جماليات
- يونيو- 2021 -26 يونيو
الرصيف رقم 7
الفصل الأول رفع ياقة قفطانه الأسود الطويل الذي يتدلى إلى أدنى من ركبتيه، ليغطي أذنيه المتقرحتين ويحميهما من تلك الرياح القارصة القادمة من جبال الألب في الجنوب. فرك يديه المحميتين بقفازات صوفية مهترئة بالكاد تحمي أي شيء من كفيه من برد كانون الثاني وصقيعه الذي أتى متوحشاً في ذلك الشتاء من عام 1913. نقل يديه ووضعهما فوق القفص المعدني الممتلئ بالحطب، والذي وضعته إدارة المحطة ونشرته إلى جانب العديد من الأقفاص الأخرى على رصيفها لتحمي المسافرين والمتسكعين من برد شتاء فيينا. كان الحطب يشتعل ببطء قاذفاً إلى الأعلى دخاناً أسود وأبيض كثيفاً يشير إلى رطوبته العالية. أحسَّ بالحياة تدب في…
أكمل القراءة » - 20 يونيو
رعوية
[ كتب وليد الهليس، هذه القصيدة، قبل الحرب الفلسطينيّة – الاسرائيليّة الأخيرة، ومع ذلك يخالجني شعور قويّ، أنّه اختار في نهايتها، أن يكون (استطلاعياً)، وراء الخطوط، عندما فكّر بـ (الحجارة) وهو يصلّي، لتفتح قدمه الطريق، ليدٍ / سيف… صليله يبرعم جرد الغصون أكثر من مزمار خَجِلٍ… وإن كانت بُحته رياحاً من الحنان. وليد الهليس، كان خلف الخطوط قبل المعركة. ن. سلّوم] ذاك بيتي وهذا سياجي لا طريق انا الغريب الأرض جمرة التيه ورماد الرياح لا قدم تهتدي ولا عين تصل لا حصان تحتي ولا سيف في يدي غير عصفةٍ منكِ تعبر مزماري وتخرج مثخنة بالغناء تحت سُترتي، بين عظام أضلعي…
أكمل القراءة » - 14 يونيو
من (الإبحار إلى الشرق) إلى (الإبحار إلى بيزنطة)
الشاعر السّوريّ خليل سلّوم… ليس من السهل أن تختصر سيرة رجلٍّ كان في أكثر حياته ملء السمع والبصر، وكانت سيرته مكتظةً بالعلم والفكر والثقافة والأدب في صفحاتٍ معدودةٍ. ومن ثمّ كان من المناسب التنبيهُ هنا على أن المقام قد اقتضى أن يكون الكلام إشاراتٍ تشبه أن تكون عناويناً أو رؤوس أقلام: لأنَّ استيعاب الديوان (324 صفحة) والإحاطة به بتفاصليه وتفريعاته في مقام الاختصار شيءٌ متعذرٌ، وما لا يُستطاع كلّه، لا يُترك جلّهُ. فهذه الدراسة المختصرة هي بمثابة قيمة تعريفية للجيل الجديد، أكثر منه إيفاء حقّ الشاعر. تتمحور الملاحظات التالية حول نصين شعريين متفاويتين كلّ التفاوت في ظروف الزّمان والمكان، وفي…
أكمل القراءة » - 6 يونيو
داروين يودّع القردة… ويأتي وحيداً!
[يُقحم هزّاع شمالي، تشارلز داروين في مراجعة مستعجلة لـ (أصل الأنواع). سيقرر في نهايتها ترك القردة المدمنة الرقص فوق الأشجار، ومغادرة الغابة وحيداً. على أنَّ تحميّل النص بثلاثيّة الامبراطور قسطنطين، والبابا كيرلس والبطريرك نسطور، سيضع داروين مجدداً على طريق (أفسس) التي أمامه، فيما الغابة وسكانها وراءه… أين المفرّ؟] ن. سلّوم. بين عذاب الماء وشهوة الموز، تعودتم التفريغ يا قردة…! من مسلوبين سَلبتم متاع الدنيا يا جراثيم العاع الوطني، محشورين في علفه المطهو بمزاميره على ناره: رهاباً معتّقاً مشبوحاً يا قردة…! الأمر كلّه تلبيس، أعني إبليس رؤيا الظنون في سفر حبقوق لذات منهكة باطل، من تحته باطل، ومن فوقه باطل يا…
أكمل القراءة » - مايو- 2021 -10 مايو
القول الملتزم وإنشاء الحياة
مقدمة قُدّر لي أن أتعرّف إلى عظيمين مظلومين من بلادي.. وهذان المظلومان مبدعان.. متوقِّدان… سرى وهجهما الفكري والسياسيّ والفنيّ إلى قلب الأمة… ومع ذلك فلا يزالان مظلومين على الرغم من أنّ كلاهما قد أسس حزباً سياسياً رائداً… فأُعدم الأول رمياً بالرصاص ظنّاً من رجال السلطة يومذاك أنّ في إعدامه تغييباً لصوته ولمنهجه في الحياة.. وشُرّد الثاني.. وجاع.. وماتت أمّه دون أن يستطيع شراء دواءٍ لها.. وكاد يُعدم جوعاً لولا أن تداركه الله بالرئيس حافظ الأسد الذي أعاد إليه في أواخر أيامه بعضاً ممّا خسر، في شبابه.. وقد يكون هو من أمر بطباعة مؤلفاته كامة.. ولولا ذلك لضاعت دون أن تضوع.…
