الشرع الأعلىالعالم الآن

اليهود واليهوديّة والصهيونيّة

كيف يراها أنطون سعاده؟

 

تترابط المصطلحات الثلاثة مع بعضها وتتمايز في الوقت نفسه.

اليهودي هو من ولد لأم يهودية أو من اعتنق الديانة اليهودية وفق إجراءات وطقوس معقّدة وصعبة. ويظل اليهودي يهودياً حتى ولو كان ملحداً وأشهر إلحاده شرط ألا يعتنق ديانة أخرى. واليهود هم طوائف وجماعات متباينة تنتمي لأصول متعددة وبلدان وثقافات متنوعة تتمايز كثيراً فيما بينها. ويدعي كثير من اليهود أنهم ينتسبون إلى اليهود القدماء الذين كانوا في فلسطين منذ أكثر من ألفي عام!

كلمة يهودي هي نسبة إلى يهوذا ابن يعقوب المدعو إسرائيل حسب الرواية التوراتية.

وقد سيطرت الرواية التوراتية على تاريخ فلسطين القديم والبلدان المجاورة ولا تزال هذه السيطرة عند كثير من المؤمنين من المسيحيين والمحمديين. وقد بدأت هذه الرواية بالانهيار مع الاكتشافات الأركيولوجية في فلسطين، والشام، والعراق، ومصر. الأبحاث العلمية التي قام بها عدد كبير من المؤرخين الأجانب بمن فيه اليهود، أكدّت على بطلان المزاعم التوراتية ونقضت تاريخية التوراة: الخروج من مصر، عصر الآباء والقضاة، ومملكة داوود وسليمان والسبي البابلي. كما أكّدت على سرقة الأساطير والآداب القديمة المنتشرة في مصر والهلال الخصيب.

الديانة اليهودية هي ديانة بدائية خاصة، تستند إلى التناخ، كتابهم المقدس التوراة وكتب الأنبياء والأخبار والحكمة، إضافة إلى شروحات وتعاليم الأحبار المعروفة بالتلمود والتي تتفوق بالعنصرية على التناخ، حيث تميّز بين اليهود والأغيار فالأغيار هم بهائم على صورة بشر لخدمة اليهود.

  إله خاص لشعب مختار خاص ومميز وأرض مختارة وخاصة وقيم خاصة واتجاه عنصري ضد الآخرين، يعمل بأوامر إلهية على قتل وتحريم وإبادة شعوب المنطقة والهيمنة والتسلط على كل الشعوب ونتيجة الإخفاق والكوارث التي أصابتهم، ابتدعوا فكرة المسيح المنتظر الذي يحقق لهم العودة إلى فلسطين والسيطرة على العالم.

بعد ثورة باركوخبا في القرن الثاني الميلادي، اتجهت اليهودية الأرثوذكسية إلى رفض العودة قبل مجيء المسيح المنتظر، وعندما قام شبطاي زئيفي في القرن السابع عشر بادعاء أنه المسيح المنتظر تحلقت حوله مجموعة من اليهود ورفضته الأغلبية وانتهى بإشهار إسلامه.

الحركة الصهيونية

الصهيونية مشتقة من كلمة صهيون، هي مصطلح ديني يهودي يشير إلى جبل في القدس. هي حركة سياسية نشأت في سياق حركة الاستعمار الغربي الاستيطاني وبدعم من القوى الغربية، وكان هدفها إقامة دولة يهودية في فلسطين وقد نجحت بذلك بفضل الدعم الغربي من جهة والتعصب الديني والتفكك الاجتماعي في بلادنا. وكان أبرز القائمين بها من العلمانيين غير المؤمنين، وكانت غالبية اليهود الأرثوذكس، في البداية، رافضة للحركة الصهيونية وبالتدريج استطاعت الحركة الصهيونية أن تستقطب معظمهم.

الصهيونية المسيحية الداعية لإقامة دولة لليهود في فلسطين، قد سبقت الصهيونية اليهودية بثلاثة قرون ولا يمكن تجاهل العوامل السياسية في ذلك.

الأفكار التي انتشرت في الأوساط البروتستانتية، خاصة في بريطانية الصاعدة كقوة عظمى، كانت تدعو لعودة اليهود وإقامة دولة لهم في فلسطين، وقد مهّدت هذه الأفكار للصهيونية اليهودية التي ظهرت مع هرتزل في مؤتمر بال في سويسرا 1897، وقد سبق نابليون بونابرت من منطلق مصالحه السياسية دعوة اليهود للعودة وإقامة دولتهم في فلسطين.

ما هي نظرة سعادة لليهود واليهودية والصهيونية؟ وكيف نقرأ سعادة بهذا الخصوص؟

اهتمام سعادة هو المسألة القومية لا المسألة السلالية ولا المسألة الدينية، في رسالة وجهها إلى صديق يقول له فيها: “ إن المسألة القومية لا المسألة السلالية هي التي تستدعي كل اهتمامي”. (سعاده، 2024، صفحة 26)

اهتمام سعادة بالمسألة الدينية هو فقط من زاوية تأثيرها على المسألة القومية.

لذلك يؤكّد على ضرورة المحافظة على مبدأ فصل الدين عن الدولة. ويقول في رسالته إلى غسان تويني حول رسالة البابا بشأن التوراة: “سعاده لا يريد أن يتناول الدوافع والمرامي الدينية البحتة التي ينطوي عليها حث البابا المؤمنين الكاثوليك على العودة إلى قراءة التوراة وتقديسها، بل أراد فقط تناول “الوجهة السياسية المتضمنة في “تقديس” التوراة وخصوصياتها اليهودية.” (سعادة، المجلد 11، 2001 ، صفحة 65)

عندما يفقد الدين صفته الروحية يصبح أداة للاستغلال على حساب حرية الشعب ومصالحه الحيوية ويتحول إلى نقمة تجلب الكوارث وتكون سبباً في الانحطاط.

(سعادة، المجلد1، 2001، صفحة 386)

تاريخ اليهود

حدث انقلاب حقيقي في نظرة علماء الآثار الاسرائيليين إلى التوراة باعتبارها مصدراً تاريخياً. إن أغلبية المنشغلين في النقاشات العلمية في مجال التوراة وآثار وتاريخ شعب إسرائيل الذين كانوا حتى الآن يبحثون في الأرض عن البراهين والدلائل للحكايات الواردة في العهد القديم يتفقون الآن على أن مراحل تكوّن شعب إسرائيل كانت مغايرة تماماً لما جاء وصفه في التوراة.

من الواضح للعلماء والباحثين اليوم، إن شعب إسرائيل لم يقم في مصر ولم يتيه في الصحراء ولم يحتل البلاد من خلال حملة عسكرية ولم يستوطنها من خلال أسباطه الإثني عشر، وأن مملكة داود وسليمان في أحسن الأحوال مملكة قبلية صغيرة، وأن يهوه إله إسرائيل كان متزوجاً. (مالمات و تدمور، 2001، صفحة 5)

انهار التأريخ التوراتي الذي كان سائداً، وفقد أي صدقية بفضل عدد كبير من العلماء المؤرخين المعتمدين على منهجية علمية مستندة إلى علم الآثار والحفريات ومجموعة من التقنيات المستندة إلى العلوم الاجتماعية، ومعظم هؤلاء العلماء من اليهود.

بعد أن فقدت التوراة مركزها كمصدر تاريخي في كل مراحلها من الخروج من مصر إلى المملكة والسبي، جاءتنا مجموعة من الباحثين العرب كان في طليعتهم كمال الصليبي الذي فتح لهم المجال للعب بالكلمات واعتماد المقاربات اللغوية بعد التصحيف والتحريف والقلب والإبدال، دون أي استناد لمنهجية علمية تاريخية تعتمد على الأركيولوجيا وعلم الآثار وغيرها من التقنيات المساعدة.

افتتح الصليبي الميدان في كتابه التوراة جاءت من جزيرة العرب، معتبراً أن المشكلة ليس في تاريخ التوراة، بل في جغرافيتها، ناقلاً مسرح تاريخ التوراة إلى عسير، وتبعه التابعون وكان آخرهم فاضل الربيعي الذي لم يكتف بنقل مسرح التوراة إلى اليمن بل عمل على نقل مسرح المسيحية والمسيح إلى اليمن أيضاً، ويتكلم بكل ثقة استناداً إلى التأويلات اللغوية، رغم الافتقار إلى أدلة ملموسة، متجاهلاً الآثار الغنية في مصر وفلسطين ولبنان والشام والعراق وآسية الصغرى للوجود الأول للمسيحية. على طريقة الصليبي جرى الأتباع مستبدلين عسير بمناطق أخرى بين عسير واليمن.

تطرح علامات استفهام كثيرة حول أهداف هؤلاء الباحثين والجدوى من هذه الأبحاث التي لا أساس علمي لها، بل مجرد تأويلات لغوية باطلة وقراءة لنصوص بطرق ملتوية. ويا ليتهم بذلوا هذا المجهود في الكشف عن تاريخنا الذي لا تزال مجهولاته كثيرة وبحاجة للمزيد من التحقيق.

يذكر غوستاف لوبون في كتابه اليهود في تاريخ الحضارات الأولى:

“لم يكن لليهود فنون ولا علوم ولا صناعة ولا أي شيء تقوم به حضارة. واليهود لم يأتوا قط بأية مساعدة مهما صغرت في شيد المعارف البشرية. واليهود لم يجاوزوا قط مرحلة الأمم شبه المتوحشة التي ليس لها تاريخ.” (لوبون، 2009، صفحة 25)

في بداية كتاباته نظر سعادة إلى اليهود باعتبارهم أمة بائدة، لأن تشتتهم في جميع أقطار العالم مدى أجيال طويلة يعني القضاء على وجود أمة يهودية، فهم تشربوا أفكار الشعوب التي نزلوا بينها ولم يبقوا تخت تأثير أفكار إسرائيلية بحتة

(سعادة، المجلد1، 2001، صفحة 173)

 واليهود هم غرباء عن سورية وليس لهم حقوق قومية في أي بقعة من بقاعها

(سعادة، المجلد 11، 2001 ، صفحة 138)

بداية المسألة اليهودية

اليهود ليسوا من أهل البلاد فوجودهم كان عابراً، لأن جنوب سورية كان مقراً للكنعانيين وجاء العبرانيون إلى هذه البقعة عشائر بربرية وأخذوا يعيثون في الأرض ويخربون وينهبون، ومع الوقت استولوا على بعض المدن والأراضي وأنشأوا فيها إمارة خاصة بهم، وأخذوا من الشرائع الكنعانية شريعتهم، ولكنهم ظلوا تجاه أهل البلد الأصليين وغيرهم من الشعوب غرباء يحتاجون إلى توطيد إقامتهم بالسيف، وظلت هذه حالهم إلى أن ضربتهم الدولة السورية ضربة عظيمة وشتتهم الرومان.

ويعتبر سعادة أن المسألة اليهودية في العالم ابتدأت قبل الجلاء من سورية، فهم لم يستطيعوا الاندماج، فبقاؤهم في جنوب سورية كان يجب أن ينتهي بذوبانهم في أهل البلاد، فتفشت فيهم اللغة الآرامية وغلبت عليهم عادات أهل البلاد؛ وجاءت المسيحية تقول بإلغاء الامتيازات الدينية لليهود وإزالة الخصوصيات اليهودية. ولكن هذه الخصوصيات بقيت مستمرة.

(سعادة، المجلد 2، 2001، صفحة 133)

ويشك في أن اليهود كانوا عرفوا مصر قبل دخولهم أطراف القسم الجنوبي من سورية. ويأخذ هذا الشك يتأيد في عدم وجود ذكر أو دليل لمأساة البحر الأحمر التي تشير إليها التوراة ويؤيدها القرآن. فليس هناك فرعون واحد هلك في البحر في تتّبعه شعباً غريباً هارباً من مصر.

(سعادة، المجلد 5، 2001 ، صفحة 109)

 يتحدث الدكتور عبد الوهاب المسيري في موسوعته اليهود واليهودية والصهيونية عن الجماعات اليهودية المتعددة والمختلفة في ثقافتها وأصولها وعن غياب تاريخ يجمعها، ويقول: “ إﻥ ﺃﻋﻀﺎﺀ الجماعات ﺍﻟﻴﻬﻮﺩﻳﺔ ﻟﻴﺲ لهم ﻣﺎﺽ ﻭﺍﺣﺪ. ﻓﻤﺎﺿﻴﻬﻢ في ﺑﻮﻟﻨﺪﺍ، ﺃﻱ تجربتهم التاريخية ﻭﻣﻮﺭﻭﺛﻬﻢ الحضاري والديني في ﺑﻮﻟﻨﺪﺍ، يختلف ﻋﻦ ﻣﺎﺿﻲ ﻳﻬﻮﺩ ﺍﻟﻔﻼﺷﺎﻩ، وتجربة ﻫﺬﻳﻦ الفريقين تختلف ﻋﻦ تجربة الجماعة ﺍﻟﻴﻬﻮﺩﻳﺔ في ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ المتحدة. ﻭﻟﻴﺲ ﻷﻋﻀﺎﺀ الجماعات ﺍﻟﻴﻬﻮﺩﻳﺔ ﺣﺎﺿﺮ ﻭﺍﺣﺪ، ﻓﻠﻜﻞ جماعة ﻳﻬﻮﺩﻳﺔ

مشكلاتها ﻭﻧﺼﻴﺒﻬﺎ المختلف ﻣﻦ ﺍﻷﻓﺮﺍﺡ ﻭﺍﻷﺗﺮﺍﺡ (المسيري، 2005، صفحة 20)

ويؤكّد ذلك البروفسور شلومو ساند المناهض للصهيونية في ثلاثيته الشهيرة: اختراع الشعب اليهودي، اختراع أرض إسرائيل، ولم أعد يهودياً.

“لا يوجد ذاكرة شعبية واحدة أو تاريخ مشترك موثوق فيه ويتحلى بالصدقية ويكون كافيا بصورة بليغة لإرساء دعائم هوية يهودية جمعية على المستوى القومي.”

 (ساند، اختراع الشعب اليهودي، 2011، صفحة 12) 

يكذّب قصة السبي أو النفي:

“إن الرومانيين لم يقوموا قط بنفي شعوب. وإن الأشوريين والبابليين لم يلجأوا في تاريخهم أبداً إلى إبعاد السكان الخاضعين لاحتلالهم.”

 (ساند، اختراع الشعب اليهودي، 2011، صفحة 179)

يفنّد الأسطورة القائلة بأن “أرض إسرائيل” كانت دائما ملكاً لـ”الشعب اليهودي” بوعد من الله الذي أودع في أيدي رسله كوشانا هو التناخ قامت الصهيونية رغماً عن كونها حركة علمانية بتأميمه وحولته إلى كتاب تاريخ في كل شيء.

(ساند، اختراع أرض إسرائيل ، 2014، صفحة 13)

 

ويحذّر اليهود ويقول:

“اليهود الإسرائيليون الذين يرفضون بشكل قاطع العيش مع العرب سيكونون مضطرين في نهاية المطاف إلى ترك الشرق الأوسط والذهاب للعيش في باريس أو لندن”

(ساند، اختراع أرض إسرائيل ، 2014، صفحة 19)

ويتحدث المسيري عن واقع اليهود في العالم في العصر الحديث، ويعتبر أن

الزيجات المختلطة أدت إلى تناقص أعداد اليهود:

كان نحو 50% من الزيجات اليهودية في ألمانيا عام 1915 زيجات مختلطة، وفي كوبنهاغن وصلت نسبة الزيجات المختلطة إلى نحو 86% بين عامي 1880و1905 وفي أمستردام، وصلت النسبة إلى نحو 70% 1930

وكاﻧﺖ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻻﻧﺪﻣﺎﺝ في ﺃﻭﺭﺑﺎ ﺗﺄﺧﺬ ﺷﻜﻞ ﺍﻟﺘﻨﺼر وﺗﺘﻔﺎﻭﺕ ﻣﻦ ﺑﻠﺪ ﺇلى ﺁﺧﺮ،

ﻭﻔﻲ ﺍلماﺿﻲ ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻮﺩ ﺍلهرﺏ ﻣﻦ ﻫﻮﻳﺘﻪ ﺃﻥ يعتنق المسيحية، أما في

المجتﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ ﻓﻴﺴﺘﻄﻴﻊ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩﻱ ﺃﻥ ﻳﻨﻜﺮ ﻫﻮﻳﺘﻪ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩﻳﺔ ﻭﻳﺘﺨﻠﻰ ﻋﻨﻬﺎ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﻀﻄﺮ إلى التنصر. ( ﺍﳌﺴﲑﻱ، ﻣﻮﺳﻮﻋﺔ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ﻭﺍﻟﻴﻬﻮﺩﻳﺔ ﻭ ﺍﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻴﺔ-2-، 2005، صفحة 314)

الديانة اليهودية

يستشهد جلعاد عتسمون في مقدمة كتابه من التائه – دراسة في الهوية اليهودية، بقول

لإسرائيل شاحاك “لقد جعلني النازيون أخشى أن أكون يهودياً، وجعلني الإسرائيليون أشعر بالخزي لكوني يهودياً.” (عتسمون، 2012، صفحة المقدمة)

ويقول أيضاً:

“كان التفوق مغروساً في أرواحنا، وكنا ننظر إلى العالم من خلال منظار شوفيني عنصري من دون أن نشعر بالخزي إزاء ذلك أيضاً.” (عتسمون، 2012، صفحة 15)

إن إسرائيل والصهيونية ليستا سوى جزأين من المشكلة اليهودية الأكبر. إن إسرائيل هي الدولة اليهودية، وهي تحظى بدعم كبير من يهود العالم.

(عتسمون، 2012، صفحة 31)

إن اليهودية صفة فريدة من نوعها منعت اليهودي من الاندماج أو الذوبان وسط الحشد، فكان اليهودي يظل غريبا على الدوام.

(عتسمون، 2012، صفحة 34)

إسرائيل شاحاك في كتابه: التاريخ اليهودي الديانة اليهودية وطأة ثلاثة آلاف عام، يخبر عن قصة حصلت أمامه تظهر مدى العنصرية المدعومة دينياً، يقول:

شاهدت يهودياً متعصباً يرفض السماح باستعمال هاتفه يوم السبت لاستدعاء سيارة إسعاف لغير يهودي انهار في ضاحية مجاورة في القدس. سألت أعضاء المحكمة الدينية وهم من رجال الدين إذا كان هذا السلوك يتوافق مع تفسيرهم للتعاليم الدينية اليهودية، فأجابوا بأن اليهودي المعني كان مصيباً في تصرفه وتقياً. (شاحاك، 1995، صفحة 9)

إن إسرائيل كدولة يهودية تشكل خطراً لا على نفسها وسكانها فحسب، بل على كل اليهود والشعوب الأخرى في الشرق الأوسط وغيره. (شاحاك، 1995، صفحة 11)

سعادة والموقف من الديانة اليهودية 

يرفض سعادة الاعتقاد الشائع عند المسيحيين الذين يعتبرون يسوع يهودياً من سلالة داود، ويقول:

“لم يكن المسيح يهودياً، ولم يكن له «آباء يهود»، بل كان سورياً يتكلم ويخاطب الجماهير بالسريانية. وهو نفسه رفض أن يدعى «ابن داود» كما أراد اليهود، فقال في ذلك: «كيف يقولون إن المسيح ابن داود، وداود نفسه يقول في كتاب المزامير: قال الرب لربي اجلس عن يميني حتى أضع أعداءك موطئاً لقدميك. فإذا كان داود يدعوه رباً فكيف يكون ابنه؟»، بهذا القول قطع المسيح كل سبيل لقيامه على أساس التقاليد اليهودية القائلة إنه يكون يهودياً من نسل داود، فلا يصح أن يقال إن المسيح كان يهودياً فهو ابن البيئة السورية. “
(سعادة، المجلد 5، 2001 ، صفحة 90)

التصادم بين النفسية السورية والشرع الموسوي

بجمود الشرع، عن طريق الدين، جمدت الفلسفة المناقبية أيضاً وبَطُلَ مبدأ الفيلسوف السوري الكبير زينون القائل بأن الفكر أو العقل هو جوهر الحياة الإنسانية. فحدث في المجتمع السوري تصادم عنيف بين النفسية السورية والشرع الموسوي الذي أخذ يقوى على عامل العقل، بسبب قوة فكرة الله التي استند إليها والتي أخذت تتغلب على فكرة آلهة الأساطير القديمة والأصنام. ولم يعد في الإمكان التأثير على المجتمع إلا عن طريق فكرة الله، لأن هذه الفكرة أضعفت منزلة الحكمة البشرية وقوة العقل الإنساني تجاه حكمة الله وتدبيره. وهذا هو السبب في اتخاذ التعاليم المناقبية المسيحية الفكرة الدينية الجديدة أساساً لها. فظهر المسيح بمظهر الموعود به من الله ليكون به الخلاص. وعلى هذا الاعتقاد الديني استند المسيح ليؤدي رسالته المناقبية التي أهم ما فيها، بصرف النظر عن أهمية تعاليمها، أنها أعادت النظرة السورية إلى الحياة القائلة بتسليط العقل على مجرى التاريخ، وأن ميزة الإنسان الأساسية هي الفكر، وأنها كانت انتصار النفسية السورية الفاصل على النفسية اليهودية القائلة بتحديد الحياة الإنسانية وفاقاً للشرع الموسوي.

(سعادة، المجلد 5، 2001 ، صفحة 129)

المسيح هو الذي حرر الإنسانية من الشرائع التي جعلها اليهود أحكاماً أبديةً.

 (سعادة، المجلد 5، 2001 ، صفحة 151)

الديانة اليهودية

 الله في اليهودية طوطم غير منظور

اليهود الذين كانوا في حالة أولية وظروف خصوصية فهموا الله ووحدانيته بطريقة أولية فجعلوه أشبه شي بطوطم أو صنم حي، غير منظور، خاص بالقبيلة الإسرائيلية التي يظهر أنه لم يكن لها طوطم أو إله خاص يرمز إلى شخصيتها، فرأوا أن تكون فكرة الله طوطمهم الخاص بهم الرامز إلى شخصيتهم أسوة بالقبائل أو الشعوب الأخرى التي احتكوا بها، وهو خطوة فوق طوطمية الحيوانات والنباتات والمادة (الطوطمية ميل نشأ عند الشعوب الفطرية لعد حيوان ما، كلب أو بقرة أو ذئب، مثلاً، أو نبات ما سنديانة أو أرزة، مثلاً، أو مادة ما، صخر أو جبل، ممثلاً، شخصية القبيلة ورامزاً لنفسيتها فيكون مقدساً عندها.) (سعادة، المجلد 5، 2001 ، صفحة 165) 

ولكن الله لم يكن عندهم أرقى كثيراً من الأصنام فكانت عبادتهم له واتصالهم به أشبه بعبادة الوثنيين الأصنام واتصالهم بها. فكانوا يشاورونه في حروبهم كما كان الوثنيون يشاورون آلهتهم في حروبهم وكان الله خاصاً بهم كما كان لكل شعب أو أمة أو قبيلة إله خاص به. فهو لهم «إله إسرائيل» أو «إله يعقوب ونسله» وهما واحد. وكما كان الصنم يحارب عن عباده أو يشير عليهم بالحرب أو السلم كذلك كان يهوه يحارب عن اليهود أو يشير عليهم بالحرب أو السلم، حسبما يرى أنه موافق مصلحة اليهود، لأنه إلهم وحدهم من دون الناس. وعلى هذه الكيفية لم تكن مرتبته أعلى كثيراً من مرتبة صنم، ووظيفته لم تكن أرقى كثيراً من وظيفة صنم.
ولم ترتِقِ فكرة الله عن فكرة الأصنام إلا بتعليم المسيح. فقد نسخ المسيح فكرة كون الله مختصاً بشعب دون شعب يحارب حروبه ضد الشعوب الأخرى. فصار الله في المسيحية إله جميع البشر على السواء لا يفرق بين سوري وهندي وإغريقي. ورفض المسيح أن يكون من نسل «الشعب المختار» من صلب داود ولم يبقَ في المسيحية من فضل لإنسان على إنسان إلا بالعمل بالرحمة في المجتمع والعدل في الحكم.
وفي المسيحية واليهودية على السواء فرض عمل الخير وتجنب الشر وخلود النفس والثواب والعقاب. ولكن المسيحية واليهودية اختلفتا في الخير العام فجعله اليهود مقتصراً على بني إسرائيل وأطلقته المسيحية ليشمل جميع الأمم. وبناًء عليه خرجت اليهودية من الاعتبار كدين إنساني عام. وبقي اليهود في العالم الحلقة الموجودة بين الآلهة الشعوبية والإله الإنساني العام. ولكنها لم تخرج من غرض فكرة وحدانية الله وغرض فعل الخير وتجنب
الشر.

