د.حاتم سلّوم
- يناير- 2024 -4 ينايرجماليات
أمسيات الزويتينة
الدنيا بدايات ربيع 1986، في الزويتينة، هذا المساء كان علينا أن ننتظر عودة أخي نزار من سفره. كنت قد انتهيت للتو من إنهاء واجباتي المدرسية. في الأفق البعيد بدت الشمس كسولة نوعاً ما في ذهابها لحضن البحر، ها أنا أستعجلها، نزار سيصل بداية المساء، هكذا أعلن لنا أبي، ها هو يزرع دارنا بخطواته المتوترة منذ بداية الظهيرة، فيما لا تنفكّ أمي عن تأنيبه، وإفهامه أن لا فائدة من هذا المشي المتواتر الذي يفقدنا أعصابنا وينذر بالشؤم…! يجب أن أعترف لكم هنا أنَّ أبي لم يتوقف يوماً عن قلقه هذا، وأنَّ أمي لم تتوقف هي أيضاً عن زجره لهذا القلق غير المبرر حينما يتعلق الأمر بسفر أحد أبنائهما… أخيراً… وصل نزار، عندما عانقته لمحت بطرف عيني رزمة من صناديق ينزلها من سيارته، أعرف الآن أنها مجموعة كتب سيضيفها إلى مجموعته التي لن تنتهي، رغم إلحاح أمي وانتقادها الدائم إلى يومنا هذا أنه بدد ثروته في شراء كتب لاتسمن عن جوع!!…
أكمل القراءة » - أكتوبر- 2020 -3 أكتوبرجماليات
جسرٌ معلّقٌ بأهداب الحنين
[قبل أن يكون الجسر خشباً، أو حديداً، أو اسمنتاً يصل بين ضفتين… كان فكرة وثقافة. الجسر، بهذا المعنى، رؤية إلى الانسان بوصفه واحداً غير منفصل بانهدام جغرافي، والأهم بانهدام ثقافي/أخلاقي/قيمي/ يكون حائلاً دون بناء أي جسر على الإطلاق. وهدم الجسر قبل أن يحصل بالـ (ديناميت) الذي يحيله إلى ركام، يحصل بـ (ديناميت) ثقافي، يتم صناعته في مختبرات فكرية مغلقة، غير قابلة لتبديل أو تعديل أدواتها، وغالباً ما تكون مختصة بإنتاج العدم الإنساني، غير القابل لحمل منظومات قيمية تدفع إلى إعلاء أعمدة الجسور التي تحيل الإنسانية إلى أفق واحد. الحروب، التي ثقافتها تعود إلى مرجعيات ثقافية من هذا القبيل، تستهدف الجسور الثقافية والاجتماعية والأخلاقية بوصفها عدوها الأخطر …. تحاول نسفها لتبني بدلاً منها جدراناً سميكة كي تعزل أطرافها، وكي يقيم أي منها خلفه. في السنوات الماضية نسفت الثقافة التكفيرية جسور الوحدة الاجتماعية في برِّ الشام، فيما قامت عصاباتها بنسف الجسور الواصلة بين ضفتي نهر الفرات بالـ (ديناميت). الجسر المعلّق في دير…
أكمل القراءة » - أغسطس- 2020 -21 أغسطسالعالم الآن
الجيش الأبيض يفقد جنوده…!
في الأيام الأولى لاجتياح وباء كورونا للبشرية، وارتباك الدول الكبرى والصغرى في تنظيم قدراتها للحدّ من توسّعه وانتشاره، بدت سورية خارج هذه الحملة الشرسة لفيروس لا يطلب التعرّف إلى الهوية، عندما يختار ضحيته. ورغم ذلك ذهب الظن بالكثير من الناس للقول بأن الحصار المضروب على سورية جاء في صالحها هذه المرة! الأرقام الرسمية لم تكن تشير إلى إصابات بالمرض، والإجراءات لم تربك حركة العمل، ولا شيء يثير القلق، بل ثمة ارتياح عام بدا وكأنه تعبير عن أن سورية خارج نطاق الفيروس وقدرته؟ منذ أسابيع عدّة، بدأت تتسرب الأخبار المؤلمة: كورونا يضرب في سورية دون رحمة! هي ليست في مأمن إذاً؟ الإصابات تتزايد، الضحايا بدأت صورها بالتداول، الناس لم تأتلف مع متوجبات الحماية، الحكومة لم تأخذ أية إجراءات استثنائية…؟ وماذا بعد؟ بدأ الجيش الأبيض / الأطباء، خط الدفاع الأول والأخير، يفقد جنوده واحداً تلو الآخر في ملحمة لا تزال فصولها تتوالى… من نافل القول أن َّخسارة أطبائنا في سورية، واحداً بعد…
أكمل القراءة » - يوليو- 2020 -3 يوليوالعالم الآن
كورونا، ضيف بيتنا الثقيل…!
انتصر حاتم سلّوم على فيروس كورونا في مرتين متتاليتين: الأولى، في مواجهته المباشرة معه، حيث تمكّن من تنظيف جسمه منه، وطَردِهِ من بيته وحماية عائلته من خطره، والثانية، عندما قرر، بشجاعة وكبرياء، أن يدع قلمه يؤرخ لهذه المعركة، ويضع قصته في متناول الجميع: الأهل والأصدقاء والرأي العام. حاتم سلّوم، طبيب في أحد مشافي باريس، كان على رأس عمله عندما اكتسح كورونا إيطاليا والشرق الفرنسي، آنذاك، كان لديه الخيار بأن يعتذر عن مواصلة العمل، خصوصاً أنه تعرّض لضغوط متواصلة من جهة أهله وعائلته، كي يترك العمل مبتعداً عن ( مكان الخطر )، غير أنه، إنسانياً وأخلاقياً والتزاماً بتعهداته المهنية، واصل عمله في المشفى الذي بأيام قليلة تحوّل إلى ( بؤرة للوباء )، بفعل العدد المتزايد للمرضى الذين يتم استقبالهم على مدار الساعة. كانت أحداث تلك الأيام، بمثابة معركة شرسة… الطبيب حاتم كان متوضّعاً في أحد خطوط الدفاع الصحية، عندما أصيب بـ ( رصاص فيروس موجّه )، فأصبحت معركته بوضعية الالتحام الكامل،…
أكمل القراءة »