوفيتي. فإن معاهدة سيفر واجهت عدم اعتراف مباشر بها من قبل الحركة القومية التركية، بقيادة مصطفى كمال، فيما تم تجاوزها مع الوصول إلى اتفاقية لوزان في تموز 1923، ومن ثم محوها تماماً مع استلام مصطفى كمال للسلطة في تشرين أول 1923. انتهت الحرب العالمية الأولى بهزيمة ساحقة لألمانيا والامبراطورية العثمانية، وتم التوصّل إلى (هدنة مدروز في تشرين أول 1918)، حيث سيطر الحلفاء على…

    أكمل القراءة »
  • 6 سبتمبر

    فيروز وسارتر وبونابارت!

    في العام 1945، مُنح الفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر وسام جوقة الشرف، ولكنه سارع إلى رفضه (باسم الحرية). لم يكن سارتر أول من يرفض هذا الوسام (الامبراطوري النابليوني)، حيث سبقه العديد من الشخصيات إلى ذلك، مثل الأديب غي دي موباسان والعالم بيير كوري الذي قال (لا أرى ضرورة لذلك)، ومن ثم لتزداد لائحة أسماء الرافضين، من مثل سيمون دو بوفوار وألبير كامو، وصولاً إلى كاتب القصص المصورة جاك تاردي الذي أجاب بأنه يريد أن يبقى (رجلاً حرّاً)، فيما رفضت الممثلة صوفي مارسو الوسام لأن أحد الأمراء السعوديين كان قد حاز عليه! سجل الأسماء الرافضة للوسام يشي بكون هذا الرفض أمسى ظاهرة، تضعه بتاريخه وسجله ومن حاز عليه في حقل الشكوك، وربما، الاتهام ! -1- الحديث عن حرية المثقف الفرنسي، وبالأخصِّ الفيلسوف أو الكاتب أو الفنان، يستدعي تقليدياً قياس، ليس درجة الحرية التي يحسّ بها ويعيشها، بل ملاحظة (فائض الحرية) الذي يشكل ملكيته الخاصة والمقدسة. بهذا المعنى، لا تقاس درجة الحرية…

    استمع واقرأ »
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق