نظام مارديني
- ديسمبر- 2023 -2 ديسمبرجماليات
الشاهد الأعمى” للشاعر مردوك الشامي”
يضع الشاعر والناقد الأدبي مردوك الشامي، قارئ ديوانه الجديد “الشّاهد الأعمى” في مواجهة أحداث مستلـّة من الواقع الحي، ينكأ التوغل فِي مفاصلها جراحاً تنزّ دماً ومواجع. فهو يعزف على أوتار الألم السوري والعربي من خلال تجسيد معاناة شخوصه وهم في مواجهة ظروف قاهرة أفضت إلى نتائج أخلاقية مروعة وخطيرة. ومجموعته هذه إنما هي سيناريوهات كتبت بدموع ودماء ووجع إنسانها بوصفه عقلاً ووجداناً وحسّاً. ولأنها تنتمي إلى الزمان والمكان فقد ولدت من جدلية: قصر من رمال وكوخ فقير الحال، كما جاء على الغلاف الأخير للديوان. إنَّ عنوان هذه المجموعة “الشّاهد الأعمى” موحٍ وشديد الدلالة الرمزية وهو إذ يوشي بحجم المعاناة التي عاشها إنسان هذه البلاد، المسكون بالحزن، والمكوي بشواظ نارين: نار الحرب والدمار والقتل الممنهج… ونار الإرهاب والظلم معاً، ويمكن القول بأن تلكم “الشواهد” إنما جمعت بين المادي والمعنوي اللذين اقترنا معاً في اندماج مثير لتشكيل رؤية واضحة تؤطّر لموضوع كبير، على القارئ للمجموعة الانشغال بفهم أجزائه غير المصرّح بها. الدّيوان…
أكمل القراءة » - نوفمبر- 2023 -13 نوفمبرالعالم الآن
فلسفة المقاومة الجديدة
لا نريد أن نجلد مواقف القادة العرب بعد قمة الرياض مما يرتكب من عدوان همجي وجرائم حرب في غزّة بعد عملية “طوفان الأقصى” للمقاومة الفلسطينية. فهذه المواقف لم تستمر بالسلبية نفسها، إنما ساءت أكثر. وقد عبرت رئيسة وزراء العدو السابقة “غولدا مائير” ذات يوم عن هذه المواقف أفضل تعبير (بعد حرق الأقصى في آب/ أغسطس 1969)، قائلةً: “لم أنم طوال الليل، كنت خائفة من أن يجتاح العرب إسرائيل أفواجاً من كل مكان، ولكن عندما أشرقت شمس اليوم التالي، علمت أن باستطاعتنا أن نفعل أي شيء نريده”.. ولا ننسى أنها نفسها من قالت بأنها تتمنى أن تستيقظ يوماً ولا تجد “طفلاً فلسطينياً واحداً على قيد الحياة”، وفعلاً فإن استهداف الأطفال الفلسطينيين واغتيالهم قرار سياسي ساري المفعول دائماً وأبداً، وهكذا تستمر محرقة أطفال فلسطين وقد تجاوز عدد الضحايا من أطفال غزة والضفة الـ 5000 ضحية. قبل كل شيء علينا الاعتراف بثوابت سياسيَّة تاريخيَّة لن تتغير أمنياً وعسكرياً واقتصادياً؛ كونها تمثلُ أداءً استراتيجياً…
أكمل القراءة » - أكتوبر- 2022 -18 أكتوبرجماليات
مقامات التراث في تجريد لوني
عندما يكون الحديث عن الفن التشكيلي نابعاً من وجود واكتشاف الذات التراثية فإننا لن نذهب بعيداً إلى مناطق وروحية الفن دون المرور بالكثير من الأسماء التي أخذت على عاتقها إحياء الفن ونقده وتطويره، ولعل من أبرز تلك الأسماء يحضر اسم الفنان والناقد التشكيلي اللبناني “محمود أمهز” الذي صاغ فضاءً تشكيلياً من طبيعة رقشية هادئة تبعث على التأمل بفضل تألق اللون وتراكمه ما ولّد انطباعات، وإيحاءات بصرية، واضحة وحكيمة. بل ولا يمكن، عند النظر في أعمال الفنّان أمهز، تحييد القيمة البصريّة الّتي تحملها عن الرؤية الفكريّة والفلسفيّة، الّتي تتكوّن على شكل أسئلة أو إجابات يظلّ البصر – أو للدقّة – المخيّلة البصريّة، الوحيدة القادرة على تمثيلها. حياة هذا الفنّان الكبير ومسيرته يشكّلان باعتبارهما حدثاً ممتدّاً، وفرصة كافية نسبيّاً لقراءة تأمّليّة في الثقافة التشكيلية في لبنان؛ فالتشكيل عنده نصّ طويل مليء بالدلالات، سيشعر الناظر أمامه بحيل المكان، وتساؤلات عن الحقيقة أو الوهم لِما يراه. وهي خيوط ومساحات منمنمة مفتوحة على آفاق واختبارت…
أكمل القراءة » - يوليو- 2022 -6 يوليوالشرع الأعلى
مغامرة العقل الثانية
قراءة فكر أنطون سعاده من منظور فلسفي ومن زاوية الدراسات فن، ولكنها ليست فن الممكن، مادامت تتحرك ضمن فضاء الخيال وتتغذى على السؤال ودهشته، فكل قراءة هي جواب على تساؤل ما، وبهذا المعنى هي تفكير إشكالي يتأسس على الهدم والبناء، تفكير لا يروم إعادة استنساخ الواقع كما هو، بل إبداع جديد للواقع. من هنا ستبدو القراءة مسكونة بتساؤلات جوهرية: كيف يمكن مواجهة واقع وطننا في جانبه المأساوي؟ وهل من الحكمة أن يتنازل الإنسان عن أحلامه وعن هويته ويرضخ لشهوة الأصنام وتناقضات الواقع التي حطمها سعاده؟ وهل الهروب من الواقع إلى الخيال والتحرر من “اللوغس” وضوابطه المنطقية والسفر في عوالم “الميثوس” جنون أم حكمة؟ أسّس سعاده عبر استشهاده حالةً من الحضور المعرفيّ تمثّلت أوّلاً بإنتاج معرفة “مزعجة” فكّكت ما وراء الوجه البشريّ المتوحّش الاستبدادي/ الاستعماريّ، ومكّنته من أداء دور سوسيولوجيّ العموم، أي السوسيولوجيّ الّذي ينتج معرفة عن الناس/ المجتمع. إنّ لغة سعاده لحظة استشهاده ليست أبداً بتلك اللغة الصعبة، بل…
أكمل القراءة » - 1 يوليوالعالم الآن
حروب الطاقة الروسيّة الأطلسيّة
كشفت الحرب الروسية الأوكرانية المباشرة، ومن خلفها الحرب الباردة الجديدة، مدى تزييف الوعي الذي اتبعته الولايات الأميركية وحلفاءها من الدول الغربية، ما أفرز خلطاً في المشاهد يصعب فرزها لفحصها وتحليلها، وهدف هذا الخلط المتعمّد تضليل وتزييف الوعي الذي أعشى الكثير من العقول عن رؤية حقيقة ما يجري على الأرض. فالرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” أحكم اللعبة السياسية مع أوروبا وأميركا من خلال هذه الحرب. فروسيا تبدو أقوى من الاثنتين اقتصادياً ولوجستياً وغذائياً وفي موارد الطاقة، ما يجعلها في وضع أكثر أماناً. وبات بوتين يتحرك بأريحية كاملة على الأرض ولا يحاصره الوقت بينما المعسكر المقابل لا يملك شيئاً من هذه المكاسب والميزات، وما هي إلاّ أشهر ويحل فصل الشتاء وتصبح كل أوروبا ومعها أميركا مهددة ومحاصرة بنقص الغذاء والطاقة. لقد بات مؤكداً أن استمرار الحرب يضر بالولايات المتحدة وحلفائها أكثر مما يضر بروسيا، فكلما طال أمدها دفعت واشنطن ومعها حلفاءها ثمناً أكبر. فاقتصاد اميركا يسير نحو الركود بسبب التضخم وعملتها عرضة للانهيار…
أكمل القراءة » - يونيو- 2022 -4 يونيوجماليات
نعيم تلحوق في: أرض الزنبق
تتوغل رواية “ أرض الزنبق” للشاعر/ الفيلسوف اللبناني المتصوّف “نعيم تلحوق”، بعيداً في اللغة، وحيث لا يمكننا هنا حصر قراءتها من دون أن نكتشف، ومنذ صفحتها الأولى تلك الحياة التي تنبض بذكريات متناغمة داخلية قلقة وموحِيَة، ولهذه الذكريات لحظات نتوقّف فيها عن الانتظار، حيث تحتل الصور البلاغية مكانة هامة بين صفحة وصفحة، وهو الذي احترف اللغة “بلاغة في جسد الحياة كما في جسد الحروف” ص82، خصوصاً وأن الصور في هذه الرواية هي جوهر هذا النص العميق، وبؤرته الفنية والجمالية، وكأنه خيط الضوء الّذي يمرّ خلال هذا الفضاء الواسع من العمر، حيث الضوء لا ينطفئ.. ولن ينطفئ. التحليلُ الفلسفي للروابط الإنسانية في المجتمع العائلي يُمثِّل اختباراً وجوديّاً للعلاقات الاجتماعية، وتفكيكاً لعناصر التقاليد التي تُسيطر على ماهيَّة الوَعْي الإنساني، وتشريحاً لِجُزَيئات العقل الجَمْعي الذي يُسيطر على المفاهيم السائدة في حياة الفرد ومسار العائلة والمجتمع، والوَعْي الإنساني صِفَة مُمَيِّزَة للوجود الفردي والجماعي، ولهذا رأينا كيف تفجر بركان ذكريات “تلحوق”، لقد: “تفتح وعيي على…
أكمل القراءة » - أبريل- 2022 -5 أبريلالعالم الآن
روسيا فوبيا
هل أسقط القيصر الروسي “فلاديمير بوتين” كذبة الديمقراطية الليبرالية بـ “الضربة القاضية” على الحدود الأوكرانية البولندية التي تعرض اللاجئون فيها، العرب والأفارقة، إلى سلوك عنصري عرقي قميء، وحيث لجأ الخطاب السياسي إلى أقنعةِ، وتضمن صيغاً للمرور ناقلاً معه حمولات أيديولوجية معتادة؟ لعل الجواب هنا يأتي أيضاً بصيغة السؤال على لسان أحد أبرز زعماء النظريّة النقديّة المعاصرة، الفيلسوفة الأميركية جوديث بتلر، وهو “كيف يمكن أن نعيش حياة حقيقية ضمن حياة زائفة؟”. أي لا حياة حقيقية داخل عالم مبني بشكل واسع على اللامساواة والاستغلال والاقصاء كما تشير إليه بتلر في أميركا وأوروبا. السؤال الذي طرحته الحرب في أوكرانيا كشفت من خلاله أن العدالة والمساواة لم تكن أصلاً حقيقية، وشكل الوصم العرقي انتهاكاً للحقوق المتساوية، وهو لذلك سيبقى سؤالاً يتردد لسنوات وسيرافقه انقسام عالمي، عمودي وأفقي كبير، على الصعيد الإنساني، خصوصاً وأن كذبة العدالة الاجتماعية كان قد سبقها منذ أكثر من عقدين خطاب الكراهية و”الإسلاموفوبيا” وصولاً راهناً إلى “روسيا فوبيا”. في مقالة له،…
أكمل القراءة » - أكتوبر- 2021 -18 أكتوبرالعالم الآن
حروب الغاز المكشوفة والمستترة
بعد إطلاق مشروع «سايكس ـ بيكو» نهاية الحرب الأولى، والذي قسم جغرافية سورية الطبيعة إلى كيانات متواجهة، شهدت هذه المنطقة تحولات جذرية بدأت مع إنشاء الكيان الصهيوني، الذي جلب المستوطنين من كل أصقاع العالم، بناءً على أسطورة توراتية خرافية، وانتهت بأن شهدت كيانات هذه المنطقة انقساماً عمودياً على صعيد المجتمع الذي بدأ يتحوّل من كونه ذي هوية واحدة في وطن واحد، إلى «مجتمعات» و»هويات» متعددة. وما ساعد على ذلك أن حكومات هذه الكيانات غيّبت مفهوم المواطنية بشكل صارخ ما أوصل البلاد إلى ما يشبه حروب مشاريع تفتيتية وفكرية… وصولاً إلى الحروب الأهلية المتنقلة، من دون أن تكترث بإرساء قواعد جديدة لوحدة الحياة لمجتمع واحد في دولة قومية وهوية سورية واحدة. شكّلت منطقة سورية الطبيعية بكياناتها الهشة وتعدديتها الشديدة الحساسية، عرقياً ودينياً ومذهبياً، محور (العقل التلمودي) منذ السبي البابلي وحتى الآن، حيث تكثر المشاريع ونحن في الألفية الثالثة، ومنها مشاريع الطاقة التي كانت سبباً في احتلال العراق والحرب على سورية. غير…
أكمل القراءة » - يوليو- 2021 -17 يوليومسار جلجامش
سيرة الذاكرة
“الحضارة: في كل بيت مكتبة”ّ/ سعيد تقي الدين ربما تأخرتُ كثيراً في الكتابة عن مكتبة اللواء (تأسست في العام 1946، وقد أخذت أسمها تيمنًا بلواء أسكندرون السليب) المتربعة في وسط مدينة القامشلي (شمال شرق سورية) وعن صاحبها التسعيني الشمعة من العمر والتاريخ، أنيس حنا مديواية، الذي أراد للمكتبة أن تكون حافظة لذاكرة المدينة والعالم، وكما ذهب الباحث “ابراهيم محمود” في وصف علاقة “مديواية” بالمكتبة قائلاً: “صورته تمتزج مع المكتبة في تشكيل تاريخ موحد وبث ثقافة متنوعة”، غير أن السؤال الذي ظل يراودني هو: لماذا لم نكن قادرين على إظهار ذاكرتها المضيئة حتى الآن، إلاّ من بعض المحاولات التي تقدر وتحترم من قبل أبناء المدينة والمهتمين؟.. طبعاً هذا لا يعني أن الكتابة عن المكتبة لم تكن في وارد الكثيرين من أبناء المدينة، ولعلي هنا أذكر حديثنا أنا والشاعر “مردوك الشامي” عن ضرورة حفظ ذاكرة المدينة من خلال الكتابة عن مكتبة اللواء وأستاذنا جميعاً “أنيس مديواية”…وأذكر أيضاً، ما قاله لي يوماً الشاعر والروائي…
أكمل القراءة »