نزار سلّوم
- سبتمبر- 2020 -4 سبتمبرجماليات
التأريخ الجمالي للمكان
يمكن أن تشكّل أعمال فريد السباعي التشكيلية سجلاً استثنائياً لتوثيق ( الأمكنة) وتحنيطها في لحظة محددة وخاطفة، التقتطتها ذاكرته وخزّنتها وحافظت على تفاصيل هيئتها بشكل مدهش، إلى أن قررت ريشته استحضارها بتلك الألوان (المعتّقة) في ذاكرته البصرية، التي ظلَّ أميناً لمحتوياتها لسنوات طويلة، إلى أن تقاعد وهو الأستاذ الجامعي المتخصص بالرياضيات التطبيقية، ليجد نفسه في مواجهة (أمكنة) مرّ عليها الزمن، فتغيرت وتبدلت وهرمت وتجددت، وربما دُمرت تماماً وأصبحت خراباً ؟ وإذا كانت أعمال فريد السباعي تنضوي تحت عنوان: التأريخ الجمالي للمكان، إلاّ أنَّ هذا العنوان يحيل إلى تساؤلات إضافية متصلة بالأمكنة ذاتها واختيارها دون غيرها؟ كما في التساؤل عن تلك اللحظة التي تم فيها اصطيادها أو ضبطها وتوضيبها كمشهد بصري، حتى وإن كانت مكاناً راسخاً، لا يحيد عن الرؤية بحكم الإقامة فيه أو المرور اليومي قربه أو التردد عليه؟ يفتح السباعي صندوق ذاكرته واسعاً، ويقطع مسافات ماضيه، ما بين بيت أهله في حمص وشارع الغوطة وقهوة الدبلان، وصولاً إلى حي…
أكمل القراءة » - 3 سبتمبرالعالم الآن
الخيار: لبنان
يمكن التساؤل، بعد زيارتين «ثوريتين» للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى لبنان، إن كان ثمة استفاقة للاستراتيجية الفرنسية يمكن ملاحظتها من المنصّة اللبنانية؟ وعلى النحو الذي يمكّن من اعتماد مصطلح: الخيار: لبنان، كعنوان لهذه «الانتفاضة» المتزامنة مع رمزية الاحتفال بمئوية لبنان الكبير، وتدين بالشروع في حركتها الراهنة للدوّي الهائل لانفجار مرفأ بيروت، الذي سُمِعَ من قصر الايليزيه في باريس. خرجت فرنسا استراتيجياً من شرقي المتوسط، منذ خمسينات القرن الماضي، عندما بدأ الحضور الأمريكي يطغى إلى حد الامتلاء الكامل، مجاوراً لحضور سوفيتي، سيتقلص مع الوقت إلى أن يصبح روسيّاً في سورية وحدها. وفي الوقت الذي حاول فيه الجنرال ديغول، انتزاع تموضع استراتيجي فرنسي مستقل عن الولايات المتحدة وحلف الناتو عبر ما يُعرف بـ «السياسة العربية» للديغولية، غير أن هذه النزعة التي حافظت على مكانة تقليدية في السياسة الفرنسية قضت نهائياً ـ للمفارقة ـ على يد آخر الديغوليين في الرئاسة: جاك شيراك، الذي سلّم واشنطن الأوراق الفرنسية الاستقلالية باتفاقه الشهير مع جورج بوش…
أكمل القراءة » - أغسطس- 2020 -29 أغسطسالعالم الآن
لبنان الكبير
بعيداً عن السرد التاريخي المعروف والمكرر الذي يلاحظ كيفية ولادة لبنان الكبير، الذي تشكّل رحمه ما بين نهاية الحرب العالمية الأولى في 11 تشرين ثاني من العام 1918، وموقعة ميسلون في 24 تموز 1920، التي كانت البوابّة التي عَبَرَها الجيش الفرنسي نحو دمشق. وما جرى بين هذين التاريخين من نشاط سياسي دولي ومحلي، أدى في نهايته إلى إعلان البشارة السّارة بولادة هذا (المخلوق السياسي: لبنان الكبير)، بصوت القابلة الفرنسية، التي استولدته من ذلك الرحم وسلّمته للإشبينين الأبديين البطريرك والمفتي، اللذين سيرضعانه من حليبهما الطائفي بالتساوي، ويرعيانه ويلعبان معه وبه، ويتخاصمان عليه ويمزقان ثيابه ويجرحان جسده الذي يحمل ندوباً لا تندمل، ثم يعودان للاتفاق على ضرورة صيانته ومداواة جراحه والحفاظ عليه… كما هو وكما استلماه من القابلة، وذلك حينما يستشعران بأن ثمة من يحاول تحريره من بين يديهما اللتين تكبّلانه، لإطلاقه حراً في نطاق (ملعبه) التاريخي ليشتعل نوراً وهّاجاً في وجه ظلمة كالحة! بعيداً عن هذا السرد الذي يمكن أن يتشعب…
أكمل القراءة » - 28 أغسطسمشاريع
الواقع السياسي وتأثيره على الواقع الاقتصادي في دول الهلال الخصيب
المشروع رقم (2): الواقع السياسي وتأثيره على الواقع الاقتصادي في دول الهلال الخصيب الفكرة الرئيسية لمشروع بحث جامعي في الاقتصاد السياسي تحديدات أولية 1 ــ الفكرة الرئيسية: دراسة تأثير العامل السياسي في الوضع الاقتصادي، استناداً إلى معطيات الجغرافيا السياسية والمناهج السياسية، للدول المعنية بالبحث. 2 ــ المجال المدروس: العراق ــ الجمهورية العربية السورية ــ الأردن ــ لبنان. يمكن دراسة علاقة دولتين بشكل تفصيلي كنموذج. (يفترض ملاحظة الوضع الاستثنائي لفلسطين). 3 ــ المجال الزمني: المرحلة الممتدة بين 1940 التاريخ الذي بدأت هذه الدول فيه تتهيأ لنيل استقلالها الوطني، والعام 2000 الذي يؤشر على وضع جديد لهذه الدول، سياسياً واقتصادياً. 4 ــ المستند الرئيسي للبحث: البيانات الإحصائية والرقمية للخط ونتائجها التي تم تطبيقها في تلك الدول، واستناد هذه الخطط إلى واقع ورؤية سياسية محددة. والأحداث الكبرى وتأثيراتها على خطط هذه الدول. ــ أ ــ قد يكون بحث تأثير العامل السياسي في الوضع الاقتصادي من الأبحاث الكلاسيكية في علم الاقتصاد السياسي، وخصوصاً…
أكمل القراءة » - 26 أغسطسالعالم الآن
حجابُ الفمْ…!
-1- يمكن أن يعود مشهد (الكِمَامَة) التي نراها الآن مشدودة على أفواه الناس، إلى واحدة من نبوءات مسلسل سمبسون في أوائل تسعينيات القرن العشرين، التي أكدت اقتراب ظهور فيروس ما، سيجبر البشر على وضع كمامات للوقاية من العدوى. كما يمكن أن يعود هذا المشهد، إلى تقارير استخباراتية موازية للتنبؤات الطبية والعلمية، التي أشارت مسبقاً إلى أنَّ البشر مع اقتراب العام 2020، سيضطرون إلى ارتداء الكمامات الواقية من هجوم فيروس قاتل. المشهد الراهن المؤسس في مشاهد تلفزيونية ونصوص علمية واستخباراتية، لها طابع إشكالي، يوحّد العالم اليوم، إذ نرى الكمامة تسدّ فم البشرية من اليابان شرقاً إلى الولايات المتحدة غرباً. -2- اعتاد الصينيون واليابانيون على وضع الكمامة للوقاية من عدوى الأنفلونزا العادية. كان مشهدهم مثيراً للسخرية عند بعض الناس، ومثيراً للإعجاب عند بعضهم الآخر، غير أنَّ من سخر ومن أُعجب، لم يخطر بباله الاقتداء بهم، فصداقته مع الانفلونزا لابدَّ أن تستمر عاماً بعد آخر! بدا الأمر وكأن هذه المادة التي تُغلق الفم…
أكمل القراءة » - 23 أغسطسمسار جلجامش
معركة الوعي / تجفيف الهلال الخصيب!
الحسكة عطشى! بلى، لمَ العجب طالما أن الأتراك يحتلون رأس العين ويتحكمون بمحطة علوك، ويستعيدون عثمانيتهم بانتشاءٍ وجنونٍ قد يعيدهم، إن لم يتم وقفهم، إلى هواية البناء بالجماجم! الحسكة الآن، وقبلها حلب، التي جفف الأتراك نهرها (قويق) وأحالوه إلى مستنقع آسنٍ، منذ العام 1950، إلى أن تمكنت الحكومة السورية من (بلِّ ريقه) بتمديد قناة إسعافية من أخيه الأكبر: نهر الفرات، الذي يعاني الآن وجع التجفيف وآلام اليباس. لا تتوقف حرب التجفيف والتعطيش التي تمارسها تركيا، على مدينة هنا، وأخرى هناك، بل إنها تستهدف تجفيف الهلال الخصيب الذي يعاني جنوبه، وعلى التوازي، من محنة التصحّر التي تلاحقه منذ بداية تاريخ الحضارة فيه. بلاد ما بين النهرين / وادي الرافدين، هي أقدم نظام حضاري قائم بشكل كلي على نظام طبيعي وبيئي نموذجي مُشكّلٍ من مسارين شبه متوازيين لنهري دجلة والفرات الذين يتلاحمان في النهاية في نهر واحد ومصب موحد. شكّل هذا الوادي أحد أكثر المواقع استثنائية لنشوء التاريخ الإنساني، وبداية عمر الحضارة…
أكمل القراءة » - 20 أغسطسمسار جلجامش
معركة الوعي
انتهت الحرب العالمية الأولى، رسمياً، مع إنجاز وتوقيع اتفاقيات السلام في باريس 1919- 1920، حيث بدأ العالم يرتسم وفق الخريطة التي فرضتها أقدام الجنود في ميادين المعارك. وُضعت الإمبراطورية العثمانية المهزومة قيد التفكيك، فأنتجت ما تبقى منها كدولة قومية، فجاءت تركيا التي ارتسمت خريطتها الحديثة ما بين العام 1920 والعام 1923. في العاشر من آب 1920، تم توقيع معاهدة سيفر ما بين السلطنة العثمانية والحلفاء، وبمقتضاها تم الاتفاق على تفكيك الإمبراطورية على قاعدة تخلي السلطنة عن جميع الأراضي التي سكانها لا يتكلمون اللغة التركية. استناداً لهذه القاعدة سترتسم السلطنة الجديدة (الدولة) في نسختها الأولى لتطابق امتداد العالم اللغوي التركي، غير أنَّ مصطفى كمال الذي كان زعيماً للحركة التركية الوطنية، رفض المعاهدة ولم يعترف بها، وانفصل عن حكومة السلطنة ونجح بعد (حرب الاستقلال) في فرض واقع مختلف أدى إلى الوصول إلى توقيع معاهدة لوزان في 24 تموز 1923، التي بموجبها ارتسمت الخريطة السياسية للجمهورية التركية، مُضافاً إليها لواء اسكندرون في العام…
أكمل القراءة » - 19 أغسطسالعالم الآن
الانقلاب الدولي…!