 كما تحجرت اليهودية. (سعادة، المجلد 5، 2001 ، صفحة 165)

اليهودية شبه المتمدنة لم تقدر أن تعمّر طويلاً في سورية لأنها كانت دون استعداد البيئة الروحي. (سعادة، المجلد 5، 2001 ، صفحة 208) 

اندماج يهودي غير مكتمل

يتحدث سعادة عن اقتباس اليهود عن الحضارة السورية وفلسفتها، وأن الخصائص والضرورات التي دخلت في الشرع، كان اليهود آخذين في الخروج منها والاتجاه عنها إلى الحضارة السورية التي أوشكت أن تهضمهم تماماً، حتى إن السريانية صارت، في أواخر عهدهم، اللغة الغالبة على لسانهم.
(سعادة، المجلد 5، 2001 ، صفحة 224)

ولكن اليهود احتفظوا بيهوديّتهم الجامدة من حيث هم مذهب دينيّ. وقد أكسبهم دينهم الشّخصيّ عصبيّةً لا تلتبس بالعصبيّة القوميّة إلا على البسطاء والمتغرّضين. اليهود ليسوا أمّةً أكثر ممّا هم سلالة (وهم ليسوا سلالةً مطلقاً)، إنّهم كنيس وثقافة.

(سعادة، المجلد 3، 2001، الصفحات 137-138)

اليهود سرقوا القصص السورية 

إنّ الوقاحة صفة واضحة في كل التاريخ والقصص والخرافات اليهودية، وكذلك الاحتيال والسرقة. فاليهود سرقوا حكاية الطوفان وفكرة الله التي زعموا باطل أنهم هم مبتكروها وانتحلوا جميع القصص السورية الهامّة في التوراة فمسخوها ونسبوها إليهم، والآن يريدون أن يسرقوا أرضنا ويزعموا أنها أرضهم. (سعادة، المجلد 8، 2001 ، صفحة 370)

يشير سعادة إلى الأبعاد السياسية لرسالة البابا بيوس الثاني عشر التي تشجع على قراءة العهد القديم باستقامة وتقديس. يقول: إن “تقديس” التوراة ومراميها اليهودية المخالفة للروحية الناصرية المعلمة المحبة والمساواة الإنسانية هو من أهم “موجبات” العطف على اليهود ومطامعهم في سورية عند الشعوب البروتستانتية. ومع أننا نعلم أنّ “العطف” الذي تبديه بعض الدول الكبرى لمآرب لليهود هو ذو مصدر سياسي بحت فلا يمكننا أن نجهل أو نتجاهل أنّ تعميم ذاك العطف في شعوب الدول المذكورة يجد في “تقديس” التأويلات اليهودية لوجود الله وعمله وحكمته تسهيلاً كبيراً وإقبالاً واسعاً. ومما لا شك فيه ان اعتماد الكاثوليك “تقديس” صوت إسرائيل وبنيه وتقديس لعنة جميع الأمم سيفتح مجالاً جديداً للشفقة على “شعب الله المختار”، ويوجد تأييداً له في محاولته الجديدة للاستيلاء على بلاد السوريين التي “وعده يهوه” أن يعطيه إياها ملكاً خاصًّا به على تعاقب أجياله.

ولكن لا بد من تقرير أن هنالك علاقة وثيقة بين اتجاهات معيّنة من الشعور الديني والأغراض السياسية للدول والجماعات. ومن ذلك العلاقة الوثيقة بين الحث ثم العودة إلى التوراة وقراءتها “بتقديس” ومطامع اليهود السياسية في سورية. (سعادة، المجلد 7، 2001 ، صفحة 63)

الروح اليهودية 

لو شئت تحليل هذه الروح السقيمة لما وجدت صعوبة كبيرة في تتبع آثار الروح اليهودية القديمة فيها. فهذه النغمة التي يرددونها على مسامعنا كل صباح ومساء هي ذات النغمة التي كان يرددها أنبياء اليهود عند كل خطر وفي كل نكبة. وهذه نبوءات عاموس وأرميا وإشعيا وحزقيال وغيرهم الذين كانوا يهددون أعداء اليهود بمجيء قوات «من الشمال» تسحق صور وصيدا ودمشق. خصوصاً عاموس الذي أظهر حقداً عظيماً على دمشق لأنها غزت دولة بني إسرائيل واكتسحت جميع أرضها واستردت منها أكثر المقاطعات غير اليهودية التي كان اليهود قد بسطوا سلطتهم عليها. وفي أكثر نكباتهم كان الإسرائيليون يهددون أعداءهم بيهوه الذي سيمد ذراعه فوقهم ويسلط عليهم أمم الشمال أو أمم الجنوب. (سعادة، المجلد1، 2001، صفحة 401)

الروحية السائدة في القصائد المذكورة، كما في غيرها من قصائد «القروي» – الشاعر رشيد سليم الخوري – الوطنية، هي روح النوح والبكاء والندب والصخب والزحير، روحية رازحة، عاجزة، يائسة، لا تملك أمرها ولا تدرك موقفها، روحية أكثر ضعفاً وأقل ثقة من روحية عاموس اليهودي بعد أن ضرب ملك دمشق، هدد عزر، اليهود ضرب عظيمة، روحية لعنة لشعبه ووطنه لا ترى بعثاً ولا أملاً.
(سعادة، المجلد 5، 2001 ، صفحة 25) 

اليهود كانوا يُرمون بنكران الأوطان التي صارت أوطانهم. فهم ولو امتزجوا بأهل بلاد مهجرهم وولدوا في تلك البلاد جيلاً بعد جيل فلا يقدّمون واجباتهم الوطنية نحو البلاد.

(سعادة، المجلد 10، 2001 ، صفحة 286)

الحركة الصهيونية

يقول روجيه غارودي: 

الحركة الصهيونيّة حركة عنصريّة استعماريّة استيطانيّة ولدت من رحم النزعة القومية الأوروبية وليس من رحم الديانة اليهودية. هرتزل حسب يومياته لا يخضع لأي وازع ديني. (غارودي، 1998 ط2، صفحة 24)

لم يكن محور اهتمام هرتزل هو الأرض المقدسة على وجه الخصوص، فقد كان يقبل أيضاً أوغندا أو قبرص أو الأرجنتين أو موزمبيق أو الكونغو، ولكنه إزاء معارضة أصدقائه من المتدينين اليهود، أصبح يعي أهمية الأسطورة الجبارة. (غارودي، 1998 ط2، صفحة 25)

الصهيونية 

يربط سعادة الصهيونية بالاستعمار البريطاني ويقول في أولى مقالاته:

للصهيونيين جمعيات وفروع في جميع أقطار المسكونة تعمل يداً واحدة لغاية واحدة وهي الاستيلاء على فلسطين وطرد سكانها السوريين منها. ولو كان الصهيونيون وحدهم قائمين بهذا المشروع الخطير لهان الأمر، ولكن يعضدهم في مشروعهم هذا أعظم دولة بحرية وُجدت على وجه البسيطة إلى يومنا هذا.