أكمل القراءة » - 9 مايو
فايز خضور: طائرٌ حرٌّ في سماء سورية
سِرُّ الخروج من الحصار -1- عندما ترتفع الجدران حولك، من كل الجهات، محاصرةً وجودَك وحياتك، ومنهكة أفاقك، بدعوة أولئك (المبشرين) بارتفاعها في السماء أو انغراسها في الأرض… عندما تكتمل حلقة الحصار، وتبدأ بالانكماش الوحشي زاحفة رويداً… رويداً لتطبق على صدرك، وتشلّ حركتك ولتحاول قتل أنفاسك. لا يكون لك بدٌّ من: الغناء. الغناء؟ وحده، من يريك كيف تلوي الجدران خواصرها وتلوذ بعيداً مرعوبة من موسيقى الروح، وكيف تتكسّر حلقة الحصار وتتفكك أواصرها كلما تَواصَلَ الإنشاد داكّاً أساساتها، ولاحقتها الكلمات… الغناء؟ وحده، مَن يضعك، مرة جديدة: خارج الأسوار. -2- يعرف فايز خضور، هذا (السرَّ) ويمتهنه، منذ أن دَندن ودَوزن أُولى إيقاعاته من…
أكمل القراءة » - 5 مايو
أغنية الظل
[ يأخذ وليد الهليس بنصيحة جلال الدين الرومي، فلا يتظاهر بالعَرَج، ولكنه يخالف توصيته بصعود السلّم الواصل إلى السماء درجة بعد درجة. انخطافٌ خارج المعنى السميّك، كافٍ لتأسيس معنى يوحّد الحقيقة بالخيال. آنذاك سينخطف من بأعلى السلّم باحثاً عن عشقه في حريق أزليّ مشعّ يسكن قلباً هو المعنى الذي لا يرى سلّماً… ولا أعلى … ولا أدنى.] ن. سلّوم. أغنية الظل السماء بعيدة وأنا لهفة أُوقدت نارها مخطوف بمواعيد لا تجيء من يدلني عليه؟ مَن يبلُّ روحي كرمة لأكمل غنائي؟ ما زلت أناديه أصعد الجبل مترقباً نزوله لأسقيه من كرمتي وأقرأ عليه آخر مزاميري إذا نعس نام في خيمتي…
أكمل القراءة » - أبريل- 2021 -21 أبريل
حالة راهنة
حالة راهنة (مشهدٌ واحدٌ من مسافتين) I شرفة من شاغر الفراغ المحدّث حكماً، تستمد التيارات الصاعدة والهابطة، عبثها. في بحرٍ بلا رؤوس، بلا خلجان، بلا مرافئ، بلا شطآن … دوارات من الخلاء تبتلعنا وتتقاذفنا. مولدة مع كل زوغان، زوابع مغشية القيم والمفاهيم تليق بمحور الغرق … في الاستعصاء المتوسّل ثوب القدر… الشرُّ أفضل من الغباء…! الشرّ … يستلزم نفقاً أخلاقياً، وقوة إرادة، وروح مغامرة. الغباء… يذعن للغرائز كأي حيوان في حظيرة، ورث سياج صاحبها، مقتنعاً أنه يتفاعل باسم الحق، على طريق الخير المؤدي للجمال. يلوك افتخاره باستمرار، ويخرخر انتصاراته ويستعرض قدرته على سحق جميع أولئك المختلفين معه ولو بمذاق الطعام…
أكمل القراءة » - 14 أبريل
وصيّة
[لا يتظلّم وليد الهليس كـ (يوسف)، شاكياً إخوته القساة لأبيه، بل يرى إخوته/ شعبه، ربما الإنسانية، خارج المعنى وتحت مقصلة مسمومة تتجه نحو الجذر. هو لا يكتب وصيّة ويمضي بعيداً، بل يقف على رصيف الأفق، يبشّر كـ (نبي) جبران قبل أن تنصب سفينته شراع السفر…]ن.سلّوم. وصيّة آه يا إخوتي؛ كم أنتم قريبون قرب الجذر للطين والليل للأعمى. أنا الغريب القلب وأنتم ألفتي أسمع أصواتكم في الليل أرى ضوء عيونكم وأهجس ما حولكم مخيف! حتى الهواء يحمل اللوعة بين لوزتين، يحمل السموم. هي الفأس فوق الجذر والمخلب في الهديل كيف ننجو إذا فسد القلب والبذرة؟ عندما…
أكمل القراءة » - 4 أبريل
عن مأساة الرجل الذي عرف الكثير
الفصل الأول رفع ارثر ماثيوس دي اوليفيرا كارفالهو كأس النبيذ ببطء إلى فمه، أخذ جرعة صغيرة دفعها بلسانه إلى أطراف فمه، تمضمض بها قليلاً ثم ابتلعها، وأطلق تنهيدة ارتياح. تأمّل تلك الزجاجة المغبّرة التي أحضرها ساقيه من قبوه الحجري الرطب مستلقية في سلة قش خاصة بها، وفكر وهو ينقر بطرف اصبعه على كأسه نصف الملآن، الآن لا شيء ينافس جوده نبيذ شادويك من وادي مايبو في تشيلي، ربما هو الأفضل في العالم .أعاد تثبيت قبعته المصنوعة من القش على رأسه ودفعها قليلاً إلى الأمام ليحجب أشعة الشمس التي ابتدأت بالغطس في أعماق الاطلسي عن عينيه امام ذلك الجزء من الخريطة…
أكمل القراءة »