ليس لأن المحكمة الدولية، لم تتوصل إلى إدانة حزب الله ودمشق، بتهمة اغتيال رفيق الحريري، يعني أنها تعمل بعيداً عن السياسة، وتلتزم حقل القانون، ولذلك وصلت إلى هذه النتيجة. لا، أبداً. المحكمة الدولية، منذ تأسيسها، وبأسلوب عملها، وبالفصول التي شكّلتها مع توالي المحققين الدوليين، وباعتمادها للتهمة السياسية من بابها إلى محرابها، دون الالتفات إلى قرائن أخرى كانت بين أيديها (تنظيم القاعدة وعلاقته بحادث الاغتيال؟)، وبالنتائج التي توصّلت إليها، وبالقرار الذي صدر عنها أخيراً، لم تكن تعمل إلاَّ في حقل السياسة. في قبولها اتهام دمشق وحزب الله والمنظومة الأمنية اللبنانية كانت تعمل بالسياسة، وفي قرارها المتضمن عدم الوصول إلى دليل يدين دمشق وحزب الله كانت سياسية. لا تبّنيها للتهم يثبت أنها تعمل للعدالة. لا نفي هذه التهم، بعد 15 عاماً، يثبت أنها نزيهة ومحايدة وحرفية ومهنية. إنها أولاً وأخيراً، المكان الذي يتنكّر بجلباب القانون، الذي تلتقي تحته وتتشابك الخيوط الاستراتيجية، التي تشكّل نسيجه وألوانه وتتحكم بلابِسِهِ، من رأسه إلى أخمص قدميه.…
أكمل القراءة » - 15 أغسطسالعالم الآن
صناعة الالتباس…!
في 14 شباط 2005، وقع انفجار كبير أمام فندق السان جورج في بيروت، تبين فوراً أنه استهدف موكب رفيق الحريري، الذي قتل مع عدد من مرافقيه. بضعة دقائق مرت، لا أكثر، كانت كافية كي يبدأ (مصنع الالتباس) في صياغة (الحدث)، وفق المواصفات النموذجية التي تبقيه قيد الاستثمار لأجلٍ غير مسمّى! و (مصنع الالتباس)، هو نسق متكامل بـ (أفلاكه) الدولية والإقليمية والمحلية، من إجراءات ممنهجة (قرارات سياسية – مظاهرات شعبية – اصطفافات سياسية جديدة…….)، يرافقها خطاب اعلامي، تتم صياغته تأسيساً على منصة [الحدث – الملك]، وهو هنا مقتل الحريري، بمصطلحات وعبارات محددة، يتم تكرارها على التوازي مع خط الإجراءات المتلاحقة، لتشكيل ضغط كبير على جبهة الخصم وإجباره على التراجع واتخاذ موقف دفاعي، بالتغاضي عن التأكد من مسؤوليته عن وقوع هذا الحدث، ما يؤدي في النهاية إلى إنجاز أهداف تعود في مرجعيتها لاستراتيجية ما، لا يمكن لها أن تتحقق دون حصول هذه الحالة بمختلف فصولها. مقتل الحريري هو [الحدث – الملك]، الذي…
أكمل القراءة » - 14 أغسطسمسار جلجامش
في استدعاء الانتداب
لجنة الشرق وثيقة مقدمة من الدكتور جورج سمنة عنوان الوثيقة: الأعمال الفرنسية في سوريا تقديم [لماذا ننشر هذه الوثيقة الآن؟ بعد تفجير مرفأ بيروت في الرابع من هذا الشهر، ومع زيارة الرئيس الفرنسي ماكرون إلى لبنان، وكيف اتخذت زيارته (صفة تفقد مقاطعة فرنسية منكوبة)، وحيث استفاقت طلبات الاستغاثة به، والتمني عليه بإعادة فرض الانتداب على لبنان، لتعذّر قدرته على حكم نفسه بنفسه. ومن ثم توالي الوفود الدولية بعد عقد مؤتمر دولي لدعم لبنان، وما رافق ذلك ويرافقه دوماً من عطب بنيوي في صلب الدولة اللبنانية، مع استمرار قمعها على يد طبقة سياسية تنتمي منهجياً وسلوكاً وقيماً، إلى أشدِّ اللحظات قتامة في القرون الوسطى. ومع التعقيد الاستراتيجي الذي يحكم الحوض الشرقي للبحر الأبيض المتوسط، وانتشار السفن الحربية مقابل مرفأ بيروت المُدَمر… لهذه الأسباب، ارتأينا نشر هذه الوثيقة التي وضعها المواطن السوري/ الفرنسي جورج سمنة، في العام 1918، والمقدمة للمؤتمر الفرنسي حول سورية، حيث يبين فيها طبيعة الاعمال الفرنسية في سورية، التي…
أكمل القراءة »