كلٌّ يعلم العواقب الوخيمة التي تحلّ بسورية والأخطار التي تهدد البلاد فيما لو نجح الصهيونيون في مشروعهم. ومتى علم السوريون أنّ الدولة التي تساعد الصهيونيين هي الدولة الإنكليزية، علموا خطورة موقفهم وشعروا بشدة احتياجهم إلى التعاضد ورأوا أنه لا بدّ لهم من ملاقاة هذا الخطر المداهم بأية وسيلة كانت (سعادة، المجلد1، 2001، صفحة 11)

ويتحدث عن دعم القوى الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية للمشروع الصهيوني:

ــــ يزداد ظهور المسألة اليهودية في الجبهة الديموقراطية، فلا يكاد يمرّ شهر حتى نسمع بمؤتمرات وحفلات واجتماعات في بريطانية وأميركانية وأماكن أخرى تابعة لنفوذ الأمم المتحدة، تلقى فيها تصريحات وخطب من رجال مسؤولين وغير مسؤولين لمصلحة المطامع اليهودية في سورية. (سعادة، المجلد 6، 2001 ، الصفحات 269-274)

بعد قيام الدولة اليهودية في فلسطين يؤكد أن الصراع ليس فقط مع هذه الدولة:

تلك الدولة الجديدة تقف اليوم متحدية، يعلن أحد أقطابها أنها تستعد حربياً لتملك بقية أرض يحدّدها ما بين الفرات والنيل. نحن في الحزب القومي الاجتماعي كنا نعلم مدى مطامع الخيالات اليهودية الوقحة.

فالأمر ليس فقط مع تلك الدولة الجديدة المصطنعة. إنه مع الدولة الجديدة ومع دول عظمى وراء الدولة الجديدة! إنه صراع طويل وشاق.

(سعادة، المجلد 8، 2001 ، صفحة 371)

العنصرية بين اليهود والصهاينة 

بيد أنّ اليهود وخصوصاً الصهيونيين منهم يعتقدون كثيراً بالعنصر.

«قال أحد كبار المفكرين اليهود ما معناه إنني بمشاربي الأدبية ألماني وبأميالي الاجتماعية أميركي. فــ«شلّر» و«غويتي» و«كانت» لهم مقام سام في قلبي ولكنني مع كل ذلك يهودي بالعنصر. والحق أنه ألماني أميركي إذ إنه لم يترك للعنصر اليهودي ما يميزه به إلا الإسم».

ومن هنا نفهم جيداً مبلغ تعلق اليهود بالعنصر ونعرف لماذا يؤلفون مجاميع مضطهدة وسط أمم شتى. ولولا التشبث بالعنصرية الفارغة لما كنا نسمع اليوم بحركة يهودية صهيونية وبادعاءات صهيونية تُضحك الثكلى. (سعادة، المجلد1، 2001، صفحة 173)

الصهيونية والجماعات اليهودية

انتشار الأفكار الصهيونية بين اليهود المضطهدين 

الباعث على الحركة الصهيونية في الدرجة الأولى أفكار جماعة تريد أن توجد من يهود العالم المختلفي النزعات والمشارب والمتبايني الأخلاق والعوائد أمة إسرائيلية. ومع أنّ هذه العملية غير طبيعية، فإن انتشارها بين اليهود المضطهدين جعل لها صفة إمكانية الحدوث.

(سعادة، المجلد1، 2001، صفحة 174)

رفض سعادة الهجرة اليهودية لسببين:

1-هجرة خطيرة تحمل مشروعاً سياسياً يهدد الوجود السوري.

2-هجرة جماعات تحمل ثقافات متباينة ومختلطة لا يمكن هضمها.

الاستيطان اليهودي: أضاف عامل الهجرة اليهودية عوائق جديدة إلى العوائق التي ابتدأت بعد الحرب بتجزئة هذا القطر وإقامة الحواجز من جمركية وغيرها، فإن اليهود يأتون إلى هذه البلاد مدفوعين بدافع فكرة قومية غرضها الظاهر إيجاد وطن قومي لهم في فلسطين، الغرض الحقيقي الاستيلاء على فلسطين أولاً ثم الاستيلاء على بقية سورية مع مرور الأيام. فتضارب مصلحة مهاجري اليهود ومصلحة أهل البلاد أمر مفروغ منه.

(سعادة, المجلد1, 2001, p. 462)

إنّ أهم نقطة في مهاجرة اليهود هي أنّ لهذه المهاجرة غرضاً معيناً هو أن يحلّ اليهود محل السوريين في فلسطين وسائر سورية، وهو ما لا يمكن تحقيقه بالتعاون مع العنصر السوري إن في فلسطين وإن في لبنان والشام، بل إنّ تحقيقه لا يتم إلا عن طريق التضييق على المصلحة السورية ومقاومتها لكي تضعف أمام المصلحة اليهودية وتتخلى لها عن السيطرة الاقتصادية في هذه البقعة وفي الشرق الأدنى كله (سعادة، المجلد1، 2001، صفحة 463)

الصهيونية وفلسفة الاضطهاد

لمّا كان لا بدّ للحركة الصهيونية من مبرّر، لجأ الصهيونيون إلى فلسفات غريبة وقالوا إنّ اليهود يجب أن يتخلصوا من الاضطهاد على أنفسهم.

بيد أننا نعلم كما يعلم العالم كله كيف يعيش اليهود جماعات مستقلة وسط شعوب يأخذون من مالها وتهذيبها دون أن يفيدوها في شيء. (سعادة، المجلد1، 2001، صفحة 174)

حجة الاضطهاد طرحها هرتزل في مقدمة كتابه الدولة اليهودية الذي صدر قبل المؤتمر الصهيوني الأول ويقول فيه:

المسألة اليهودية توجد حيث يوجد عدد ملحوظ من اليهود، وحيث تختفي هذه المشكلة فمعناها أن اليهود قد هاجروا وحملوها معهم. ومن الطبيعي أننا نرحل إلى الأماكن التي لا نلقى فيها الاضطهاد، حتى إذا حللنا هناك فإن مجرد وجودنا في حد ذاته يولد الاضطهاد

هذه الحجة المقدمة تؤكّد أن المشكلة هي في اليهودية وليس فقط في الشعوب التي يقيمون بينها ويبقون منعزلين عنها.

