وباء كورونا… انطلق، تقدم، انتشر، اجتاح العالم وضرب في جهات الأرض كلّها.
الخبر… وقع كالصاعقة، فالتهم شاشات التلفزة ومساحات وسائل التواصل الاجتماعي، وهواء الهواتف وما تبقى من أسلاكها القديمة، وكالات الأخبار، مواقع الصحف … كلّها احتشدت وتوّحدت تحت راية كورونا على شبكة الأنترنيت.
أوقفت حكومات العالم برامجها المقررة، ألغت مخططاتها، عدّلت استراتيجياتها.
توقفت الطائرات عن الإقلاع، ماتت المطارات بعد أن تم إجلاء الرعايا وإعادتهم إلى منازلهم.
أُغلقت الأسواق والمحال، وتوقفت حركة الناس في الشوارع التي خيّم عليها الفراغ… التزم البشر منازلهم، التي أمست كالملاجئ، يستمعون بفزعٍ لمعلوماتٍ يتم ضخّها عن هذا الوباء العجيب، الذي أصبح وراء الباب! يراقبون عدّاد ضحاياه التي تتزايد على مدار الساعة.
قصصٌ وحكايا تُروى عنه وتُنسج،
خرافاتٌ وأساطير يتم تناقلها بهلع،
معلومات علمية، وأخرى تتنكر بمصطلحات علمية،
سوقُ معلومات وأخبار هائل، لا مثيل له، فتُح على مصاريعه،
بضاعةٌ من كل حدب وصوب ولون وصنف، وبدرجات متفاوتة الجودة والمستوى.
تجّار معلومات،
مروجو أخبار، بأقنعة واقية أو بدونها،
رؤساء دول وملوك وحكومات،
وزراء صحة وخارجية ودفاع،
منظمة الصحة العالمية والأمم المتحدة،
رؤساء بلديات ومخاتير
جيش وشرطة وأجهزة الأمن والمخابرات،
أطباء وعلماء فيروسات،
فنانون وفلاسفة،
رجالٌ عاطلون عن العمل بسبب الوباء ونساء خائفات منه، وأطفال بعيدون عن مدارسهم…
جميعهم وغيرهم يتناوشون ويتنافسون ويتبارون بمعلوماتهم:
كورونا الرهيب! بل الغريب! كورونا الطبيعي؟ بل المخبري!
كورونا الوحش؟ بل العادي؟ كورونا الطائر؟ بل الثقيل!
القاتل للشيوخ، بل للأطفال؟ بل لأصحاب الأمراض المزمنة!
الذي يُوقف القلب والكلى… كورونا المستجد دون توقف!!
معلومات … معلومات لا تتوقف، لكنها ناقصة، غير شافية..لا بدّ أن عالم العِرافة والتنجيم لديه ما هو مستور ومحجوب..
انتشر العرّافون وراء الشاشات، أكدوا ما كانوا قد تنبأوا به سابقاً وما جاء في كتبهم… تذمروا من الناس الذين لا يصغون إليهم!
يُصرّ الكثيرون: كذب المنجمون ولو صدقوا!، يعودون للوثائق والمراجع والكتب القديمة’ إلى أرشيف الصحف والمجلات…. بعضهم يؤكد أن اسم كورونا ورد في رواية، البعض الآخر يشير إلى كتب سياسية ووثائق استخباراتية.؟
هكذا، قُتل اليقين في هذا العالم، ذُبح وسحل ومُثّل بجثته!
ذات مرة، كتب الكولومبي الأشهر غابرييل غارسيا ماركيزكتابه: الجنرال في متاهته. ووفق أسلوبه الذي يدمج الخيال بالواقع، سرد وقائع الأيام الأخيرة للمحرر الكبير سيمون بوليفار، التي لم تكن سوى المتاهة. والآن هذا العالم القوي المتشاوف على الطبيعة والكون والخالق، في متاهته.
متى الخروج من المتاهة؟
ولكن إلى أين؟
بل، أين ذلك الباب الذي سنخرج منه؟ والذي ربما سيضعنا على مدخل عالم لن يُسمح لنا بدخوله والإقامة فيه، إلاّ إذا امتلكنا بطاقة هوَّية باسم: ملّقح، التي تثبت ابتلاعنا للقاح ضد الكورونا أو لشيْ آخر؟
من يدري؟ ماركيز مات من زمان، لم يعد الجنرال وحيداً، العالم كله في متاهته؟
دائما متألق اتمنى لك التوفيق الدائم والنجاح المستمر
جميل جدا ومقالة تطرح أسئلة جوهرية بجائحة كورونا