هذا الانعزال للجماعات اليهودية سبب من أسباب الاضطهاد الذي كان يلحق بهم:

يقول سعادة:

لم يقم قط نابغة يهودي تمكن من أن يغرس في قلوب اليهود صفة التقرب من الشعوب التي يعيشون بينها، والتضامن معها في أعمالها الاجتماعية والعمرانية. فظلَّ اليهود بنوابغهم كاليهود بلا نوابغهم يعيشون كالحلميات آخذين من قلب الهيئة الاجتماعية بلا مقابل. أفبعد هذا يتذمر اليهود من اضطهاد الشعوب الحية لهم؟ (سعادة، المجلد1، 2001، صفحة 175)

اليهود الراقين يحذّرون من فساد الصهيونية

يوجد فريق من اليهود الراقين يفهم العلل وأسبابها ويعرف عقم دعوة الصهيونيين ويحاربها، من أجل اليهود كما من أجل الإنسانية جمعاء. وقد اشتهر من هذا الفريق مورغنثو سفير الولايات المتحدة السابق في تركية. وله في هذا المجال حملات صادقة أثبت فيها فساد الحركة الصهيونية من وجوه كثيرة. ولكن لا يمكننا أن ننتظر من هذا الفريق أن يشهر حرباً على الصهيونية، فذلك ليس من شأنه. (سعادة، المجلد1، 2001، صفحة 175)

قال مورغنثو عن الحركة الصهيونية إنها أعظم تضليل ظهر في التاريخ. وقال أيضاً إنّ اليهود وجدوا في البلدان التي يقيمون فيها أوطاناً لهم، فاليهودي الألماني وجد في ألمانية صهيوناً أخرى، واليهودي الإنكليزي وجد في إنكلترة صهيوناً أخرى، ومثلهما اليهودي الفرنسي واليهودي الأميركي الذي يمثله مورغنثو الذي لا يريد أن يترك صهيون أميركة ويتعلق بصهيون كان فيها أجداده منذ نحو ألفي سنة. (سعادة، المجلد1، 2001، صفحة 177)

يستخدم سعادة مصطلح الخطر اليهودي والخطر الصهيوني فالحركة الصهيونية هي حركة يهودية وهي تستند على اليهود في كل العالم وتعمل جاهدة ليكون كل يهودي صهيوني وقد تمكّنت من استقطاب غالبية اليهود بمن فيهم اليهود الأرثوذكس الذين كانوا يرفضونها. باستثاء بعض الجماعات الذين يرفضونها علنا مثل جماعة ناطوري كارتا وبعض المثقفين والمفكرين.

الخطر على الوجود السوري

إنّ الخطر اليهودي هو خطر على الدول السورية مباشرة وبالتالي خطر على وجود الأمة السورية وحياتها.

قضية اليهود الصهيونية تختص بسورية الطبيعية كلها. واليهود يرمون إلى التوسع باستمرار إلى أن يستولوا على سورية الطبيعية، ويقيموا فيها دولة قوية، وبعد ذلك يتوجهون إلى الاستعمار. فإنّ من تعاليم تلمودهم أن يفرضوا الجزية على الأمم بعد إقامة دولتهم في سورية وسيادتهم عليها!

(سعادة، المجلد 8، 2001 ، الصفحات 336-337)

لا ينحصر خطر اليهود في فلسطين، بل هو يتناول لبنان والشام أيضاً. إنه خطر على الشعب

 السوري كله (سعادة، المجلد 3، 2001، صفحة 196)

مواجهة الخطر اليهودي الصهيوني بالعمل الفدائي المقاوم

عند زيارة بلفور صاحب الوعد المشؤوم لسورية كتب سعادة مقالا تساءل فيه:

ماذا كان يحدث للحركة الصهيونية لو أصاب بلفور مكروه في سورية؟

«إذ لا يخيف اليهود شيء مثل الموت».

 لا يخيف أصحاب الحركة الصهيونية التهويل من بعيد والجعجعة، بل الشيء الحقيقي الذي يخيفهم هو الموت، ولو وُجد في سورية رجل فدائي يضحي بنفسه في سبيل وطنه ويقتل بلفور، لكانت تغيّرت القضية السورية من الوجهة الصهيونية تغيرا مدهشا. (سعادة، المجلد1، 2001، صفحة 191)

وفي رسالته إلى لويد جورج رئيس الوزارة البريطانية التي أعطت وعد بلفور، يتوقع حصول نتائج كارثية تطال العالم كله.

الحقيقة، يا مولاي، هي كما قلتم فإن أمورا عظيمة ــــ أموراً عظيمة جداً ــــ ستترتب على هذه المحاولة الأثيمة التي لم يعرف التاريخ محاولة أخرى تضاهيها في الإثم، وإني أطمئنكم بأن نتائجها لن تقتصر على فلسطين، بل ستتناول العالم أجمع، وأنّ عظتها البالغة لن تكون لبني إسرائيل فقط، بل لجميع بني الإنسان!
ومن يعش يرَ
(سعادة، المجلد1، 2001، صفحة 244)

اليهودية والصهيونية

أمة من يهود العالم فكرة عقيمة ونتائجها سيئة

لا نعترض على فكرة تأليف أمة إسرائيلية من يهود العالم، لأن اعتراضنا يكون إذ ذاك من قبل المداخلة في شؤون لا تعنينا. وإذا كان في إمكان اليهود أن يؤلفوا أمة واحدة فليفعلوا، ولكننا نرى من باب الشعور مع اليهود أن ننصحهم بالعدول عن هذه المسألة لأنها مسألة ليس من ورائها إلا تعب ووجع رأس، لأن الأمة لا معنى لها إذا لم يكن لها بلاد تمارس فيها معتقداتها وأفكارها. واليهود لا بلاد لهم فضلاً عن أنهم لا يكوّنون اليوم أمة واحدة هم في غنى عن تكوينها، لأنه لا مكان لها تحت الشمس. بيد أنّ الصهيونيين يريدون أن يكوّنوا الأمة الإسرائيلية مهما كلفهم الأمر، وأن يوجدوا لها مكاناً تحت الشمس، وهو المكان الذي خرج منه الإسرائيليون كما دخلوا ــــ هو فلسطين أرض الميعاد، وهذا أهم فصول رواية الصهيونية الغربية.

(سعادة، المجلد1، 2001، صفحة 174) 

سعادة يقبل باليهودية المجردة من مشروع الصهيونية السياسي

عدم الاعتراض على مجلس ملي لليهود في لبنان

قدّم عدد من اليهود المتذمرين من وضع المجلس الملّي طلباً إلى وزارة الداخلية للترخيص لهم بإنشاء مجلس قومي “يسهر على مصالحهم الطائفية”.

لا يوجد لبناني يريد أن يعترض على شؤون اليهود الملّية وأحوال معتقداتهم الخاصة. ولكن لا يوجد لبناني واحد يقبل أن يجري تساهل في أمر نشوء قوميات غريبة في لبنان.
فإذا كان اليهود يريدون حقيقة غرضاً ملّياً بحتا، فلا وجه لإيجاد صباغ قومي لهذا الغرض.

(سعادة، المجلد 2، 2001، الصفحات 211-212)

حل المشكلة الصهيونية بما لا يناقض مبدأ السيادة السورية

إذا كان السيد إسكندر المرّ يرغب في أن يكون واسطة بينك وبين القنصل البريطاني، ومن ثم يكون هذا واسطة للاتصال بالسفارة البريطانية، فإنّ ذلك يكون حسناً.
أما مهمتك فتكون:
1 ـ التأكيد للمفوضين البريطانيين أنّ الحركة السورية القومية هي حركة مستقلة وأنها الحركة الوحيدة التي لها قوة فاعلة من الداخل
2 ـ إنّ هذه الحركة المنظمة تقبل المخابرة مع الحكومة البريطانية والمفاوضة لوضع قضية السيادة السورية واستقلال سورية على قواعد ثابتة من الوجهة الإنترناسيونية ولتعيين موقف سورية في هذه الحرب.
3 ـ إنّ هنالك مسائل كمسألة فلسطين ومشكلة الصهيونية، فالحركة السورية القومية لا ترفض البحث لإيجاد حل لهذه المسألة لا يناقض مبدأ السيادة السورية.

(سعادة، المجلد 10، 2001 ، الصفحات 142-143)

رسالة إلى وليم بحليس

18/8/1941

سورية الجديدة

لكن الجريدة بقيت في شذوذها، وصارت تهتم بنشر صور الجيوش الألمانية وقوادها وزعيمي ألمانية وإيطالية أكثر من اهتمامها بنشر صور الحركة السورية القومية الاجتماعية وأركانها، وكثرت فيها المقالات الإذاعية لمصحلة المحور الألماني – الإيطالي، وفاقاً لخطط الإذاعة الألمانية، وظهر اهتمام الجريدة بمحاربة

اليهود في العالم، وإظهار عيوب السياسية الأميركانية والسياسة البريطانية وقلة اكتراثها بالمواضيع السورية البحتة وسياسة الحركة السورية القومية الاجتماعية التي تقول بمحاربة الصهيونية ومطامع اليهود في سورية، ولا يهمها بعد ذلك أن تحارب اليهود من أجل مصالح الحركة الألمانية الاشتراكية القومية، أو من أجل مصلحة الحركة الإيطالية الفاشستية وما لها من أغراض سياسية أخيرة لا تتفق مع أغراض النهضة السورية القومية الاجتماعية. (سعادة، المجلد 7، 2001 ، الصفحات 128-129)

قبول بالأقلية اليهودية تحت الحاكمية السورية

حديث إلى جريدة الوطن التركية

إن فلسطين جزء من سورية. وهي لا يمكن أن تنفصل عنها. يمكن أن نقبل بوجود الأقلية اليهودية تحت الحاكمية السورية وضمن حدود سورية. لكن لا يمكن ـأبدا الاعتراف بالاستقلال لهم(سعادة، المجلد 7، 2001 ، صفحة 279) 

المراجع

أبراهام مالمات، و حييم تدمور. (2001). العبرانيون وبنو اسرائيل في العصور القديمة. القاهرة: المكتب المصري لتوزيع المطبوعات.

إسرائيل شاحاك. (1995). التاريخ اليهودي، الديانة اليهودية، وطأة ثلاثة آلاف سنة. بيروت: بيسان.

أنطون سعادة. (2001 ). المجلد 10. بيروت : مؤسسة سعادة للثقافة.

أنطون سعادة. (2001 ). المجلد 11. بيروت : مؤسسة سعادة للثقافة.

أنطون سعادة. (2001 ). المجلد 5. بيروت : مؤسسة سعادة للثقافة.

أنطون سعادة. (2001 ). المجلد 6. بيروت : مؤسسة سعادة للثقافة.

أنطون سعادة. (2001 ). المجلد 7. بيروت : مؤسسة سعادة للثقافة.

أنطون سعادة. (2001 ). المجلد 8. بيروت : مؤسسة سعادة للثقافة.

أنطون سعادة. (2001 ). المجلد 9. بيروت : مؤسسة سعادة للثقافة.

أنطون سعادة. (2001). المجلد 2. بيروت: مؤسسة سعادة للثقافة.

أنطون سعادة. (2001). المجلد 3. بيروت: مؤسسة سعادة للثقافة.

أنطون سعادة. (2001). المجلد 4. بيروت: مؤسسة سعادة للثقافة.

أنطون سعادة. (2001). المجلد1. بيروت: مؤسسة سعادة للثقافة.

أنطون سعاده. (2024). الرسائل المجلد الأول. اوكسفورد: فوليوس.

جلعاد عتسمون. (2012). من التائه_ دراسة في الهوية اليهودية. بيروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر.

روجيه غارودي. (1998 ط2). الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية. بيرةت: دار الشروق.

شلومو ساند. (2014). اختراع أرض إسرائيل . عمان: الأهلية للنشر والتوزيع.

شلومو ساند. (2011). اختراع الشعب اليهودي. عمان: مدار المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية.

ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻮﻫﺎﺏ ﺍﳌﺴﲑﻱ. (2005). ﻣﻮﺳﻮﻋﺔ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ﻭﺍﻟﻴﻬﻮﺩﻳﺔ ﻭ ﺍﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻴﺔ-2-. القاهرة: arab-files.org.

عبد الوهاب المسيري. (2005). موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية4. القاهرة: النسخة الالكترونية arab-files.org .

غوستاف لوبون. (2009). اليهود في تاريخ الحضارات الأولى. الجيزة: دار طيبة.

 

د. يوسف كفروني

أستاذ جامعي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق